كتب حمادة فراعنة في صحيفة الدستور.
ما تفعله المستعمرة، بالفلسطينيين، ومن ثم اللبنانيين، وتستكمل أفعالها مع السوريين، ليس إنهاء سيطرة ايران وتقليص نفوذها في الشرق العربي، وهي تفعل ذلك لا شك، ولكنها تفعل كل هذه الجرائم بحق العرب في فلسطين ولبنان وسوريا، من أجل هيمنتها وتسلطها وتوسعها وفرض مشروعها الاستعماري التوسعي على كامل خارطة فلسطين أولاً، ومن ثم التحكم بدول الجوار، باتجاه أن تكون هي مركز النفوذ والقوة والقرار السياسي، تحت عنوان : «شرق أوسط جديد»، شرق عربي تسيطر عليه، تفرضه بقوة قدراتها العسكرية المتفوقة، بفعل الدعم الأميركي غير المحدود لها.
لقد سبق للمستعمرة أن خططت وعملت وساهمت على تدمير العراق باحتلاله من قبل الأميركيين، وحل الجيش العراقي وتصريفه وجعله قوة غير إقليمية، في مرحلتين الأولى عام 1991 على خلفية تحرير الكويت، بعد الخطيئة الكبرى التي فعلها صدام حسين، ووقع بها، ولا زلنا نعاني منها، وندفع ثمنها كعرب في المشرق، والمرحلة الثانية عام 2003 بإنهاء نظام البعث وصدام حسين، وزوال العراق كقوة عربية إقليمية يُحسب لها الحساب.
في عام 2011 كانت المحطة الأولى في إنهاك سوريا واستنزافها، ولولا التدخل الثلاثي: الروسي الإيراني اللبناني من حزب الله، لما تمكن نظام بشار الأسد من الصمود والبقاء، وحينما تم استنزاف حزب الله باغتيال قياداته العسكرية والسياسية، واستنزاف روسيا في حرب أوكرانيا، لما تمكنت المعارضة المسلحة من الاستيلاء والسيطرة والتوسع نحو دمشق وإنهاء النظام.
المستعمرة خططت وعملت ونفذت تدمير قدرات المقاومة الفلسطينية في غزة، وحزب الله في لبنان، وها هي تستكمل ذلك بتدمير كامل قدرات سوريا، وإخراجها من حلبة الصراع العربي الإسرائيلي، على الأقل إن لم تتمكن الولايات المتحدة من فرض التطبيع بين دمشق وتل أبيب، ومقدمات ذلك غياب الاهتمام السوري من قبل قادة معارضة مسلحة، بالجولان المحتل وبفلسطين.
المستعمرة تفرض حضورها، مستغلة نتائج هجومها وتدميرها لقدرات حماس وحزب الله وسوريا وقتلها لقياداتهم وتصفيتهم، ولكن هل هذا قدر سيطرة المستعمرة وهيمنتها، على كامل فلسطين ورضوخ لبنان وسوريا لها؟؟.
الرد على مشاريع وجرائم نتنياهو واليمين الإسرائيلي المتطرف يبدأ من فلسطين أولاً ويتم ذلك عبر خطوتين متلاحقتين الأولى في مناطق 48 بوحدة وتماسك وائتلاف القوى السياسية وخاصة بين الجبهة الديمقراطية للسلام والمساواة، وبين الحركة الإسلامية، ومعهم حزب التجمع الوطني الديمقراطي، والحركة العربية للتغيير، والقوى الأخرى، و الشق الآخر من الحركة الإسلامية بقيادة رائد صلاح، وأبناء البلد، والحزب الديمقراطي العربي، وصولاً إلى حزب أو حركة كرامة في النقب، تحضيراً لانتخابات البرلمان موحدين في قائمة ائتلافية واحدة، فالانقسام بينهم هو الذي مكن نتنياهو من النجاح وتفوق اليمين المتطرف.
أما الخطوة الثانية، فهي لدى منطقة الاحتلال الثانية عام 67، بإنهاء الانقسام بين فتح وحماس، وعودة قطاع غزة إلى حضن السلطة الفلسطينية، ومشاركة حماس والجهاد في مؤسسات منظمة التحرير، لتكون قيادة ومؤسسة واحدة تقوم على أساس: 1- برنامج سياسي مشترك، 2- مؤسسة تمثيلية واحدة موحدة، 3- أدوات كفاحية متفق عليها.
هذا هو الطريق، هذه هي البداية لإحباط مشروع نتنياهو نحو شرق أوسط جديد.