رأي

نتنياهو رمز المواجهة مع واشنطن!

كتب طوني فرنسيس في صحيفة نداء الوطن.

ليس لأحد في الشرق الأوسط أن يزايد على بنيامين نتنياهو في «صدامه» مع أميركا. فهو يكاد يكون الزعيم الإقليمي الوحيد الذي ترفض الإدارة الأميركية استقباله بعد انتخابه رئيساً الوزراء. وهو شخصياً تمتع بلقاء ثلاثة رؤساء أميركيين فور تسلمه الحكم، هم على التوالي جورج بوش وباراك اوباما ودونالد ترامب. لكنّه الآن وبعد مرور شهور عدة على تشكيله حكومته «المتطرفة» لا يزال ممنوعاً عن زيارة البيت الأبيض وإجراء اللقاء التقليدي الذي يعيد التأكيد على عمق العلاقات بين دولة تعدادها 330 مليون نسمة ترعى دولة من نحو 10 ملايين نسمة، قدمت لها 150 مليار دولار دعماً عسكرياً لا ينضب، وحماية سياسية لا تُخرق في مجلس الأمن والمنظمات الدولية.

ما نعرفه من أسباب الغضب أو العتب الأميركي، هو أنّ إدارة جو بايدن لا تنظر بعين الرضا إلى محاولات حكومة نتنياهو المساس بالنظام القضائي في اسرائيل، ولا ترتاح إلى تعميم سياسة الاستيطان، وتُدرج موقف الحكومة الإسرائيلية في صدد الأمرين في خانة المساس «بالقيم المشتركة» بين البلدين. وفي المقابل يمضي نتنياهو في مواجهته «التدخل» الأميركي. فيصرّ على التعديلات القضائية ويشرّع المزيد من عمليات الاستيطان، فتزداد الانقسامات داخل المجتمع اليهودي وتتعلق الصدامات بين المستوطنين ودولتهم المحتلة من جهة والشعب الفلسطيني من جهة ثانية، وهو ما بذلت أميركا جهوداً استثنائية من أجل منعه تحت شعار «التهدئة» في الضفة وغزة.

تقاطع واشنطن رئيس حكومة حليفتها الأولى في المنطقة، فيتحوّل الحليف إلى أحد رموز المواجهة مع «الامبريالية» فيما يتنافس آخرون على أحقية اللقب. لكن إذا كان هناك من درس يُستفاد منه في هذا الخصوص فهو أنّه لدى الاميركيين مقاييس يحاولون الحفاظ عليها، تتعلق بطبيعة الأنظمة ومراعاتها للمبادئ الديمقراطية وحقوق الإنسان والشفافية، مع أنّ سجل ممارستها لهذه المبادرة قد يثير الشكوك.

وأميركا ليست وحدها من يقيم وزناً لهذه العناوين، فأوروبا تسير على النهج اياه، وفي الموقف من الأوضاع اللبنانية إشارات أميركية وأوروبية إلى فقدان الثقة بقوى هيمنت على لبنان فقادته إلى الانهيار والانفجار.

وما يحصل مع نتنياهو الطفل المدلل طويلاً في واشنطن ودوائرها حريٌ به أن يجعل شخصيات أقل شأناً، أكثر وعياً وحرصاً في قياس خطواتهم تجاه بلدانهم ومجتمعاتهم.

أخبار مرتبطة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى