حسين زلغوط, خاص- “رأي سياسي”:
تتقاطع كل المعطيات المتصلة بالحرب على غزة عند امكانية أن يلجأ رئيس وزراء العدو الإسرائيلي بنيامين نتنياهو الى مزيد من التصعيد العسكري في الشهرين المقبلين اللذين يفصلان عن الانتخابات الأميركية في الخامس من تشرين الثاني. ويبدو ان نتنياهو يمارس منذ فترة الى الآن لعبة الخداع مع الرئيس الأميركي جو بايدن الذي لطالما كرر في اعقاب اي محادثة مع رئيس الحكومة الاسرائيلية بأنه متفائل بوقف نار وشيك في غزة، من دون غطاء أي مؤشرات واضحة تجعله يتفائل الى هذا الحد.
وياتي هذا الدور المخادع نتيجة ما حصل في اللقاء الذي جمعه خلال زيارته الأخيرة الى الولايات المتحدة الاميركية ولقائه المرشح الرئاسي الرئيس السابق دونالد ترامب حيث قيل في وقتها في معلومات تسربت عن هذا الاجتماع أن ترامب تودد كثيرا تجاه نتنياهو بعد قطيعة بينهما لسنوات وهو طلب منه عدم وقف الحرب في غزة لأن ذلك سيكون بمثابة تقديم هدية لخصمه اللدود جو بايدن ويساعد الحزب الديمقراطي على الفوز في الانتخابات الرئاسية، ووفق ما سرب فإن نتنياهو قال له سيكون لك ما تريد وافترقا على هذا الوعد.
من الواضح الآن أن نتنياهو يعرف أن كمالا هاريس في مأزق، فإذا استمر في الحرب في غزة مع المزيد من الضحايا المدنيين، فسوف تضطر هاريس إما إلى انتقاده علناً وخسارة الأصوات اليهودية أو عض لسانها وخسارة أصوات الأميركيين العرب والمسلمين في ولاية ميشيغان الرئيسية. وبما أن هاريس ستجد صعوبة على الأرجح في القيام بأي من الأمرين، فإن هذا سيجعلها تبدو ضعيفة في نظر اليهود الأميركيين والعرب الأميركيين على حد سواء.
إزاء هذا الواقع الأميركي الذي هو لصالح نتنياهو الذي سيحاول الاستفادة منه ما أمكن يتوقع أن تتصاعد وتيرة الحرب في غزة من الآن حتى موعد الانتخابات الأميركية لجعل الحياة صعبة على الديمقراطيين الذين يترشحون لمنصب الرئاسة، لأن نتنياهو يريد فوز ترامب ويريد أن يكون قادرًا على إخبار ترامب أنه ساعده على الفوز كما كان وعده في الاجتماع الذي اتفق فيه الجانبان على هذا الأمر، ففي حال فاز ترامب ربما يلجأ نتنياهو الى خيار وقف الحرب، لأن ترامب في عدة اطلالات له تمنى ان يأتي الى البيت الأبيض وتتوقف الحرب في غزة.
ولأجل كل ذلك يشارك الرئيس بايدن شخصيا في العمل على تحقيق الهدنة وحصول صفقة تبادل الأسرى لكنه في الوقت نفسه لن يجادل نتنياهو حول معبر فيلادلفيا وهو سيحاول في الساعات المقبلة طرح افكار معينة حول هذا الأمر لكن بما يرضي تل ابيب من جهة، ومن جهة ثانية يحمل حركة “حماس” في حال رفضت مسؤولية فشل الصفقة واستمرار الحرب.
من هنا فان البعض بدأ يطرح السؤال المنطقي والواقعي وهو هل الحرب على غزة التي بدأت في عهد بايدن الذي كان شريكا فعليا ومباشرا فيها وهو الذي سارع في بداياتها الى زيارة تل ابيب معلنا استعداده كل ما يلزم في دعم اسرائيل سياسيا وعسكريا ودبلوماسيا ، تتوقف مع وصول ترامب الى البيت الابيض في حال فاز في الانتخابات؟ والجواب ربما يحصل ذلك الا ان ما بعد توقف الحرب سيكون صعبا كما كانت عليه الحرب في ذروتها ذلك أن المشكلة الموجودة ستبقى قائمة ما لم يتم التوصل الى حل عادل يقوم على مبدأ الدولتين.
هذا المشهد المعقد سيسري حتما على الجبهة الجنوبية في لبنان والتي لا يمكن ايجاد حل للمواجهات فيها قبل توقف الحرب في غزة وبذلك سنكون امام اشهر اضافية من المواجهات التي قد تتوسع دائرتها لتشمل مناطق اوسع على الجانبين من دون الوصول الى مرحلة الحرب الواسعة.