رأي

نتائج الانتخابات تربك تسمية رئيس الحكومة… وحسم الخيارات الأسبوع المقبل

كتب محمد بلوط في “الديار”:

الثلاثاء المقبل يعيد مجلس النواب الجديد انتخاب الرئيس نبيه بري رئيسا له، وينتخب ايضا نائبه واعضاء هيئة المكتب تمهيدا للاستحقاق الدستوري الثاني بعد الانتخابات، اي تشكيل الحكومة الجديدة.

وينتظر ان يجري رئيس الجمهورية لهذه الغاية الاستشارات النيابية الملزمة لتكليف رئيس الحكومة العتيدة، وفقا لما ينص عليه الدستور.

ووفقاً للمعلومات المتوافرة من مصادر سياسية مطلعة، فان الانشغال بالاستحقاق المجلسي نتيجة طبيعة تركيبة المجلس الجديد وفقدان الاكثرية لهذا الفريق او ذاك، فان اسم رئيس الحكومة المكلف لم يحسم بانتظار مشاورات مكثفة وسريعة يتوقع ان تجري اعتبارا من يوم الثلاثاء، لان اجواء الانتخابات المجلسية ستساهم اكثر في بلورة الصورة اكان بالنسبة للتحالفات المحتملة التي ستتحكم باختيار الرئيس المكلف، ام بالنسبة لاجواء وفرص تأليف حكومة بفترة قصيرة، خصوصا ان الانهيار المتدحرج يفرض السرعة في هذه العملية.

وبرأي هذه المصادر ان الجهات والقوى السياسية تأخذ بعين الاعتبار صعوبة هذا الاستحقاق، خصوصا في ظل عدم تمكن اي فريق من الحصول على الاغلبية النيابية وتشتت النواب الـ 128 على تكتلات غير متجانسة او متوافقة ليس في شأن الاستحقاق الحكومي فحسب، بل ايضا في العديد من القضايا والملفات والاستحقاقات المهمة.

وبالنسبة للشخصية المرشحة لتأليف الحكومة، يرى مصدر سياسي مطلع ان فرصة اعادة تكليف الرئيس نجيب ميقاتي تراجعت عما كانت قبل الانتخابات النيابية وما اسفرت عنه من نتائج، لكن اسمه ما يزال مطروحا بنسبة ملحوظة في ظل التجاذبات المتوقعة على اسماء اخرى بديلة. وعلى سبيل المثال لا الحصر، فان فكرة طرح اسم السفير نواف سلام التي تحظى بتأييد قسم من المجلس هي ايضا مطروحة اليوم، خصوصا بعد فقدان الثنائي الشيعي وحلفائهما الاكثرية في البرلمان الجديد.

ويتوقف مصير تكليف سلام على موقف احدى الكتلتين: كتلة «التيار الوطني الحر» وكتلة «اللقاء الديموقراطي». ففي السابق المح رئيس التيار جبران باسيل الى تأييده تكليف سلام، وقيل ان موقفه كان في اطار المناورة لرفع حصته في الحكومة، وليس للاتيان بالسفير الذي يعتبره كثيرون انه مرشح الادارة الاميركية. وبعد ان تعرض باسيل لعقوبة اميركية مباشرة يبدو ان ترشيحه او تأييده للسفير سلام غير مرجح او وارد، خصوصا ان هذا الموقف سيغضب حزب الله ويؤدي الى مضاعفات كبيرة وقاسية على صعيد العلاقة بينهما، وهذا أمر لا يريده باسيل ولا يرغب به.

ويقال ان رئيس «التيار الوطني الحر» ربما يسعى لاختيار اسم آخر بديلا عن ميقاتي وسلام، خصوصا بعد تدهور العلاقة مؤخراً بينه وبين رئيس حكومة تصريف الاعمال وتظهيرها في غير محطة، آخرها السجال الحاد بين ميقاتي ووزير الطاقة وليد فياض حول ملف الكهرباء. ويحرص باسيل على اجراء اتصالات وبعض المشاورات في هذا الصدد منذ ايام. ويقال انه يسعى الى جسّ نبض بعض القوى حول اكثر من اسم، لكنه يبدي حذرا شديداً في هذه المداولات اكثر من السابق.

اما بالنسبة لـ «اللقاء الديموقراطي»، فسبق ان ايد ترشيح سلام، لكنه ايّد لاحقاً تكليف ميقاتي الذي تربطه علاقة جيدة ومتنامية مع رئيس الحزب «التقدمي الاشتراكي» وليد جنبلاط، خصوصا بعد ان كسب دعم فرنسا بقوة لتشكيل حكومته الاخيرة.

من هنا يرى المصدر السياسي المطلع، ان جنبلاط لا يمانع بل يدعم فكرة عودة ميقاتي لتشكيل الحكومة الجديدة، لكنه يفضل التريث لاستكشاف الاجواء الداخلية والخارجية قبل ان يحسم أمره.

ووفقا للمعلومات، التي لم تؤكدها او تنفيها مصادر مقربة منه فان ميقاتي يبدو مترددا بعد الانتخابات النيابية وما اسفرت عنه من نتائج. ويعتقد مصدر نيابي ان تردده يعود بالدرجة الاولى الى خشيته من عدم قدرته على تشكيل حكومة في فترة قصيرة، وبالتالي لا خوف من ان ينعكس الانتظار الطويل في ظل التدهور المرشح للتفاقم عليه، لذلك يفضل الا يحرق اصابعه في «طبخة بحص»، ويرغب في الحصول على ضمانات داخلية وخارجية، وهذا غير مؤمن او جاهز حتى الآن.

وفي شأن اختيار اسم ثالث، يبدو ان فرصة تسمية النائب عبد الرحمن البزري جيدة، خصوصا ان اتصالات جرت في الايام القليلة الماضية لتوفير الدعم اللازم له وضمان حصوله على اصوات الاكثرية في وجه المرشح او المرشحين الآخرين.

ووفقا للمعلومات، فان ثنائي «أمل» وحزب الله لم يعط رأيه في ترشيح البزري او غيره، مع العلم انه كان قبل الانتخابات اقرب الى اعادة تكليف ميقاتي، خصوصا ان هناك خطوات حصلت لا بد من استكمالها مع تعديلها لمواجهة الازمة الاقتصادية والمالية والاجتماعية. وهذا بطبيعة الحال ينسحب على خطة التعافي التي لم يصوت وزراء الثنائي لها في جلسة مجلس الوزراء الاخيرة.

كذلك، فان هناك كتلا كبيرة لم تناقش بعد اسم البزري، مع العلم انه قد يحظى بتأييد بعضها وبجزء من نواب «قوى التغيير»، لأن عددا منهم لا سيما اصحاب «الهوى الغربي» يفضلون تسمية سلام.

وبرأي المصدر السياسي، ان هناك عوامل اخرى يجب اخذها بعين الاعتبار مثل موقف دار الفتوى و»النادي السياسي السنّي» وموقف المملكة العربية السعودية التي انخرطت اكثر عشية الانخابات النيابية باللعبة السياسية الداخلية، ونشط سفيرها في اطلاق المواقف المباشرة المتعلقة بالشأن الداخلي اللبناني.

واذا كانت الصورة لم تتضح بعد اكان بالنسبة للشخصية التي ستكلف لتشكيل الحكومة الجديدة ام لجهة نسبة حظوظه بالنجاح في مهمته، فان الايام المقبلة ستكون بطبيعة الحال حاسمة لمعرفة رئيس الحكومة المكلف، لكنها لن تفكّ حزورة الحكومة الجديدة ومصيرها. 

أخبار مرتبطة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى