ميقاتي: “لبنان على مفترق طرق.. إما النهوض المنتظر أو التدهور القاتم”
طالب رئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي المسؤولين كافة بأن يترفّعوا عن مصالحهم الضيّقة وبأن يبدوا المصلحة العامة ويعزّزوا القواسم المشتركة.
وأشار خلال افتتاح “منتدى الاقتصاد العربي” الذي تنظمه “مجموعة الاقتصاد والاعمال” في فندق فينيسيا، إلى أنّ “على مشارف عام جديد، فإن لبنان على مفترق طرق، خلاصته إما النهوض المنتظر أو التدهور القاتم”، مضيفاً: “في حال تحقّق السيناريو السياسي-الاقتصادي الإيجابي، تبدأ الضغوط الاقتصادية والاجتماعية بالانحسار ويبدأ البلد بالنهوض من كبوته القاتمة. ويتمحور هذا الأمر بانتخاب رئيس جديد للجمهورية في أسرع وقت ممكن، وتشكيل حكومة جديدة تتعهد باعتماد نهج اصلاحي حقيقي بدعم سياسي فاعل وشامل يطال خصوصا القطاع العام وايجاد بيئة استثمارية آمنة في ظل قضاء عادل ومستقل، واستكمال الخطوات المطلوبة للانتقال الى مرحلة الاتفاق النهائي مع صندوق النقد الدولي، مما يؤسس للحصول على مساعدات خارجية واستثمارات باتجاه لبنان والتي تشترط انخراط الصندوق كمراقب دولي للإصلاحات في الداخل. وفي حال تحقق السيناريو الإيجابي المنشود، من المتوقع أن يسجل الاقتصاد الفعلي نموا إيجابيا يتراوح بين 4% الى 5% في العام 2023 يحركه المشاريع والاستثمار الخاص، ويساعد على استقرار سعر صرف الليرة”.
وتابع: “أما السيناريو المعاكس، لا سمح الله، فسوف يؤدّي الى مزيد من الركود الاقتصادي والتعثر في كافة القطاعات الذي سيؤدي إلى ضغوط كبيرة على سعر الصرف مما ينعكس خصوصا على الأوضاع الاجتماعية و على الأُسَر اللبنانية بشكل عام”.
وفي ما يلي كلمة ميقاتي كاملةً: “أهلاً وسهلاً بكم في منتدى الاقتصاد العربي الذي تنظمه “مجموعة الاقتصاد والاعمال” والذي ينعقد هذا العام بعنوان “لبنان: الطريق الى النفط”، ويشكّل فرصة للتواصل حول المسائل الاقتصادية الأساسية في منطقتنا العربية في ظل تلاقي شخصيات ومرجعيات وخبراء مرموقة من لبنان والعالم.
بداية، لا بد من الاعتراف بأن العالم يمر الان بحقبة تتميز بتحديات اساسية انطلاقا من تأثير المتغيرات المناخية وصولا الى الصراعات الدولية المستجدة وخصوصا الحرب في اوكرانيا وتأثيراتها على أسعار الطاقة وغيره. أما الاقتصاد العربي فواصل تعافيه هذا العام وذلك للعام الثاني على التوالي، حيث يقدّر صندوق النقد الدولي أن يسجّل نمواً حقيقياً نسبته 5.0% في العام 2022، علماً أنه ثاني أكبر نمو مناطقي في العالم.
وفي لبنان، ورغم الضغوطات الماكرو-اقتصادية المستمرة والاختلالات المالية المتواصلة في ظل تشنج سياسي متعاظم، عاد الاقتصاد ليسجل هذا العام نموا يقارب 2% بالقيم الفعلية، بعد الانكماش الصافي الملحوظ الذي شهده منذ بداية الازمة. ولعل نمو الاستيراد بنسبة 44% في الأشهر الاحدى عشرة الأولى من هذا العام مردّه الى تحسن النشاط الاقتصادي المحلي في ظل ارتفاع الطلب الداخلي.
هذا النمو يترجم عبر عدد من المؤشرات الماكرو الاقتصادية والتي من أبرزها:
-تحسن قطاع البناء مع ارتفاع تسليمات الاسمنت بنسبة 36% في الأشهر السبعة الاولى من العام 2022 ، مما قد يؤدي الى نشاط اكبر في القطاع العقاري، خايك في ظل مواصلة نمو الرخص في الأشهر الاولى من العام 2022 الممنوحة من قبل نقابة المهندسين، ما قد يؤدي إلى نشاط أفضل في القطاع العقاري مستقبلاً.
-ارتفاع تدفق الزائرين عبر مطار بيروت بنسبة 53% خلال الأشهر العشرة الاولى من العام 2022
-التحسّن الموازي في التدفقات المالية بالعملة الصعبة باتجاه الاقتصاد المحلي.
-زيادة عدد السياح بنسبة 70% في الأشهر التسعة الأولى من العام 2022، مع توقع موسم مزدهر لعيدي الميلاد ورأس السنة.
-تحسن النشاط الفندقي مع ارتفاع نسبة اشغال الفنادق من 45% في الأشهر التسعة الاولى من العام 2021 الى 55% في الأشهر التسعة الاولى من العام 2022.
-زيادة تحويلات العاملين في الخارج بنسبة 7% في العام 2022 لتبلغ 6,8 مليار دولار.
إلا أنّه لا شك ان القطاع الخاص اللبناني ما زال يعمل دون قدرته الإنتاجية بشكل ملحوظ ويتطلع إلى استتباب الأوضاع السياسية العامة وتجاوز الاستحقاقات الدستورية الداهمة من أجل استعادة عامل الثقة والتوصل إلى توافق حول الأجندة الإصلاحية وإبرام اتفاق نهائي مع صندوق النقد الدولي من أجل إعادة البلاد إلى مسار النمو المرجو واحتواء الضغوطات الجمّة التي ما زالت ترزح تحتها الأسر اللبنانية في يومنا هذا.
أما من ناحية القطاع العام، فهو بات يرزح تحت أزمة هائلة حيث أنّ مجمل الموازنة لا تتجاوز المليار دولار بالدولار النقدي مقابل ما يقارب 17 مليار دولار في موازنة العام 2019، ما يحدّ من الموارد المتاحة للبنى التحتية والنفقات التشغيلية والاستثمارية.
يبقى القول إن جهود ترشيد الانفاق وتعزيز مداخيل الدولة يجب ان تكون من أولوية الدولة في المستقبل المنظور كون اختلال المالية العامة من أبرز المعضلات التي ترهق الاقتصاد الكلّي ومعالجتها تشكل مدماكا أساسيا للبدء بالخروج التدريجي من الازمة القائمة”.
أضاف: “على مشارف عام جديد، فان لبنان على مفترق طرق، خلاصته إما النهوض المنتظر أو التدهور القاتم. ففي حال تحقّق السيناريو السياسي-الاقتصادي الإيجابي، تبدأ الضغوط الاقتصادية والاجتماعية بالانحسار ويبدأ البلد بالنهوض من كبوته القاتمة. ويتمحور هذا الأمر بانتخاب رئيس جديد للجمهورية في أسرع وقت ممكن، وتشكيل حكومة جديدة تتعهد باعتماد نهج اصلاحي حقيقي بدعم سياسي فاعل وشامل يطال خصوصا القطاع العام وايجاد بيئة استثمارية آمنة في ظل قضاء عادل ومستقل، واستكمال الخطوات المطلوبة للانتقال الى مرحلة الاتفاق النهائي مع صندوق النقد الدولي، مما يؤسس للحصول على مساعدات خارجية واستثمارات باتجاه لبنان والتي تشترط انخراط الصندوق كمراقب دولي للإصلاحات في الداخل. وفي حال تحقق السيناريو الإيجابي المنشود، من المتوقع أن يسجل الاقتصاد الفعلي نموا إيجابيا يتراوح بين 4% الى 5% في العام 2023 يحركه المشاريع والاستثمار الخاص، ويساعد على استقرار سعر صرف الليرة
أما السيناريو المعاكس، لا سمح الله،فسوف يؤدّي الى مزيد من الركود الاقتصادي والتعثر في كافة القطاعات الذي سيؤدي إلى ضغوط كبيرة على سعر الصرف مما ينعكس خصوصا على الأوضاع الاجتماعية و على الأُسَر اللبنانية بشكل عام.
في ظل هذه المفارقة، نحن نطالب بأن يترفّع كافة المسؤولين السياسيين عن مصالحهم الضيقة ويبدّون المصلحة العامة ويعززون القواسم المشتركة، ما يؤسس للخروج من الكبوة القاتمة واحتواء المخاطر الكامنة والى الانتقال الى حقبة من النهوض الاقتصادي المرجو في الأفق”.
وتابع: “لقد انجزت الدولة اللبنانية اتفاقية ترسيم الحدود البحرية جنوباً وأطلقت عملية الاستكشاف في البلوك رقم 9 وسوف تقوم الشركات المكلفة بذلك بحفر بئر استكشافي في العام 2023. وفي حال أتت نتائج التنقيب إيجابية، يتعزز عامل الثقة في الاسواق. وبما أن عنوان المؤتمر اليوم هو “الطريق إلى النفط”، من المهم القول أن استكشاف الغاز سيدرّ مكاسب اقتصادية هامة على لبنان، أولاً من خلال جذب الاستثمارات الأجنبية، وتالياً من خلال تعزيز إيرادات الدولة في حال تبيّن أن الموارد الهيدروكربونية قابلة للتسويق. كما أن انتعاش القطاع الهيدروكربوني في لبنان سيخفض من عجز قطاع الطاقة ويعزز الوضعية الخارجية للبنان ويساعد على الولوج الى نهوض اقتصادي عام.
إن عملية المسار السريع للاستكشاف (Fast Track Exploration) وفي حال وجود كميات تجارية سوف يستتبعها تطوير للحقل بالسرعة القصوى، وذلك لإمداد السوق المحلي بالغاز الطبيعي،وعلى وجه التحديد معامل الكهرباء ،بدءاً بمعمل الزهراني جنوباً حتى دير عمار شمالاً. وسوف يكون هناك دور كبير للقطاع الخاص في عملية تمويل وإنشاء البنى التحتية للغاز الطبيعي،مما سيساعد على خفض كلفة الكيلوات ساعة وسوف يسهم في تنمية الصناعات المحلية التي سوف تعتمد على الغاز الطبيعي.
ولتحقيق النتائج المثلى والمنفعة القصوى من الإدارة الرشيدة لموارد الطبيعية، لا بد من إشراك كافة شرائح المجتمع ولا سيما الفعاليات الإقتصادية والتي هي على تماس مباشر مع قطاع النفط والغاز وخاصة في مراحله الأولى من التنقيب والاستكشاف ولاحقاً في مرحلتي التطوير والإنتاج.
إن مستوى المنفعة للمحتوى المحلي (Local Content) يُقاس بقدرة القطاعات الاقتصادية، لاسيما القطاع الخاص، على تقديم الدعم والمساهمة في الأنشطة البترولية من خلال توافر الخدمات والسلع محلياً. كما أنه من شأن تلك المساهمة تحسين الدورة الاقتصادية من خلال خلق فرص عمل جديدة وبناء قدرات وكفاءات محلية من جراء تحسين نوعية السلع والخدمات المطلوبة من قبل شركات النفط العالمية وذلك للحفاظ على خصوصية القطاع مع الأخذ بعين الاعتبار أولويات الحفاظ على البيئة والصحة والسلامة العامة.
كما إن الحكومة تعمل جاهدةً على إعطاء الاولوية لقطاع الطاقة في لبنان لما لهذا القطاع من تأثير مباشر على الاقتصاد الوطني، ونأمل في العام المقبل أن يكون عنوان مؤتمركم”لبنان بلد نفطي”. وختم ميقاتي: “أتمنى لمؤتمركم النجاح والتوفيق وكلنا امل ان تبقى بيروت ملتقى اللقاءات الجامعة وشكرا لرئيس مجموعة “الاقتصاد والاعمال” الاستاذ رؤوف ابو زكي على جهوده. وفقكم الله”.