أبرزشؤون لبنانية

ميقاتي بعد عون للحوار وقرار التعطيل ثابت

لم تنفع كثافة الإطلالات والمواقف الرئاسية والحكومية في حجب تزايد التداعيات الكبيرة والمتعاظمة لأزمة تعطيل مجلس الوزراء على مشارف نهاية سنة اثقلت لبنان بمزيد من الانهيارات والأزمات والكوارث وبداية سنة مثقلة بالاستحقاقات الانتخابية النيابية والبلدية والرئاسية بالإضافة الى دوامة الازمات المالية والاقتصادية والاجتماعية. ذلك ان الوقائع الموضوعية تقتضي الإشارة الى انه من بين مجموع المواقف التي اطلقت في اليومين الأخيرين، فانه يرجح ان يكون وعد رئيس الحكومة نجيب ميقاتي بزيادة ساعات التغذية الكهربائية الى عشر ساعات يوميا هي النقطة الأساسية التي اثارت اهتمام الناس وأولوياتهم اليومية اكثر من كل المواقف التي لها صلة بالوضع السياسي والتي وردت على لسان رئيس الجمهورية #ميشال عون والرئيس ميقاتي في اليومين الماضيين على أهمية بعض الجوانب السياسية التي عكستها مواقفهما.

والواقع ان اعلان الرئيس ميقاتي غداة كلمة الرئيس عون موقفا دافعا نحو انهاء تعطيل جلسات مجلس الوزراء والحض بدوره على الحوار الداخلي جاء وفق أوساط مطلعة ليعكس ازدياد التأزم السياسي بما قابله رئيسا الجمهورية والحكومة باطلالتين على الرأي العام الذي يعاني تداعيات بالغة السلبية جراء اقتراب الانهيار الداخلي من مرحلة اشد قسوة معيشياً وحياتياً ومالياً وصحياً. واذا كانت مواقف ميقاتي لم تخرج عن اطار ما دأب على إعلانه منذ شل جلسات مجلس الوزراء، فان الأوساط نفسها تلفت الى ما اعقب كلمة رئيس الجمهورية من ردود فعل او من امتناع عن ابداء ردود الفعل، كشف ان مبادرة عون في الدعوة الى الحوار جاءت بمثابة ضربة سيف في المياه اذ لم تحدث أي اثر واقعي وفعلي بصرف النظر عن الاصداء المختلفة لمواقفه الأخرى. وهذا يعكس مؤشرات سلبية لجهة الاستمرار في المراوحة السياسية وعدم توقع أي اختراق ينهي الازمة الحكومية في وقت قريب على الأقل. بل ان ثمة معطيات تتحدث عن تصلب الثنائي الشيعي في شرطه للافراج عن جلسات مجلس الوزراء وانه اذا كان الثنائي “امل” و”#حزب الله ” قررا تجنب الردود على رئيس الجمهورية، فان المعلومات المتوافرة عن موقف الثنائي في الساعات الاخيرة تؤكد ثباته واصراره على شرطه المتصل بالمحقق العدلي في انفجار مرفأ بيروت القاضي طارق البيطار وان شيئا لن يثنيه عن هذا الموقف . كما ان الأوساط المطلعة نفسها لفتت الى انه على رغم بعض التناغم والتكامل اللذين برزا بين موقفي عون وميقاتي حيال نهج التعطيل او رفض توتير العلاقات اللبنانية مع السعودية والخليج او بخصوص بعض جوانب طرح الحوار، فان ذلك لم يحجب انكشاف الخلاف الواضح بين ميقاتي ورئيس الجمهورية حول الموقف من حاكم مصرف لبنان رياض سلامة الذي نفى ميقاتي بوضوح امس أي اتجاه الى اقالته على قاعدة “عدم تغيير الضابط خلال الحرب”. وهو الامر الذي اثار حفيظة “التيار الوطني الحر” الذي راح ابعد في حملته المتواصلة على سلامة واتهمه هذه المرة بـ “الخيانة”.
اما في ما يتصل بتداعيات الاتهامات التي وجهها تحالف دعم الشرعية في اليمن الى “حزب الله” في تورطه في الحرب الى جانب الحوثيين فأشارت مصادر لبنانية زارت المملكة حديثاً ومطلعة على أجواء الموقف الخليجي إلى عدم استبعاد ما تردد عن اتجاه نحو اتخاذ إجراءات سعودية تصعيدية، بما يشمل التعبير عن إدانة للوضع اللبنانيّ من خلال دول مجلس التعاون الخليجي، كما عبر الأمم المتحدة. وتشير المعلومات إلى أنّ تبني مقاربة التوجه إلى المحافل الدولية، بات يعتبر واسع النطاق داخل المجالس السعودية، باعتبار أنه لم يعد مقبولاً تهديد أمن المملكة من أي طرف. وكيف إذا كان مصدر هذا التهديد منبثقاً من أراضٍ مصنّفة في خانة دولة شقيقة؟
وفي سياق ردود الفعل البارزة على كلمة عون، غرد رئيس الحزب التقدمي الإشتراكي وليد جنبلاط عبر حسابه على “تويتر” قائلا: “وفوق كل الحسابات السياسية الخاصة والعامة فانني اعتقد ان دعوة الرئيس عون للحوار هي اساس لكن الاهم ان يجتمع مجلس الوزراء للبدء في التفاوض مع المؤسسات الدولية وذلك قبل الانتخابات النيابية”.

ميقاتي
وغداة خطاب رئيس الجمهورية أكد ميقاتي في مؤتمر صحافي عقده قبل الظهر في السرايا أن “الحوار ليس مقطوعا مع جميع الأفرقاء وهناك تواصل دائم ” وانه يتريث في الدعوة الى عقد جلسة لمجلس الوزراء “لأنه يراهن على الحس الوطني لدى جميع الفرقاء لمعاودة عقد الجلسات قريبا”. وشدد على “أنه من الضروري ان يجتمع مجلس الوزراء وأنه ضد التعطيل من اي طرف كان، ولكن طالما أن مكوّنا اساسيا لا يشارك فلن يدعو الى عقد جلسة”. واضاف: “المهم التفاهم الداخلي من خلال طاولة حوار باتت أكثر من ضرورية ، على تمتين علاقات لبنان العربية ولا سيما مع دول الخليج وعدم التدخل في شؤونها الداخلية أو الاساءة اليها باي شكل من الاشكال، وعدم الانخراط في ما لا شأن لنا به ولا سيما في اليمن”. وأكد أن التحقيق في موضوع إنفجار مرفأ بيروت يجب أن يستكمل مساره الدستوري والقانوني، وقال “إننا نقوم بكل ما يجب القيام به بكل جدية لاجراء الانتخابات في موعدها بشفافية. وفي هذا السياق فقد وقعت اليوم مرسوم دعوة الهيئات الناخبة لإنتخاب أعضاء مجلس النواب، وأحلته على رئاسة الجمهورية، لأخذ مجراه الدستوري، ومن جهتي سأتابع اسبوعيا مع وزير الداخلية والادارات المعنية التهيئة للانتخابات”.
ومضى رئيس الجمهورية في اطلاق مزيد من المواقف امام وفود امنية وعسكرية زارته مهنئة بالاعياد ومطالبة بخطوات تحسّن ظروف عناصرها المعيشية. فاعرب عن “امله في ان تشهد السنة المقبلة، بداية لتصحيح الوضع المؤلم الذي ساد خلال العامين الماضيين وانعكس سلبا على حياة المواطنين ومعيشتهم واستقرارهم الاجتماعي والصحي”. ولفت الى انه “لا بد من مواجهة الأسباب التي أدت الى معاناة اللبنانيين من أزمات متعددة اقتصادية واجتماعية وصحية وتربوية، ومحاسبة المسؤولين الذين تسببوا بها على مر السنوات الماضية.

من جانبه، شدد قائد الجيش العماد جوزف عون على “ان المسّ بمعنويات العسكريين غير مسموح اطلاقاً ومن كان شعارهم التضحية لن تقوى عليهم التحديات”.
رد “التكتل”
وفي رد فوري على رفض ميقاتي المس بحاكم مصرف لبنان جدد “تكتل #لبنان القوي” مساء امس “دعوة الحكومة الى الإجتماع وكف يد حاكم المصرف المركزي فورا وتعيين بديل منه، بعدما صار مثقلا بملفات الدعاوى ضده في لبنان والخارج، لأن لا أحد يذهب الى المعركة بضابط ‏غير مؤهل لقيادتها و متهم بالخيانة، ‏فلا يمكن الفوز بالحرب عندما يكون على رأس الجيش من تسبب أصلا بانهياره “. واكد “تأييده المطلق لكل ما ورد في كلمة رئيس الجمهورية وإستجابته لدعوة الرئيس الى طاولة حوار، تبحث الإتفاق بين المكونات اللبنانية على إقرار قانون اللامركزية الإدارية والمالية الموسعة، والاستراتيجية الوطنية للدفاع عن لبنان، وخطة التعافي المالي والاقتصادي”. كما اعتبر ان “لا شيء يبرر تعطيل مجلس الوزراء، وأن رئيس الحكومة ملزم بحكم مسؤولياته بالدعوة الى عقد مجلس الوزراء وليتحمل كل طرف مسؤوليته وإلا يكون رئيس الحكومة قد تخلى طوعا عن صلاحية منحه إياها الدستور حصرا”.

أخبار مرتبطة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى