رأي

ميقاتي العازم على استكمال المهمة التي تصدّى لها: “لم نضيّع الوقت ووضعنا أسس الانقاذ فدعونا نُكمل”

كتب ابراهيم بيرم في “النهار”:

تتبدّى الاوضاع في محضر رئيس حكومة تصريف الاعمال #نجيب ميقاتي مغايرة تماما لما هي عليه في الخارج. ففي مقابل الانواء السياسية العاصفة في هذا الخارج والتي تشي نذرها بالاحتمالات الاسوأ، يمكن الخروج من عنده بوعود وبشائر حلول وتدابير واجراءات توحي بان امكانات الانقاذ لم يفت أوانها بعد.

لا يعيش ميقاتي اطلاقا حال انكار، اذ يتحدث عن حجم الاثقال والاعباء السياسية والمالية والاجتماعية، الموروث منها والطارىء، لكنه يستدرك قائلا: “لا مبالغة ولا إفراط اذا قلنا باننا منذ ان تصدت حكومتنا للمسؤولية لم نضيع الوقت سدى ونمرره، او انه أوكل الينا أمر إدارة الازمة كما يشيع البعض، بل اقول بكل شفافية لقد انجزنا قواعد اساسية للحلول والمعالجات خصوصا في المجالين المالي والاقتصادي”.

وهنا تجد الارقام والوقائع حاضرة في ذهنه وهو يتحدث عن مدى التقدم الذي أُحرِز في ميدان المفاوضات مع صندوق النقد الدولي ومدى التجاوب والتكيف من جانب الحكومة مع مطالبه وشروطه الاربعة الصعبة والمعروفة من الجميع.

وهنا لا يجد الرئيس المكلف غضاضة في ترداد كلام سبق له ان قاله مرارا لكنه يجد ضرورة للتذكير به وفحواه: “اننا لسنا مغرمين بصندوق النقد هذا وبوصفاته التي نعلم مدى ثقلها علينا، لكننا نقول اننا في امسّ الحاجة الى الغطاء الذي سيسبغه علينا والى ختمه لان كليهما يشكل جواز عبور لازم الى المجتمع الدولي لكي نضمن اننا استعدنا ثقة هذا المجتمع باقتصادنا وبماليتنا العامة، ولكي نتمكن من الانتقال لاحقا الى مرحلة نستطيع عبرها جذب المستثمرين من اربع رياح الارض، ولكي نهيىء دورة اقتصادنا لاستقبال مزيد من الرساميل واستيعابها”.

وفي هذا الاطار بالذات، يتحدث الرئيس ميقاتي حديث العارف المتفائل عن التقدم الذي احرز في مجال تطوير قانون النقد والتسليف المعمول به عندنا منذ عقود وصار من اللازم المبادرة الى تطويره وتحديثه وتعديله. ويسارع الى الاشارة الى ان من جملة الافكار التي باتت شبه منجزة تعديل صلاحيات حاكم مصرف #لبنان بحيث تنتقل الصلاحيات المطلقة لهذا الحاكم الى المجلس المركزي للمصرف، خصوصا ان هذا المجلس وفق القوانين والانظمة المعمول بها حاليا لا دور اساسيا له والصلاحيات تكاد تكون حصراً بيد الحاكم.

ويتطرق ميقاتي الى الاجراءات والتدابير التي بات مقررا ادخالها على قانون المصارف، خصوصا لجهة المساهمة في اعادة هيكلة هذا القطاع الحيوي للاقتصاد اللبناني. ويلفت في هذا الاطار الى انه سيطلب من المصارف (40 مجموعة مصرفية) الالتزام بإنفاذ عدد من التدابير والإجراءات المالية والتكيف معها اذا شاءت الاستمرار في السوق المصرفية، “واذا لم تستطع التجاوب فنحن عندها مضطرون الى البحث في مسألة الضمانات الكفيلة باسترداد الودائع”.

وبالعموم، يستنتج ميقاتي ان هذا القطاع “لن يبقى كما نعرفه”، ويقول بما معناه ان المسألة “ليست إنزالاً لعقاب أو انتقاماً من هذا القطاع الذي نعرف مكانته في اقتصادنا بقدر ما هو توجه اكيد لاخراجه من حال التعثر والارتباك التي يعيشها منذ اكثر من 3 اعوام”.

وعليه، يضيف ميقاتي: “صار بامكاننا ان نزعم اننا لسنا حزب الدفاع عن المصرف وفق ما يحلو للبعض ان يتهمنا، فنحن ساعون الى حفظ هذا القطاع في اطار سعينا الى اعادة متوازنة لمرتكزات الاقتصاد الوطني”.

ولا يفوته ان يشير هنا الى دور المجلس النيابي في اقرار التعديلات المطلوبة، لكنه يبدي خشية ضمنية من الواقع الذي آل اليه المجلس، خصوصا بعد الانتخابات الاخيرة اذ صار يضم ثلاثة اجيال (الجد والاب والابن)، فضلا عن تصادم الارادات بين كتله المتوازنة تقريبا.

ويخرج ميقاتي عن ديبلوماسيته المعهودة في مقاربة الامور ليقول: “بصراحة تسكن نفوس بعضنا خشية من تحوّل هذا المجلس الى مجلس معلّق عاجز عن اداء مهمته مع تقديرنا لرئيسه”.

وعن المساعي الهادفة الى تأليف حكومة جديدة وامكانات عدم تأليفها، يتحدث ميقاتي حول ثلاث نقاط اساسية:

  • “لستُ في وارد ان اكون جزءا من منظومة تريد محاصرة الرئيس عون او فريقه السياسي، فأنا كما يعلم الجميع لست من هواة هذا النوع، لذا اتمنى منهم الكفّ عن الاساءة والتجريح واختراع الاعداء الوهميين.
  • لكنني لست مستعدا اطلاقا للمضي الى حكومة الثلاثين وزيرا، اي اضافة ستة وزراء دولة، فهذا يفتح باباً لا أضمن سدّه.
  • أنا أصرّ على تأليف حكومة مكتملة الصلاحيات، وقد قدمت تشكيلتي الاولى وقلت انا مستعد لاعادة النظر فيها ضمن عدد محدود. ولكن اذا لم نستطع اعلان مثل هذه الحكومة فقد قلت واكرر القانون والدستور لا يتحدث عن فراغ بل يتحدث عن شغور، وفي امكان حكومة تصريف الاعمال ملئه. وثمة نحو 8 خبراء قانونيين مسيحيين ايدوا علانية هذا الامر. ومع ذلك ما زالت لدينا فرصة لتأليف حكومة اصيلة اذا سهّل ذلك المعرقلون واصحاب الطموحات والحسابات الكبيرة والمعقدة”.

وواقع الحال هذا، يضيف ميقاتي، “ينطبق على الرئاسة الاولى التي ستشغر قريبا، اذ في الامكان اجراء انتخابات رئاسية اذا تخلّى البعض عن حساباتهم السلطوية الضيقة، والا فنحن لا نأمن ان نكون ذاهبين الى شغور رئاسي نأمل ألّا يطول”.

وعن مسار الترسيم البحري يقول ميقاتي: “لم يعد هناك من شيء يتصل بهذا الموضوع في العتمة لكي نكشفه. ثمة معادلة لبنانية صارت واضحة المعالم تماما، وثمة دور للوسيط الاميركي المفترض انه آتٍ الينا قريبا، مع علمنا بان ثمة عنصرا جديدا دخل على الخط وهو الدور القطري. نحن لا نمانع ولكننا جميعا من دون استثناء هدفنا واحد: نريد ان نأكل عنباً لا أن نقتل الناطور”.

أخبار مرتبطة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى