موسكو ومينسك تجريان تدريبات نووية لمواجهة «تهديدات خارجية»
أطلقت روسيا، الاثنين، المرحلة الثانية من تدريبات على أسلحة نووية تكتيكية، بمشاركة بيلاروسيا، في إطار رفع درجة التأهب وفحص جاهزية القوات غير الاستراتيجية.
بدورها، قالت مينسك، التي نشرت في وقت سابق أسلحة نووية روسية على أراضيها، إن هذه المناورات تهدف إلى مواجهة التهديدات الخارجية ضد روسيا وبيلاروسيا وحماية أمن البلدين وسيادتهما.
وأكد وزير الدفاع البيلاروسي، فيكتور خرينين، تعليقاً على انطلاق المرحلة الثانية من المناورات، أن مينسك «ليس لديها هدف خلق توتر أمني في المنطقة». وزاد أن بلاده «تواجه تهديدات جدية؛ لكنها لا تقوم بخطوات لتهديد أي طرف»، موضحاً أن «قيادات الدول الغربية هي التي تنتهج سياسة عدوانية لا هوادة فيها في المجال العسكري، وتظهر عدم الاستعداد للحوار البناء؛ مما يزيد من درجة التوتر في المنطقة».
وتابع الوزير أنه «بعد المحاولات الفاشلة لجرنا إلى وباء الثورات الملونة وسحقنا بالعقوبات الاقتصادية، يخطط بعض المتهورين في الغرب بشكل خاص لاستخدام القوة العسكرية ضد دولتنا، ويدلي ممثلو بعض الدول بتصريحات حول السماح بضربات بأسلحتهم التي نُقلت إلى أوكرانيا ضد أراضي الاتحاد الروسي». وقال إن بيلاروسيا تراقب وتحلل «كل هذه الهجمات العدوانية (…) وتعمل باستمرار على تعزيز إمكاناتها الدفاعية. ومشاركتنا في المرحلة الثانية من تدريبات القوات المسلحة للاتحاد الروسي على استخدام الأسلحة النووية غير الاستراتيجية هي تأكيد لذلك، ونحن اليوم استباقيون، ونخطط لزيادة استعدادنا لاستخدام ما تسمى (الأسلحة الانتقامية)».
وزاد الوزير: «نحن مصممون أكثر من أي وقت مضى على الرد على أي تهديدات يجري خلقها لبلدنا والدولة الاتحادية (مع روسيا)». وأضاف أن المناورات النووية تعد «فرصة ممتازة لتقييم مستوى استعداد القوات المسلحة لضمان الأمن والدفاع المسلح عن بيلاروسيا».
جولة خارجية لبوتين
في غضون ذلك، أعلن الكرملين، الاثنين، أن الرئيس فلاديمير بوتين ينوي القيام بجولة إلى كوريا الشمالية وفيتنام الأسبوع المقبل. وقال الناطق الرئاسي، ديميتري بيسكوف، إن الكرملين سوف يعلن لاحقاً تفاصيل الجولة. وهذه واحدة من الزيارات الخارجية النادرة لبوتين الملاحق من جانب المحكمة الجنائية الدولية على خلفية الحرب الدائرة في أوكرانيا، وسبق له أن زار الصين وبعض الجمهوريات السوفياتية السابقة. وينظر إلى زيارة كوريا الشمالية في الغرب باهتمام خاص، على ضوء تقارير غربية تحدثت عن قيام بيونغ يانغ بنشاط واسع لإمداد موسكو بأنظمة صاروخية متعددة الأغراض ومعدات عسكرية أخرى؛ بينها قذائف مدفعية وذخائر. وتنفي موسكو وبيونغ يانغ صحة تلك الاتهامات.
نشر «احتياطي» لمقاتلات «إف 16»
في سياق متصل، أعلنت أوكرانيا أنها تنوي نشر جزء من المقاتلات الغربية من طراز «إف16»، التي تسلَّم إلى كييف، في مطارات بعض البلدان المجاورة بهدف حمايتها من الضربات الروسية. وأعاد الحديث عن تزويد أوكرانيا بهذه المقاتلات التذكير بخطر استخدام السلاح النووي، بعدما رأت موسكو أن وصول المقاتلات إلى الأراضي الأوكرانية وبدء استخدامها ضد مواقع روسية يفتح على تهديد بالانزلاق نحو مواجهة تستخدم فيها القدرات النووية.
ونقل موقع «سترانا. وا» الأوكراني، الاثنين، عن سيرغي غولوبتسوف، قائد سلاح الطيران في الجيش الأوكراني، أن «بعض المقاتلات التي تسلَّم إلى أوكرانيا سوف يبقى في مطارات وقواعد عسكرية خارج البلاد، حيث يجري فيها تدريب طيارين وطواقم لدينا. هناك عدد معين من الطائرات ستخزَّن في قواعد جوية آمنة، وليس في أوكرانيا، لذلك لن تكون أهدافاً لضربات روسية». وأوضح غولوبتسوف أن المقاتلات التي سوف تنشر في المطارات الأجنبية ستكون «احتياطية في حال الحاجة إلى استبدال وإصلاح الطائرات المعيبة»، في إشارة إلى أن بلاده لن تستخدم كل الترسانة التي يقدمها الغرب حالياً في عمليات هجومية.
ويعدّ هذا رداً على تهديدات روسية سابقة باستهداف المواقع التي سوف تنشر فيها المقاتلات. وكان رئيس لجنة الدفاع في «مجلس الدوما (النواب)»، آندريه كارتابولوف، أفاد وكالة أنباء «نوفوستي» الحكومية بأنه «إذا شاركت مقاتلات (إف16) في مهام قتالية، فإنها والمطارات التي تتمركز فيها ستصبح هدفاً مشروعاً للقوات المسلحة الروسية. ولكن إذا كانت تخزن فقط في المطارات، فلن تكون لدينا مطالبات ضد البلدان التي تخزنها». وأكد النائب: «لكن إذا أقلعوا من مطارات دولة ما، ودخلوا المجال الجوي الأوكراني، وأطلقوا الصواريخ ثم عادوا إلى هناك، فهذا هدف مشروع».
وكانت الولايات المتحدة وافقت على تسليم كييف مقاتلات من هذا الطراز عبر حليفاتها في أوروبا. وبدأت هولندا والدنمارك عمليات واسعة لتدريب الطيارين الأوكرانيين، وأعلنت أخيراً عن بدء تسليم كييف هذه الطائرات. وتتوقع لاهاي إرسال أولى الطائرات إلى أوكرانيا هذا العام، كما صرح وزير الخارجية البلجيكي، آجا لبيب، أن بروكسل ستسلم 30 طائرة من هذا الطراز بحلول عام 2028.
وحذرت موسكو الدول الغربية من تداعيات خطرة للتطور، ووفقاً لوزير الخارجية، سيرغي لافروف، فإن روسيا «تنظر إلى تسليم طائرات (إف16) على أنه إشارة متعمدة من (حلف شمال الأطلسي) في المجال النووي». وشدد لافروف على أن ظهورها في أوكرانيا «لن يغير الوضع على خط التماس القتالي بأي حال من الأحوال؛ إذ ستدمَّر هذه الطائرات كغيرها من أنواع الأسلحة».
وتعدّ روسيا تزويد أوكرانيا بطائرات مقاتلة من طراز «إف16» إشارةً متعمدة من «حلف شمال الأطلسي» في المجال النووي، «في حين ستدمَّر هذه الطائرات بالطريقة نفسها التي تدمَّر بها الأسلحة الأخرى للقوات المسلحة الأوكرانية»، ولن يغير مظهرها، من وجهة نظرها، الوضع في ساحة المعركة بأي شكل من الأشكال. وقال وزير الخارجية، سيرغي لافروف، في مقابلة مع «ريا نوفوستي» إن «مقاتلات (إف16) وسيلة الإيصال الرئيسية في إطار ما تسمى (المهام النووية المشتركة لحلف شمال الأطلسي)، لذلك، لا يسعنا إلا أن نعدّ توريد هذه الأنظمة إلى نظام كييف إشارة متعمدة من قبل الناتو (…) إنهم (الغرب) يحاولون أن يجعلونا نفهم أن الولايات المتحدة و(حلف شمال الأطلسي) مستعدان لأي شيء في أوكرانيا».
تزامناً مع ذلك، كشف مدير إدارة الاقتصاد العسكري في الجيش الفنلندي، ميكو هيسكانين، عن إرسال بلاده عينات من الأسلحة الفنلندية إلى أوكرانيا، مشيراً إلى أن بعضها لا يزال في مرحلة التطوير. ونقلت وسائل إعلام محلية عن هيسكانين أنه «إلى جانب الأسلحة القديمة عند الجيش الفنلندي، يجري إرسال عينات من الأسلحة الجاري تطويرها»، من دون أن يحدد صنوف تلك الأسلحة. وقال: «يجري أيضاً تصدير أحدث الابتكارات من صناعة الدفاع الفنلندية إلى أوكرانيا»، وإن «التجارب والخبرات المكتسبة من أداء تلك الأسلحة في نزاع أوكرانيا ستسخَّر لاحقاً في تطوير الآليات العسكرية الفنلندية».