
حسين زلغوط, خاص – “رأي سياسي” :
خضعت الزيارة الثالثة الى بيروت منذ الاعلان عن فتح جبهة الجنوب كقوة إسناد لغزة للموفد الأميركي آموس هوكشتاين الى كثير من التحليلات والتفسيرات، خصوصا لجهة مفردات البيان المكتوب الذي تلاه بعد اجتماعه مع رئيس مجلس النواب نبيه بري، ولجهة إشارته إلى عدم انسحاب هدنة غزة تلقائياً على جبهة الجنوب اللبناني، واعتبر البعض من المتابعين أن ما قاله الموفد الأميركي كان بمثابة تهديد ضمني لدفع المقاومة إلى وقف عملياتها ضد العدو الإسرائيلي، فيما ذهب البعض باتجاه اعتبار مضمون البيان بأنه جس نبض للبنان، لمعرفة ما يمكن أن يكون عليه الموقف اللبناني في حال تم التوصل الى هدنة في غزة على عتبة الدخول في شهر رمضان المبارك، وما اذا كان بالإمكان الحصول على ضمانات بعدم استمرار “حزب الله” في التصعيد .
مما لا شك فيه ان الإجتماع الأبرز لهوكشتاين كان مع رئيس مجلس النواب نبيه بري، وهو تقصد أن يكون تصريحه بعد الاجتماع الذي استمر نحو ساعة ونصف ساعة مكتوباً، حيث حاول من خلال ايحاءاته الطلب بأن يخفّف “حزب الله” عملياته بما يؤدي إلى تخفيف الضغط بشكل يتيح للمستوطنين الاسرائيليين العودة إلى منازلهم في الشمال وللنازحين من الجنوب بالعودة إلى قراهم.
ووفق المعلومات فإن المسؤول الأميركي سمع من الرئيس بري ما لم يتوقعه، حيث أعلن أمامه أن لبنان معتدى عليه من قبل اسرائيل، والمقاومة الى الآن ما تزال تنفذ عمليات عسكرية ضد مواقع وجنود، بينما يردّ العدو علينا باستهداف المدنيين وتدمير البيوت من دون سبب وهو من يرغب بالتصعيد، كما أن هوكشتاين خاب ضنه كونه كان يريد أن يحصل من المسؤولين اللبنانيين على نوع من الضمانات، وهذا ما لم يؤتى على ذكره لا من قريب ولا من بعيد.
كما أن الموفد الأميركي تحدث عن خطوات يمكن القيام بها في ما خص الجنوب، وهذه الخطوات تبدأ بوقف إطلاق النار، ومن ثم تفعيل خطة نشر قوات كبيرة للجيش اللبناني في كل المنطقة الحدودية، ليأتي بعدها الالتزام بعدم الظهور المسلّح لغير الجيش، وفي حال نُفذت هذه الخطوات تبدأ جولات تفاوضية لتسوية النزاعات على الحدود البرية بين لبنان وإسرائيل.
وكشفت مصادر سياسية لموقع “رأي سياسي” أن الموفد الأميركي الذي غادر لبنان الى اسرائيل عن طريق قبرص، أبقى أحد مساعديه في بيروت لمواصلة الاجتماعات مع المسؤولين اللبنانيين، الذين ابلغو هوكشتاين أنهم ما زالوا غير مقتنعين بما طرحه أمامهم، وهم ينتظرون عودته مجدداً لكي يضعهم في أجواء اتصالاته مع الاسرائيليين.
وفي رأي المصادر أن هوكشتاين الذي خبر السياسة اللبنانية، والواقع اللبناني القائم، لا شك أنه يدرك بأن مهمته لن تكون سهلة، وأن طريقه للوصول الى تحقيق ما يريد وعرة، وشديدة التعقيد، وهو حاول أن يضيف على مواقفه شيء من الحدية، لكنه سرعان ما شعر بأن الحدية لا تفيد في عملية التفاوض، لأن لبنان لم يعد هو ذاته منذ سنوات حيث كان يُحكم من قبل هذه السفارة أو تلك، فلبنان اليوم قوي ويستطيع أن يقول لا، حيال أي طرح يرى فيه انتقاصاً من سيادته واستقراره، وحريته.
وتؤكد المصادر أن هوكشتاين لم يطرح مسألة تطبيق القرار 1701 كاملاً، علما أن كل المسؤولين في لبنان أجمعوا على ذلك، لكن كان همه الأساسي والوحيد الوصول إلى وقف لإطلاق النار وإعادة المستوطنيين الى منازلهم، وبعدها يمكن الانتقال للبحث في تطبيق كامل بنود هذا القرار، وهو ما يرفضه لبنان بشكل قاطع، وهذا ما يجعل مهمة هوكشتاين من دون جدوى ما لم يغير من نمط طروحاته، والتصرف بمسؤولية ومن دون انحياز الى جانب اسرائيل التي يرى انها هي من أعتديا عليها رغم كل ما قامت وتقوم به منذ خمسة أشهر.