
حسين زلغوط.
خاص رأي سياسي…
صوّب رئيس مجلس النواب نبيه بري “انتيناته” باتجاه قصر الاليزيه في باريس لالتقاط ما أمكن من اشارات ومعطيات علّها تساعد على معرفة الاتجاه الذي يمكن أن يسلكه الاستحقاق الرئاسي مع قابل الايام، وهو تحدث امام من التقاه بعد جلسة الاربعاء الماضية ، بأنه يود التريث في تجديد دعوته للحوار ، وانه ليس في وارد تكرار ذلك ما لم يضمن حضور كامل الافرقاء ومن دون اي فيتو من قبل أي جهة داخلية كانت ام خارجية.
ويرغب الرئيس بري وفق ما ينقل عنه بأن تكون دعوته للجلسة الثالثة عشرة ، الدعوة الاخيرة التي يتم فيها انتخاب رئيس الجمهورية ، وهو لن يوجه الدعوة ما لم تكن جميع عناصر النجاح في انجاز هذا الاستحقاق متوافرة، لكي لا تكون الجلسة مطابقة للجلسات السابقة من حيث الشكل والمضمون ، سيما وان الشعب اللبناني ومعه الخارج سئم من تكرار المشهد في ساحة النجمة ، وهو يريد ان يكون هناك رئيس للجمهورية وحكومة مكتملة الاوصاف تشرع في الاصلاحات لبلوغ هدف الخروج من الازمة الاقتصادية والمعيشية.
ويؤكد زوار الرئيس بري انه دائم الحركة ويتابع كل شاردة وواردة على المستوين الاقليمي والدولي لها صلة بالشأن اللبناني ، لانه بات على قناعة تامة بأن التفاهمات الخارجية تشكل قوة دفع للداخل اللبناني وتجعل من اي حوار محتمل ذا قيمة ويعبد الطريق امام رئيس توافقي يملء الشغور الرئاسي الذي طال امده في قصر بعبدا.
وعليه فان الرئيس بري ينتظر مجيء الموفد الرئاسي الفرنسي جان ايف لودريان الذي سيحمل معه الى بيروت الاربعاء حصيلة ما تم التفاهم عليه في لقاء الرئيس الفرنسي ايمانويل ماكرون وولي العهد السعودي محمد بن سلمان، وما اتفقت عليه خلية الازمة، ناهيك عن النقاط التي بحثها لودريان مع وزيرة الخارجية الفرنسية كاترين كولونا لكي يكوّن صورة متكاملة عن الموقف العربي والدولي ليبني على الشيء مقتضاه، فإما يمضي قدما في الدعوة للحوار، أو ان يتريث بانتظار بلورة المشهد الاقليمي بشكل كامل، لأنه ليس في وارد القيام بأي خطوة لا تؤدي الى تغيير جذري في الواقع الحالي.
واذا كان اكثر من مسؤول لبناني يتعاطى بجدية فائقة مع زيارة الموفد الفرنسي وما يمكن ان يطرحه في هذه الزيارة من أفكار وصيغ حل جديدة تتعلق بالشأن الرئاسي ، الا أن أي من هؤلاء لا يجزم بامكانية ان تحدث هذه الزيارة خرقاً سريعا في جدار الازمة الرئاسية ، وان هذه الزيارة ستكون مخصصة لابلاغ المسؤولين اللبنانيين المخاطر المنتظرة من استمرار حالة المراوحة في الملف الرئاسي، وهو سيعكس بالتأكيد ما نجم عنه اللقاء الذي جمع الرئيس ماكرون بولي العهد السعودي في ما خص الملف اللبناني، اضافة الى نتائج الاتصالات المكثفة التي تجري في هذا السياق بين باريس وطهران.
ووفق ما يتم تناوله في الصالونات السياسية الضيقة فان مهمة لودريان ربما تكون الفرصة الاخيرة، وأن رأس الدبلوماسية الفرنسية السابق الذي لديه اطلاع كبير ومعلومات واسعة عن لبنان ، وهو الذي لعب دور مماثل في السابق يدرك تمام الادراك كما كل العاملين على خط المعالجات في الخارج ان الوضع السياسي في لبنان ميؤوس منه لجهة امكانية الاتفاق على انتخاب رئيس، وانه بات يتوجب بعد الذي حصل في الجلسة الاخيرة لانتخاب رئيس طرح حل يتجاوز الاسماء المطروحة حاليا وان هذا الامر يمكن ان يكون عن طريق تسوية اقليمية- دولية ملزمة للجميع ،تشمل ايضا تشكيل الحكومة ، كون ان الممسكين بالملف اللبناني يودون ان يلتحق لبنان بقطار التفاهمات والتوافقات التي تحصل على مساحة المنطقة ،وانهم ليسوا في وارد اتمام الاستحقاق الرئاسي والوقوع مجددا بأزمة تأليف الحكومة، وهم لاجل ذلك لن ينتظروا طويلا لتحقيق هذه الغاية، وان الموفد الفرنسي سيبلغ المسؤولين في لبنان حرفيا هذا الموقف ، وانه سيرفع من منسوب التحذيرات من استمرار حالة المراوحة القاتلة ، التي ان استمرت مدة أطول فان ذلك يعني ان لبنان ربما يترك لمصيره كونه لم يتجاوب مع المبادرات الدولية للخروج من المأزق.