مهرجان الفشل اللبناني الإقليمي الدولي
تتعاظم اعراض الفشل اللبناني عبر مظاهر الخفة والتسطح في مواجهة التحديات الوطنية ومحاولات استغباء اللبنانيين واقناعهم بان مشاكلهم المعقدة ستحل مجرد اجراء الانتخابات النيابية عبر انتصار هذا الفريق الفاشل على ذلك الفريق الفاشل، وتبسيط مشاكل لبنان المعقدة وفي ذلك احتقار الوعي المجتمعي العام، الذي تكون عبر تجرع مرارات الازمات والنزاعات المتراكمة والناتجة عن فشل تلك المكونات السياسية التي امعنت في تكرار نفس الاخطاء بغية الحصول على نتائج مغايرة، وهذا ما يسمى جنون في المرات الاولى لتكرار الفعل ولكن عندما يصبح الفشل ثقافة ومحل تباهي واعتزاز عندها تكون تلك المكونات قد تجاوزت مرحلة الجنون الى مرحلة الوباء الذي بات يهدد من جديد اجيال لبنان.
تجاهل كل الاعلام والسياسيين كل تصريحات وزير خارجية الفاتيكان وهو يتحدث بوضوح ومرارة وحزم عن المخاطر التي باتت تهدد وجود لبنان ودول اخرى في المنطقة، وذلك التجاهل لم يكن حماقة او عدم فهم بل كان تجاهل متعمد لأن هناك من يعتقد انه سيكون هناك لبنان آخر بعد زوال هذا اللبنان، وما اكثر هؤلاء الادعياء وهم يستحقون الشفقة والرحمة ويحتاجون للحجر والعلاج، لانهم لم يتعلموا من تجاربهم السوداء التي اضاعوا خلالها كل اسباب الاستقرار والازدهار، ولا نستطيع استثناء اي مكون لأن كبائر الخفة والفشل والتآمر على سكينة الشعب اللبناني واستقراره قد تناوب على ارتكابها كل المكونات السياسية الطائفية والأيديولوجية والمليشياوية .
استطاع وزير خارجية الفاتيكان بحزم وثبات ان يعيد تجديد ما كان قد بدأه البابا فرنسيس بعد اجتماعه مع بطاركة الشرق في ٢ تموز ٢٠٢١ في محاولة لتكوين نواة ارادة انقاذ وطنية ومشرقية والذي اتبعه باجتماع وزيري خارجية فرنسا واميركا حول لبنان ومن ثم اجتماعهما مع وزير خارجية السعودية، وإن ما نشاهده من عودة خجولة للانتظام الهش والذي جاء نتيجة رعاية الفاتيكان الدقيقة لهذه الفرصة المهددة دائما بالفشل نتيجة تعارض الاجندات المحلية والاقليمية والدولية وتداخلها مع التحولات المصيرية والغير مسبوقة في المنطقة بالاضافة إلى تعاظم اهوال النزاعات الداخلية المسلحة، وكل تلك الازمات تتزامن مع تحديات انتخابية لدى الادارات الفرنسية والاميركية المعنية بالملف اللبناني والتي تواجه قوى متشددة لها امتداداتها في لبنان، وربما يكون هذا ما استدعى حضور وزير خارجية الفاتيكان وربما حضور غيره من الوزراء الدوليين لانقاذ فكرة لبنان من وباء الفشل اللبناني.
وباء الفشل اللبناني شديد العدوى والانتشار، فلقد اصاب ايضا ممثلي الدول المتدخلة في لبنان وبدأت اعراضه تظهر على اصحاب السعادة السفراء المنخرطين في جنون الفشل اللبناني بشغف واشتياق وكأننا امام ظاهرة تجعلنا نعتقد بأن الجنون والفشل الذي نشاهده في لبنان ما هو سوى صورة مصغرة عن الفشل الاقليمي والدولي في المنطقة على مدى مئة عام من ابتكار الحروب والنزاعات والاختبارات والحماقات وافتعال الكيانات والمكونات وتفجير التجارب من داخلها وتفكيك الدول والجيوش والمؤسسات واوهام القرارت الدولية، بالاضافة الى ما شاهدناه بعد الحرب الباردة من موجات التشدد الديني والقومي لدى المجتمعات الغربية ونزوعها نحو التفكك والانكماش ورفض الاخر بالاضافة الى ما نراه في لبنان من خفة سياسية ودبلوماسية عبر ذلك الانسجام والاستمتاع في مهرجان الفشل اللبناني الاقليمي الدولي.