من يفكك لغز ارتفاع الاسعار الجنوني… و ما هي مبرراته؟!

كتب خضر السبعين

عندما تخطى سعر الدولار الاميركي منذ بضعة اسابيع الثلاثة و ثلاثين الف ليرة شهد لبنان ارتفاعا جنونيا بالاسعار و خاصة السلع الغذائية و الادوية و المحروقات، و تحول البلد الى حفلات جنون لا مثيل لها في العالم، و في هذا الوقت كان المسؤولون ينكرون وجود ازمات خانقة و يدعون ان البلد ماشي و الشغل ماشي و المواطن يعيش في سويسرا الشرق، و كما يقول المثل الشعبي :” نيال يلي عنده مرقد عنزة بلبنان”، بينما كان البلد يشهد المزيد من التدهور منذ العام 2021 وصولا الى العام ٢٠٢٢.
وبحسب “الأمم المتحدة” فان أكثر من 80% من سكان البلاد محرومون من حقوقهم الأساسية، منها: الصحة، والتعليم، والمستوى المعيشي اللائق، مثل السكن الملائم والكهرباء.
و وصف “البنك الدولي” أزمة لبنان بـ”الكساد المتعمد”، بسبب سوء إدارة القادة اللبنانيين وغياب التدابير السياسية الفعالة، وصنفها ضمن أسوأ ثلاث أزمات مالية عالمية منذ منتصف القرن 19.
و قد خسرت الليرة اللبنانية 90% من قيمتها منذ تشرين الأول 2019، ما أضعف قدرة الناس على الحصول على السلع الأساسية، بما يشمل الطعام، و المياه، و الرعاية الصحية، و التعليم.
كما تسبب نقص الوقود في انقطاع الكهرباء على نطاق واسع، لمدّة تصل إلى 23 ساعة في اليوم. و لم تتمكن المولّدات الخاصّة (وهي بديل مُكلف) من سد الفجوة، ما أغرق أجزاء كبيرة من البلاد في الظلام لعدة ساعات في اليوم عدا عن الارتفاع الهائل في قيمة الاشتراكات الخاصة.
كما ألغت الحكومة اللبنانية الدعم او خفضته عن: الوقود، والقمح، والأدوية، وغيرها من السلع الأساسية، لكنها لم تنفذ خطة حماية اجتماعية ملائمة لحماية السكان ضعاف الحال من تأثير الزيادات الحادة في الأسعار و ماتزال البطاقة التمويلية مجرد حلم يراود الفقراء.
و بحسب البنك الدولي، فإن الأزمة المالية والاقتصادية في لبنان تسبب فيها “التعامل السياسي غير الملائم والمتعمد” من قبل السلطات اللبنانية.
بين حزيران 2019 و حزيران 2021، و بلغ معدل التضخم 281%. و زادت أسعار الغذاء وحدها بـ 550% بين آب 2020 وآب 2021. في ذات الوقت، فقدت العملة الوطنية 90% من القيمة التي كانت عليها قبل الأزمة.
و تقدر الأمم المتحدة أنّ نسبة السكان الذين يعيشون في الفقر بلغت 78% حتى آذار 2021 أي ثلاثة أضعاف النسبة المقدرة في 2020.
و يعيش 36% من السكان أيضا في الفقر المدقع.
هذه الارقام ارتفعت كثيرا منذ مطلع العام ٢٠٢٢ خاصة مع تزايد الازمات العالمية و تحديدا الحرب الروسية الاوكرانية.
و بالعودة الى الاوضاع القائمة حاليا، هناك تساؤلات عديدة عن استمرار رفع الاسعار بالرغم من تراجع قيمة الدولار الاميركي اكثر من عشرة الاف ليرة لبنانية عما كان عليه قبل عدة اسابيع، فما هي المبررات، و لماذا هذا الجنون، و كيف يمكن للمواطن العادي ان يتحمل هذه الاعباء و هو يعاني من البطالة و غياب التقديمات الاجتماعية و الانسانية؟
و على سبيل المثال بلغ سعر صدر الدجاج، عندما تجاوز سعر الدولار ال ٣٣ الف ليرة ١١٠ الاف ليرة لبنانية، و عندما وصل الدولار ٢٢ الفا كان ٩٠ الفا، و مع ارتفاع سعر الدولار اليوم الى ٢٣ الفا فان كيلو صدر الدجاج حاليا ١٢٠ الف ليرة لبنانية، و الذريعة حاضرة دائما لتبرير رفع الاسعار.
كيلو الخيار كان ١٠ الاف ليرة عندما كان سعر الدولار ٣٣ الفا، اما اليوم فسعر الكيلو ٢٠ الفا.
قد يربط معظم التجار ارتفاع الاسعار بالحرب الروسية الاوكرانية، و هذا كلام حق يراد به باطل، فبمجرد اطلاق اول قذيفة في هذه الحرب ارتفعت الاسعار و اختفت معظم السلع من الاسواق، من اجل احتكارها و رفع سعرها بشكل جنوني.
و اذا ما سألت تاجرا عن الغلاء يقول ان الحرب و شح الواردات هما السبب.
و اذا ما سألته عن عدم تخفيض الاسعار عندما تنخفض قيمة الدولار، يدعي انه اشترى بضاعته على السعر العالي، و اذا ما ارتفع الدولار قليلا يرتفع سعر البضاعة فورا، و يدعي التاجر انه يحصن تجارته من ارتفاع اخر.
انها مبررات واهية و غير منطقية تترافق مع تقاعس الجهات الرقابية الرسمية عن القيام بما عليها لجهة ضبط الاسعار و منع الاحتكار مما يشجع الجشعين على المزيد من التفلت و الاستغلال.
و في كل الاحوال يبقى المواطن هو الضحية… و يحدثونك عن الانتخابات النيابية بينما المواطنون يتضورون جوعا و يتألمون من المرض…. فماذا ستكون عليه الايام القادمة، و من يفكك لغز ارتفاع الاسعار و يفرمل الانزلاق نحو الهاوية؟؟!