منذ الثانية.. هذا ما تفعله السجائر الإلكترونية في جسدك بعد 20 عاماً
وُصف التدخين الإلكتروني في وقت سابق على أنه بديل للتدخين العادي، باعتباره يوفر جرعة من النيكوتين دون أي أضرار تقريباً، لكن مجموعة من الدراسات والتحليلات الحديثة، أثبتت أن السجائر الإلكترونية (التي تستخدم البخار بدلاً من الدخان)، ترتبط بمجموعة من المخاطر المثيرة للقلق، منها أضرار جسيمة للأوعية الدموية، وحدوث تندب الرئة الدائم.
وقد دفعت النتائج الخبراء إلى التساؤل عما إذا كانت السجائر الإلكترونية تسبب ضرراً أقل، أو مجرد نوع مختلف من الضرر، مقارنة بالسجائر العادية التي تزيد من خطر الإصابة بالسرطان 15 ضعفاً.
وتحتوي سجائر التبغ على أكثر من 7000 مادة كيميائية، الكثير منها مسبب للسرطان، بينما يُعتقد بأن السجائر الإلكترونية تحتوي على نحو 2000 مادة. كما أن السجائر الإلكترونية لا تنتج القطران أو أول أكسيد الكربون، وهما من أكثر العناصر الضارة الموجودة في دخان التبغ.
وأشار أطباء إلى أن القلق بشأن السجائر الإلكترونية يعود لكون التفاعلات الكيميائية بين السائل والمعدن تؤدي إلى إطلاق معادن سامة مثل الزرنيخ والكروم والنيكل والرصاص.
من جانبها، لجأت صحيفة «دايلي ميل» البريطانية إلى العديد من الخبراء، وراجعت العديد من الدراسات لمقارنة ما تفعله السجائر الإلكترونية في الجسم عند استنشاق بخارها مقابل دخان السجائر، وذلك من الثانية التي تستنشق فيها السجائر الإلكترونية إلى دقائق وساعات وحتى أشهر.
في غضون 5 ثوان
أشار الأطباء إلى أنه عندما تقوم بالسحب من السيجارة الإلكترونية، يقوم تيار كهربائي يعمل بالبطارية بتسخين ملف من الأسلاك الرفيعة المقاومة للحرارة العالية، والمشبعة بسائل يحتوي على النيكوتين والعديد من المواد الكيميائية الأخرى بما في ذلك المنكهات، فيتحول السائل الساخن إلى بخار يستنشقه المستخدم.
ويمر كل من البخار ودخان السجائر عبر الجهاز التنفسي العلوي والقصبة الهوائية والشعب الهوائية والقصبات الهوائية في الرئتين، ويصلان في النهاية إلى الحويصلات الهوائية، وهي أكياس صغيرة، حيث يتم تبادل الأكسجين وثاني أكسيد الكربون.
هناك، تمر المواد الكيميائية للسجائر الإلكترونية عبر الرئتين وتدخل مجرى الدم، حيث تنتقل إلى جميع أنحاء الجسم، بما في ذلك إلى الدماغ.
لكن السجائر مختلفة، فخلال الثواني الخمس الأولى من تدخين السيجارة، يرتبط أول أكسيد الكربون الناتج عن دخان السجائر بالهيموجلوبين في خلايا الدم الحمراء.
لذا، قال الدكتور أوتولانا، طبيب متخصص في الإدمان من إنجلترا: «إن هذا يقلل من قدرة الدم على حمل الأكسجين». وتأثير ذلك هو أن الجسم يجب أن يعوض ذلك من خلال العمل بجهد أكبر عن طريق زيادة التنفس ومعدل ضربات القلب.
في غضون 20 دقيقة
وإضافة إلى تأثيره في الدماغ، للنيكوتين تأثير كبير في القلب أيضاً، فهذه المادة ترفع ضغط الدم وتجعل القلب ينبض بشكل أسرع.
وقال الدكتور أولفيرت: «يزداد معدل ضربات القلب على نطاق يتراوح من ثوان إلى دقائق، لأن النيكوتين يتم امتصاصه بسرعة كبيرة جداً».
كما تعمل المكونات السامة والبكتيريا الموجودة في السجائر أيضاً على قتل البكتيريا الجيدة في الفم، ما يتسبب في جفافه، ويسبب رائحة الفم الكريهة.
وخلال الدقائق القليلة التالية، سيؤدي التدخين الإلكتروني والتدخين العادي إلى تضييق الشرايين بشكل كبير وانقباض الأوعية الدموية، ما قد يؤدي إلى ارتفاع ضغط الدم. وذلك بسبب النيكوتين الذي يطلق إشارات الدماغ التي ترشد إلى تضييق الأوعية التي تغذي القلب، وسيبدأ بعض الأشخاص في المعاناة من برودة اليدين والقدمين بسبب خلل في الدورة الدموية.
ووجدت الدراسات بشأن تدخين السجائر الإلكترونية، أنه كان لدى المشاركين ارتفاع ملحوظ في معدل ضربات القلب وتكرار التنفس ودرجة حرارة الفم وانخفاض مستويات الأوكسجين في الدم، ما قد يظهر على شكل صداع.
كما أنه سترتفع درجة حرارة الجسم بشكل عام قليلاً، وذلك بسبب زيادة معدل التنفس الذي سيولد المزيد من الحرارة.
وبعد نحو 20 دقيقة من تدخين السيجارة، تقل حاسة الشم لديك؛ إذ تمنع الكميات الكبيرة من المواد الكيميائية الموجودة في السجائر تجديد خلايا الظهارة الشمية، التي تبطن الأنف والمسؤولة عن حاسة الشم لدينا.
بعد 30 دقيقة
وجدت دراسة نشرت في JAMA Pediatrics أنه في غضون نصف ساعة من تدخين السجائر الإلكترونية، تتعرض خلايا الجسم لما يسمى الإجهاد التأكسدي. ويحدث هذا بسبب خلل في توازن الجذور الحرة (الجزيئات التي يمكن أن تسبب ضرراً للخلايا) ومضادات الأكسدة التي تحارب الجذور الحرة.
ويمكن أن يؤدي الإجهاد التأكسدي إلى أعراض مثل التعب وضباب الدماغ وآلام العضلات والصداع.
وقارن باحثون من جامعة كاليفورنيا، لوس أنجلوس، الإجهاد التأكسدي في رئتي مدخني السجائر الروتينيين، ومدخني السجائر الإلكترونية، والأشخاص الذين ليس لديهم تاريخ في استخدام التبغ أو أجهزة النيكوتين على المدى الطويل.
ووجد الباحثون أن التدخين الإلكتروني لمدة 30 دقيقة فقط تسبب في مستويات الإجهاد التأكسدي أعلى مرتين إلى أربع مرات من المستويات الأساسية لدى أولئك الذين ليس لديهم تاريخ في التدخين سابقاً.
بعد ساعة
ومع كلا الجهازين، قال الدكتور أوتولانا: «بعد ساعة، سيبدأ الجسم في استقلاب النيكوتين، ما يؤدي إلى انخفاض تركيزه في مجرى الدم ويجعل الشخص يبدأ في الرغبة في سيجارة أخرى (أو نفخة في السجائر الإلكترونية). هذه هي الطريقة التي يتطور بها الإدمان».
ويستغرق الأمر بضع ساعات بعد تدخين السجائر الإلكترونية حتى يعاني الجسم ما يسمى خلل الخلايا البطانية. كما تمنع الأوعية الدموية الكبيرة من الانفتاح بما يكفي لتزويد القلب والأنسجة الأخرى بالدم الكافي.
بعد يوم واحد
وجدت دراسة نشرها مؤخراً الدكتور أولفيرت وفريقه أنه بعد استخدام السجائر الإلكترونية وإيقافها لمدة ساعة، يستغرق الأمر ثلاثة أيام حتى تعود وظيفة الأوعية الدموية إلى وضعها الطبيعي.
وقال: «هذا صحيح إذا كان لديك 20 نفخة فقط، أو حتى 60 نفخة على الجهاز خلال فترة الساعة الواحدة، وهو أمر مذهل حقاً بالنسبة لي».
وتابع: «ما يخبرنا به ذلك هو أن عتبة الخلل الوظيفي الذي يتم إنشاؤه منخفضة جداً جداً، ولا يتطلب الأمر الكثير حتى يحدث هذا الخلل».
وأضاف: «إذا فكرت في شخص يستخدم السجائر الإلكترونية كل يوم، فستجد أنك تعاني بشكل أساسي استجابة القلب والأوعية الدموية المتغيرة في نظامك طوال الوقت، حيث تبدأ الأوعية الدموية في التصلب، وتبدأ في إنتاج المزيد من الكولاجين، وتقليل الإيلاستين، وبالتالي تصبح الأوعية الدموية أكثر صلابة».
وبعد يوم من تدخين السجائر، قد يصبح التنفس ضعيفاً؛ إذ يعمل المخاط الموجود في الرئتين على احتجاز أي شيء لا ينتمي إليه، بما في ذلك الدخان والسموم الأخرى، لكن الكثير من السوائل السميكة الناتجة عن السجائر يمكن أن تجعل التنفس أكثر صعوبة عن طريق تغطية وسد الممرات الهوائية الصغيرة داخل الرئتين.
وعادة، تقوم شعيرات صغيرة متحركة داخل الرئتين تسمى الأهداب بإزالة هذا المخاط، لكن الدخان يشل هذه المرشحات الطبيعية على الفور تقريباً ولبقية اليوم.
فقط في الليل أثناء النوم، يبدأون في التعافي والعودة إلى الحياة. وبحلول الصباح، تبدأ الأهداب المعاد تنشيطها في إزالة المخاط، ولهذا السبب قد يعاني المدخنون الشرهون سعالاً عميقاً ورطباً في الصباح.
ووفقاً لجامعة كارولينا الجنوبية، سيبدأ النيكوتين وأول أكسيد الكربون أخيراً في ترك النظام لدى المدخنين. وسيبدأ المخاط الزائد الذي يغلف رئتيك ويحميها في التصريف.
بعد أسبوع
بعد أسبوع من التدخين، تتسبب الحرارة والقطران المنبعثان من سيجارتك في تغيير لون أسنانك ولثتك وشفتيك، وفقاً لجامعة جنوب كاليفورنيا. كما أن التدخين يزيد من صعوبة دوران الدم حول الجسم، ما يعني أن ممارسة التمارين الرياضية يمكن أن تجعلك مرهقاً وتعاني صعوبة في التنفس.
بعد شهر
التدخين الإلكتروني لمدة شهر يمكن أن يسبب التهاب الرئة؛ إذ يمكن أن تصبح الجسيمات النانوية الناتجة عن بخار السجائر الإلكترونية مدمجة في الرئتين، ما يسبب الالتهاب ويزيد خطر الإصابة بمزيد من العدوى.
ويقول الدكتور أوتولانا: «يستغرق الالتهاب أياماً أو أسبوعين، اعتماداً على الجرعة، واعتماداً على عدد المرات التي يستخدم فيها الشخص السجائر الإلكترونية».
وتابع: «مع السيجارة الإلكترونية، إذا كنت تستخدم نكهة، مثل السينامالدهيد، فإن هذا يخلق استجابة التهابية هائلة في الرئتين، ويخلق مواد كيميائية إضافية تخلق تفاعلات».
ومع مرور الوقت، يمكن أن يؤدي التدخين الإلكتروني إلى تندب الأكياس الهوائية الصغيرة في الرئتين، بسبب مادة كيميائية تسمى ثنائي الأسيتيل، الموجودة في العديد من نكهات السجائر الإلكترونية، والتي تسبب الالتهاب عند استنشاقها.
وبالنسبة للسجائر، قال الدكتور أوتولانا: «إذا استمر التدخين، ففي الأسابيع التالية سيكون لأول أكسيد الكربون تأثير سلبي في الجسم، بما في ذلك انخفاض مستويات الأكسجين، وانخفاض التذوق وحاسة الشم، فضلاً عن انخفاض الدورة الدموية».
بعد ستة أشهر
وجدت إحدى الدراسات أن الأشخاص الذين استخدموا السجائر الإلكترونية لمدة ستة أشهر على الأقل، لديهم مستويات عالية من الالتهابات وجروح الفم وزيادة تصل إلى 100 ضعف في فطريات الفم.
وقال الدكتور أوتولانا: «مع السجائر ستنخفض وظيفة الرئة ببطء، وبعد عدة سنوات من التدخين الشره، يكون الشخص أكثر عرضة للإصابة بالأمراض المرتبطة بالتدخين مثل مرض الرئة التاجي ومرض الانسداد الرئوي المزمن».
بعد ثمانية أشهر
قام باحثون من جامعة وست فرجينيا بتحليل قطر الشريان وتصلب الفئران بعد التعرض طويل الأمد للسجائر الإلكترونية المنكهة، والتي تم تحديدها على أنها 20 ساعة في الأسبوع على مدى ثمانية أشهر.
وطورت الفئران الشرايين التي كانت أكثر تصلباً بمقدار الضعف من تلك التي لم يتم إعطاؤها أي بخار للسجائر الإلكترونية.
وكشفت الأبحاث السابقة عن أن الشرايين الضيقة أو المتصلبة يمكن أن تؤدي إلى نوبات قلبية أو سكتات دماغية.
وعانت كلتا المجموعتين أيضاً ضيق الشريان العضدي، وهو الوعاء الدموي الرئيسي الذي يزود الذراعين واليدين بالدم.
ويمكن أن يؤدي ارتفاع ضغط الدم والشرايين المتضيقة إلى حرمان القلب من الدم الغني بالأكسجين، وبمرور الوقت، يزيد خطر الإصابة بأمراض القلب.
ونظر الباحثون في بيانات 395 مشاركاً، 164 مدخناً، و117 مدخناً، و114 ليس لديهم تاريخ في تعاطي النيكوتين أو السجائر الإلكترونية أو التبغ.
وقاموا بتقييم ضغط الدم ومعدل ضربات القلب وقطر الشريان العضدي في الذراع وتقلب معدل ضربات القلب قبل التدخين الإلكتروني والتدخين وكذلك بعد 15 دقيقة.
وأشارت البيانات إلى أن الأشخاص الذين استخدموا السجائر الإلكترونية وأولئك الذين دخنوا السجائر كان لديهم نبض أسرع بأربع نبضات في الدقيقة بعد التدخين الإلكتروني أو التدخين، في حين لم يكن هناك تغيير بالنسبة لغير المستخدمين.
بعد ثلاث سنوات
بعد ثلاث سنوات، ربما يكون المدخنون العاديون والذين يستخدمون السجائر الإلكترونية قد أصيبوا بإدمان النيكوتين، واضطراب المزاج، وانخفاض دائم في التحكم في الاندفاعات.
ويغير النيكوتين أيضاً طريقة عمل المشابك العصبية، ما قد يؤدي إلى الإضرار بأجزاء الدماغ المرتبطة بالانتباه والتعلم.
ووجدت دراسة المجلة الأمريكية للطب الوقائي أنه بعد ثلاث سنوات من التدخين، كان مدخنو السجائر أكثر عرضة للإصابة بأمراض الجهاز التنفسي بمقدار 2.5 مرة مقارنة بالأشخاص الذين لم يستخدموا أي منتج من منتجات التبغ.
20 سنة فما فوق
قال الدكتور أوتولانا إن هناك نقصاً في البيانات طويلة المدى حول التأثيرات الصحية للسجائر الإلكترونية. لكن وفقاً لجامعة جنوب كاليفورنيا، مع مرور الوقت، ستتسبب السجائر في ظهور التجاعيد والبقع العمرية وستؤدي إلى شيخوخة بشرتك قبل الأوان.
وتؤدي حركة الفم عند سحب دخان السيجارة أيضاً إلى ظهور خطوط دقيقة حول الشفتين.
وقال الدكتور أولفيرت: «حتى مع سوء التدخين، لا يزال الأمر يستغرق من 15 إلى 20 عاماً للإصابة بانتفاخ الرئة وسرطان الرئة، وقبل أن تبدأ في ملاحظة التأثيرات، لكن بحلول الوقت الذي تلاحظ فيه التأثير فعلياً، يكون قد فات الأوان للتراجع عن هذا التغيير».
وتابع: «إذا كان الشخص يدخن السجائر لمدة 20 عاماً، فإن خطر الإصابة بسرطان الرئة يزداد بشكل كبير نتيجة للتبغ والمواد الكيميائية الأخرى الموجودة في السجائر».
كما يزيد التدخين من تكوين الترسبات في الأوعية الدموية، ما يزيد خطر الإصابة بأمراض القلب التاجية. وتتسبب المواد الكيميائية الموجودة في دخان السجائر في زيادة سماكة الدم وتكوين جلطات داخل الأوردة والشرايين، وفقاً لمركز السيطرة على الأمراض.