منتدى التعاون العربي – الصيني: الصين كشريك إستراتيجي شامل للعرب

كتبت د. دانة العنزي في صحيفة الراي.
يحظى الاجتماع الوزاري العاشر لمنتدى التعاون العربي– الصيني، الذي انعقد في بكين أواخر شهر مايو، بأهمية استثنائية خاصة. حيث ينعقد بمناسبة الذكرى العشرين لتأسيس المنتدى في 2004، كما ينعقد في أعقاب أول قمة عربية – صينية في ديسمبر 2022. كما ينعقد أيضاً في ظل ظروف استثنائية خطيرة يمر بها العالم والمنطقة وعلى رأس هذه الظروف حرب الإبادة الصهيونية في قطاع غزة.
وتنبع الأهمية الخاصة للاجتماع أيضاً من الكلمة التاريخية التي ألقاها الرئيس شي جين بينغ، في افتتاح الاجتماع. فرغم كونها لم تكن مطولة جداً، لكنها لخصت أهمية وعمق أفق تطور الشراكة الإستراتيجية بين الصين والعرب. كما عكست موقف الصين الواضح تجاه القضية الفلسطينية وحرب الإبادة في غزة.
يعد مفهوم الشراكة الإستراتيجية مفهوما فضفاضاً جدلياً إلى حد كبير. فالحد الفاصل بين مفهوم الشراكة الإستراتيجية، والتحالف الإستراتيجي، وغيرها من المفاهيم المشابهة غير واضح في أغلب الأحيان. لكن رغم ذلك، ثمة سمات محددة للشراكة الإستراتيجية، من أهمها، إطار تعاوني فضفاض للربح المتبادل، غير موجه ضد طرف محدد، قائم على المساواة بين الشركاء، إطار بعيد الأمد ومتجدد وشامل.
والصين في إطار شراكاتها الإستراتيجية تنطلق من هذه السمات حصرياً. لذا، فالعرب على وجه التحديد، يتمتعون بشراكة إستراتيجية طويلة مع الصين. وذلك بخلاف علاقاتهم التعاقدية مع القوى الأخرى المحددة في نطاق محدود من مجالات التعاون، أو تتركز على الأمن فقط.
فالشراكة العربية مع الصين، قد أفادت العرب بصورة كبيرة، حيث وجدوا شريكاً متعاوناً إلى أقصى حد، يمتلك زمام المبادرة في كل القضايا تقريباً، خاصة القضايا الاقتصادية، غير متدخل في شؤونهم ولا يرمي إلى تشكيل تحالفات أمنية موجهة ضد طرف أو قوى دولية، يحترم سيادتهم واستقلالهم، لديه رغبة في توسيع نطاق الشراكة إلى أفق أرحب وأعمق.
وهو ما عكسه الرئيس بينغ، في خطابه، الذي أفرد أفق توسع الشراكة مع العرب في مجالات متعددة للغاية، وصولاً إلى تعميق الشراكة في مجال الذكاء الاصطناعي والحفاظ على البيئة. لتدخل الشراكة بذلك مع العرب إلى مستوى الشراكة الإستراتيجية «الشاملة».
ولا ينطوي ذلك على استفادة مربحة كبيرة للغاية للعرب، لكنه يعكس أيضاً مدى أهمية العرب للصين. وهذا بدوره أيضاً سيزيد من الوزن والأهمية الإستراتيجية للعرب في العالم وزيادة استقلالهم السياسي، كما سيساهم في حل الكثير من المشكلات والتوترات الإقليمية في المنطقة. إذ تتبنى الصين ما يسمى المنظور الشامل للتنمية، والذي وفقاً للصينيين، بمقدوره حل الخلافات السياسية من خلاله في المنطقة العربية. وقد اختبرته الصين في إطار وساطاتها للتطبيع بين إيران والسعودية. كما ترى الصين أيضاً أن احترام حقوق الإنسان يتأتى عبر التنمية وليس فرض الإملاءات التي لا تتناسب مع وضعية وثقافة العرب.
وربما الأهم من كل ذلك، أن تعزيز الشراكة الإستراتيجية الشاملة مع العرب، ستساهم في حل القضية الفلسطينية بصورة جذرية. إذ أن وجود قطب عربي موحد مع شريك إستراتيجي كالصين يتحرك بنهج وصوت واحد، سيشكل عاملَ ضغط قوياً على الأطراف المعنية بالقضية الفلسطينية للتحرك صوب حل شامل على أساس حل الدولتين، الحل الذى يتبناه العرب والصينيون.
وفي المقدمة من ذلك، إنهاء حرب الإبادة في غزة التي دانها الرئيس بينغ في خطابه إدانة بالغة.
وتعد الكويت شريكاً إستراتيجياً رئيسياً للصين، وتعمقت مع انضمام الكويت لمبادرة (الحزام والطريق)، حتى أسفرت أخيراً تأسيس الصين لأول مركز ثقافي صيني في الكويت في أواخر 2023، والاتفاق على تنفيد ميناء مبارك الكبير في عام 2022. وفي سياق الشراكة الإستراتيجية الشاملة، ستتطور مجالات الشراكة إلى مستويات أشمل وأعمق لتخدم رؤية الكويت 2035.