ممثل الأمة
كتب م. عادل الجارالله الخرافي في صحيفة السياسة.
وفقا للمادة “108”، من الدستور، فإن “عضو المجلس يمثل الأمة بأسرها”، وعليه فإنه لحظة انتخابه عضوا في مجلس الأمة يكون “ممثلا للأمة” أي ممثل للشعب بأكمله، وليس لطائفة، أو قبيلة، أو عشيرة، أو تيار أوحزب.
وحين وضع المشرع الدستوري هذه المادة لم يكن ذلك بقصد التفخيم أو الإستزادة في عضوية المجلس، انما لتضع حدا بين أي مصلحة والمصلحة الوطنية، ولتضع سورا دستوريا أمام تحيزات، ونزوات، ونزعة الإنتقام أو الثأر، وتصفية الحسابات الخاصة لعضو مجلس الأمة، وذلك باعتباره إنسانا عرضة لكل ذلك، وبحيث يؤدي مهماته، بموجب القسم الذي أقسمه، ملتزما المصلحة الوطنية والمصلحة العامة، ومتى حاد عن ذلك يكون قد ارتكب مخالفة دستورية، فيضع قسمه محل تساؤل مشروع.
فهذه المادة الدستورية ليست للمزايدة، أو التباهي، انما هي حصن للمصلحة العامة يجب أن يلتزم عضو المجلس بمحدداتها ومضامينها في الرقابة والتشريع.
والسؤال المشروع هنا: هل يلتزم أعضاء مجلس الأمة بدلالات هذه المادة الدستورية؟
الحقيقة أن ذلك لطالما تخللته استثناءات في الرقابة، والتشريع كذلك، نتلمس فيها التحيز، أو الثأر، أو الإنتقام على نحو يعطل تلك المادة الدستورية، وذلك ليس مبالغة أو تجنيا على أحد، معاذ الله، لكنها حقيقة صادمة يجب أن تقال بهدف تصحيح الممارسة البرلمانية، وتنقيحها من التحيز، ونزوات الإنتقام، وتصفية الحسابات التي أصبحت ظاهرة واضحة، وملموسة في بعض الممارسات البرلمانية.
أنا هنا لا أطلب من عضو مجلس الأمة أن يكون “مثالياً”، لكنني أنبه إلى مظاهر سلبية لا تستقيم مع ما هو مطلوب من “ممثل الأمة”، فالأمة تنشد ممارسة برلمانية ديمقراطية هدفها الوطن، والمواطن، وليس شيئاً آخر يبيت فيه عضو المجلس أهدافه، ونواياه، وأجندته الخاصة.
وعلى الناخب أن يتابع، ويحاسب، ويراقب بعين الوطن ومن منظار المصلحة الوطنية.
إن هذه المادة الدستورية التي ذكرتها أعلاه، وحدها، لو وضعها عضو مجلس الأمة نصب عينيه، وجعلها مرشدا لممارسته البرلمانية، والتزمها، لأصبحت مبدأ دستوريا يصلح العديد من أخطاء العمل البرلماني، وينقيه من الشوائب، “فَهَلْ مِنْ مُدَّكِرٍ”، (صدق الله العظيم).