حسين زلغوط, خاص- “رأي سياسي” :
ينتظران أن يكون لقاء الإليزيه الذي جمع الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون مع رئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي بحضور قائد الجيش العماد جوزف عون في صلب المتابعات السياسية في بيروت هذا الاسبوع بالنظر لتوقيته الذي تزامن مع حراك اللجنة الخماسية محلياً، وفي ظل ارتفاع منسوب التصعيد في الجنوب، وإنسداد الأفق السياسي الداخلي، في ما خص الاستحقاق الرئاسي.
وإذا كان هذا اللقاء قد تناول كل المسائل التي تعيق انتخاب الرئيس وإنتظام عمل مؤسسات الدولة إضافة الى الوضع المتفجر في الجنوب وما يمكن العمل له للعودة الى الالتزام بالقرار 1701، فان مسألة النزوح السوري، أخذت حيزًا واسعًا من النقاش وصل الى نهاية مفادها أن باريس ستبذل ما بوسعها مع كل الدول المعنية لمقاربة هذا الملف بشكل يحفظ إستقرار لبنان.
وفي ما خص الاستحقاق الرئاسي فإن الرئيس الفرنسي وفق معلومات حصل عليها موقع “رأي سياسي” من وزير تواصل مع الرئيس ميقاتي تعهّد بالعمل مع اللجنة الخماسية لتسهيل إنتخاب رئيس جمهورية في الأشهر المقبلة، وإن الموفد الفرنسي جان ايف لودريان الذي كان حاضرا المحادثات على الغداء وضع في جو بامكانية اعادة تفعيل حركته مواكبة مع حركة السفراء الخمسة الذين سيلتقون في اليومين المقبلين الرئيس نبيه بري لإطلاعه على حصيلة ما توصلوا اليه في جولتهم الاخيرة على القوى السياسية، والتي بحسب هذا الوزير لم تنجح في إحداث ولو ثقب صغير في جدار الأزمة الرئاسية.
وفهم أن الرئيس ميقاتي لم يحمل من باريس سوى النصح والوعود بالدعم لا سيما للجيش اللبناني، ومن غير المنتظر أن يكون هناك ترجمة قريبة لما وعد به الرئيس ماكرون، وهو أي رئيس الحكومة سيضع الرئيس بري الذي كان اتصل به من باريس ، بعد إتصال أجراه معه الرئيس ماكرون ايضا وتوجيه دعوة اليه لزيارة فرنسا في أي وقت يراه مناسباً، في أجواء زيارته الباريسية من باب التنسيق القائم بينهما في كل شاردة وواردة حول القضايا الاساسية سيما لجهة ما تبلغه ميقاتي من ان قصر الاليزيه أدخل بعض التعديلات على المبادرة الفرنسية في ما خص تنفيذ القرار 1701، لأنه وعد الرّئيس الفرنسي بأنه سيبلغه بأجوبة على المقترحات التي قدمها حول مجمل القضايا التي طرحت في اللقاء خلال أيّام قليلة.
وفي هذا السياق كشفت مصادر سياسية لبنانية لـ”رأي سياسي” أن زيارة الرئيس ميقاتي لفرنسا لم تكن مفاجئة وهي كانت مقررة من قبل حيث أن الرئيس الفرنسي كان وجه الدعوة لرئيس الحكومة منذ شهرين، وأن التطورات والمستجدات المتسارعة في المنطقة ولبنان حالت دون تلبيتها في وقتها، وأن هذه الدعوة تأتي من باب حرص فرنسا على الإستمرار في احتضان لبنان ، والنأي به عن أي حرب واسعة.
مع الإشارة الى أن الرئيس ماكرون لا يخفي استياؤه من عدم تجاوب القوى السياسية مع الرغبة الفرنسية لجهة الاسراع في انتخاب رئيس، ظناً منه بأن اي تسوية في المنطقة ولبنان على هذا النحو من الإنشطار الكبير، ستأتي على حسابه، لأنه سيكون خارج مدار ما يجري طبخه في هذا الخصوص، وهو كان صريحاً أمام الرئيس ميقاتي بتأكيده أن ثلاث أرباع حل الأزمة في لبنان هو بيد اللبنانيين أنفسهم وأن الربع الباقي يمكن المساعدة على حله، مستغرباً كيف أن المنطقة تقف على فوهة بركان والمسؤولين في لبنان يختلفون على كل كبيرة وصغيرة، وهذا السلوك السياسي اذا ما استمر سيغرق لبنان في الفوضى والأزمات التي ستصبح عصية على الحل، سيما وأن وضع الجنوب وملف النازحين يعتبران الآن من أهم الملفات التي يجب التفاهم على مقاربتهما بعناية فائقة، لأنهما قابلان للإنجار على نطاق واسع في أي وقت.