“ملتقى بيروت” يقيم ندوة حول تداعيات النزوح السوري.
أقام” ملتقى بيروت” ندوة حول “النزوح السوري وتداعياته على الصيغة اللبنانية… حلول وأرقام”، تحدّث فيها الرئيس التنفيذي ل”ملتقى التأثير المدني” زياد الصّائغ والباحث في الدولية للمعلومات محمد شمس الدين، وحضرها النائبان فؤاد مخزومي وفيصل الصايغ والوزيران السابقان خالد قباني وحسن السبع ورئيس بلدية بيروت عبد الله درويش وشخصيات سياسية وإعلامية وفكرية واقتصادية.
استهلّ رئيس الملتقى الدكتور فوزي زيدان الندوة بكلمة قال فيها: “لقد تصاعد في الأشهر الأخيرة خطاب شعبي يطالب بعودة النازحين السوريين إلى بلادهم، فهناك شعور كبير بالقلق لدى اللبنانيين من النزوح السوري، ومن تداعياته على الصعيد الاجتماعي والاقتصادي والأمني والديموغرافي. فلبنان لا يحتمل أيّ اختلال ديموغرافي بسبب التوازنات الدقيقة بين مكوناته، واستمرار الوضع على ما هو عليه، لا سيّما بعد اندماج بعض السوريين في المجتمع اللبناني بشكل كامل، سيؤدي إلى حصول مشاكل واحتكاكات بين اللبنانيين والسوريين لأسباب اقتصادية واجتماعية كالعمل، أو لأسباب طائفية نتيجة انتماء معظم النازحين إلى طائفة معيّنة، مما يخلّ بالتوازن القائم حالياً، كما يؤدي إلى تغيير وجه لبنان الحضاري وضرب نسيجه المتنوع”.
أضاف: “يشكّل النزوح السوري عبئاً كبيراً على لبنان، فعدد النازحين السوريين يقارب ثلث عدد السكان في لبنان، ومعظمهم في عمر النشاط، وتكلفتهم ضخمة على الاقتصاد اللبناني المنهك أصلاً، وهي تكلفة مباشرة تتضمن مساهمة الدولة في الطبابة والكهرباء والصرف الصحي واستهلاك البنى التحتية، وتكلفة غير مباشرة عبارة عن خسائر في الاقتصاد وفي خزينة الدولة.
وأردف زيدان قائلاّ: “يرفض ملتقى بيروت رفضاً قاطعاً توطين النازحين السوريين في لبنان، ويقارب موضوع النزوح السوري من مفهوم وطني، ومن إخلاله بالتركيبة اللبنانية، وتأثيره على الوضع الاقتصادي وحلول العمالة السورية مكان العمالة اللبنانية، وانفلاش السوريين في كل لبنان وممارستهم التجارة وامتهانهم كل المهن من دون حسيب ورقيب، وارتكاب نسبة عالية منهم التعديات والجرائم. في المقابل يرفض الملتقى الحملة الإعلامية المغرضة التي تقوم بها بعض الجهات المليئة بالحقد والكراهية وبالنزعة العنصرية والطائفية ضد النازحين. ويطالب الملتقى الدولة بالعمل الجدي على إعادة النازحين إلى بلادهم، ولغاية أن تتم العودة، بتطبيق القوانين والأنظمة المختصة بالإقامة والعمل عليهم”.
بعده، بدأ الصّائغ مداخلته، حيث اعتبر أنّ “ما وَسمَ تعاطي المنظومة السياسيّة مع هذه الأزمة التي انتقلت من الاقتصادي – الاجتماعي إلى الكياني- الوجودي برز في كثير من الديماغوجيا والشعبوية والارتجال والتسييس، بما يُناقض علميّة إدارة الأزمات أي بناء السياسات العامة المستدامة، والحوكمة الرشيدة، وهذا أفرز تراكُمات مدمّرة منذ العام 2011”.
ثمّ استعرض الصّائغ سيناريوهات الحلول من “السيناريو الأفضل عودة شاملة وفورية، إلى السيناريو الأسوأ لا عودة وتفتيت لمجتمعين، والسيناريو الأكثر ترجيحاً بقاء مؤقّت وعودة ممرحلة”. ليختم بدعوته إلى “صياغة سياسة عامة عقلانيّة تستند إلى ديبلوماسية رصينة أساسها أولويّة العودة، وإلاّ يُحكم على لبنان بأزمة هوية كارثيّة”.
وألقى بعده شمس الدين مداخلته التي جاء فيها: “قبل الحرب السورية التي اندلعت في آذار من العام 2011، كان في لبنان نحو 500 ألف الى 700 ألف من العمال الأفراد السوريين يعملون بشكل أساسي في قطاعي الزراعة والبناء، وقدّرت تحويلات هؤلاء العمال إلى بلدهم بنحو 1 مليار الى 1.2 مليار دولار سنوياً.
وبعد الحرب السورية التي اندلعت في آذار 2011 وفي السنوات اللاحقة، قدمت الى لبنان مئات آلاف العائلات السورية، وهم كانوا بأكثريتهم الساحقة إما عائلات العمال السوريين في لبنان أو أقاربهم أوجيرانهم في القرى والبلدات التي شهدت حروباً ونزاعات عسكرية، هذا النزوح لم يكن لأسباب عسكرية وحربية بل لأسباب اقتصادية، فمساحة سورية 185180 كلم مربع أيّ 18 مرة مساحة لبنان، والحرب لم تكن في أيّ يوم من الأيام على مساحة سورية بل كانت في مناطق محددة وكانت ولا زالت الكثير من المناطق آمنة لم تشهد حرباً، بدليل أنّ هناك 6 ملايين نازح سوري داخل سوريا”.
وتابع شمس الدين: “بالرغم من خطورة النزوح السوري وتأثيره على الوضع اللبناني، لا يتوفّر رقم وإحصاء دقيق بعدد النازحين السوريين في لبنان. واستطرد قائلاً: “بعيداً عن الأرقام، فإنّ للوجود السوري تأثير اقتصادي كبير، وتقدر الحكومة اللبنانية الخسائر السنوية نتيجة هذا الوجود بنحو 2.5 مليار الى 3 مليارات دولار سنوياً نتيجة الخسائر الناتجة من استنزاف البنى التحتية. وتسبّب هذا النزوح في رفع نسبة البطالة لدى اللبنانيين إذ دخل العامل السوري في منافسة مع العامل اللبناني في قطاعات التجارة والنقل والخدمات لاسيّما في المطاعم والفنادق بحيث يقدّر عدد السوريين الذين حلّوا مكان لبنانيين في هذه القطاعات بنحو 120 ألف عامل سوري”.