مقرب من السيستاني: المرجع الأعلى في العراق طالب بمكافحة الفساد مراراً.

في موقف هو الأول من نوعه منذ سنوات، أعلن مدير مكتب المرجع الديني الأعلى في العراق علي السيستاني (السبت) أن المرجع طالب مراراً بمكافحة الفساد، وأفتى باحترام القوانين، وحذر المسؤولين من خطورة تشريع قوانين تمنح امتيازات غير مستحقة ولكن «لا حياة لمن تنادي».
وقال حامد الخفاف مدير مكتب السيستاني في بيروت في كلمة ألقاها بمهرجان «الصادقين» الشعري بشأن الفساد في لبنان إن «الفساد الاقتصادي والمالي هو أساس كل فساد»، لافتاً إلى أن «مفاهيم كشف الذمة المالية، ومن أين لك هذا؟… وغيرها، شرعت كقوانين في عالمنا المعاصر، ولكنها لم تغادر مظانها من ملفات وكتب، إذ بقيت حبراً على ورق، لا تجد طريقها إلى عالم التطبيق في أغلب بلداننا، رغم أنها من أهم مطالب الناس الدائمة».
وأكد أن « الفساد لا دين له ولا طائفة ولا مذهب ولا عرق، فالدين الحقيقي بريء من الفساد والمفسدين»، مشيراً إلى أن «الفاسدين يتمترسون بالدين والطائفة والقومية – في أغلب الأحيان – لتمرير مخططاتهم، أو للإفلات من العقاب» متحدثاً عن دور «قوة تأثير التجييش الطائفي والقومي من جهة، وضعف الوعي العام من جهة أخرى».
ولفت إلى أن «من أهم أخطار الفساد انهيار قيمة الانتماء للوطن، وأن الوطن الذي يعيش فيه ليس وطنه، وإنما وطن الفاسدين والسارقين، وهذا سيفضي إلى مفاسد عظيمة يصعب حصرها».
وبيّن أن «السيد السيستاني طالب مراراً وتكراراً بضرورة مكافحة الفساد، والضرب بيد من حديد لكل من تسول له نفسه التطاول على المال العام، وأفتى بوجوب احترام القوانين المرعية الإجراء وحرمة تجاوزها، كما أفتى بأن المال الذي يستحصله أي موظف أو مسؤول خلافاً للقانون هو سحتٌ حرام، كما أن إهدار المال العام والاستحواذ عليه بل مطلق التصرف غير القانوني فيه حرام».
وأوضح أن «المرجع أدان سوء استغلال السلطة من قبل كثير ممن انتخبوا أو تسنموا المناصب العليا في الحكومة، ومساهمتهم في نشر الفساد وتضييع المال العام بصورة غير مسبوقة وتمييز أنفسهم برواتب ومخصصات كبيرة، وفشلهم في أداء واجباتهم في خدمة الشعب وتوفير الحياة الكريمة لأبنائه».
مع الحراك الشعبي
وأشار الخفاف ضمناً إلى الانتفاضة الجماهيرية التي حدثت في العراق في الأول من أكتوبر (تشرين الأول) عام 2019 والتي تسمى «انتفاضة تشرين» وقد مرت الآن ذكراها الرابعة التي راح ضحيتها مئات القتلى وعشرات الآلاف من الجرحى.
وقال إن «المرجع انحاز بوضوح إلى الحراك الشعبي المطالب بالإصلاح في كل مراحله، بمواقف معلنة وصريحة، كما أنه حث الناس في الانتخابات على التمييز بين الصالح والطالح، أي بين من بذل ما يستطيع في خدمة الناس ومكافحة الفساد، وبين من لم يعمل إلا لمصلحة نفسه وجماعته».
ونوه بأن السيستاني «حذر المسؤولين من خطورة الفساد المقنن؛ أي تشريع قوانين تمنح امتيازات غير مستحقة لفئات معينة، أو تفتح أبواب الفساد أو تسهّله للفاسدين، وهو من أسوأ أنواع الفساد» لافتاً إلى أنه «طالب مراراً بالعمل على تشريع القوانين التي تعزز مبدأ العدالة الاجتماعية، وتلامس هموم الناس وآلامهم وآمالهم… ولكن لا حياة لمن تنادي».
وأكد أن «موضوع الفساد ومكافحته يحظى بأولوية قصوى لدى المرجعية الدينية العليا في النجف الأشرف».
وسبق للممثل المرجعية الدينية العليا في كربلاء عبد المهدي الكربلائي أن أعلن عام 2019، أنه قد «بُحت أصوات المرجعية» من كثرة مطالبتها بمحاربة الفساد.
وبعد تلك الخطبة أعلنت المرجعية العليا في النجف التوقف عن الخطبة السياسية كل صلاة جمعة، ومن ثم أغلقت أبوابها أمام كل المسؤولين العراقيين بدءاً بالرئاسات الأربع (الجمهورية والوزراء والنواب والقضاء) نزولاً إلى الوزراء والنواب ومن هم بدرجتهم.
لكن المرجع الأعلى درج في الآونة الأخيرة إلى استقبال المواطنين سواء من تضرر منهم جراء مصادرة أراضيه مثلما حدث في واقعة الجادرية قبل نحو شهر أو طلاب متميزين أو مقاتلين جرحى من بين صفوف القوات الأمنية العراقية.