مقترح صيني لوقف النار: بكين وموسكو تحذران من «صندوق الشرور»

كتبت ريم هاني, في الاخبار:
بكين وموسكو تحذّران من انفجار شامل في المنطقة وتعرضان مبادرة لوقف النار، وسط تهديد أميركي – إسرائيلي يفتح «صندوق شرور» لا يمكن احتواؤه.
تتخوف كل من بكين وموسكو، بشكل متزايد، من احتمال انضمام واشنطن إلى المغامرة الإسرائيلية في الشرق الأوسط، وتستغلان المواقف الأميركية المشجّعة على التصعيد، لتصوير نفسيهما كـ«صوت العقل»، «وبديل للقوة المخرّبة» في المنطقة. وبرز هذا الاتجاه، بشكل خاص، خلال الاتصال الأخير بين الرئيس الصيني شي جين بينغ، ونظيره الروسي فلاديمير بوتين، الذي دام لأكثر من ساعة وركز على التطورات الأخيرة في الشرق الأوسط، وقدّمت الصين خلاله أول «مقترحات وقف التصعيد».
وطبقاً لما أكّده مساعد الرئيس الروسي، يوري أوشاكوف، في حديث إلى الصحافيين، فقد «دان الجانبان بشدة تصرفات إسرائيل التي تتعارض مع مبادئ الأمم المتحدة والميثاق وقواعد القانون الدولي الأخرى». وأشار أوشاكوف إلى أن «موسكو وبكين تعتقدان بشكل أساسي أنه لا يوجد حل عسكري للوضع الحالي والقضايا المتعلقة بالبرنامج النووي الإيراني»، وأنه «لا حل ممكناً إلا عبر الوسائل السياسية والديبلوماسية».
وعقب الاتصال، تحدثت وسائل إعلام صينية، ومن بينها صحيفة «غلوبال تايمز»، عن أنّ الرئيس شي قدّم، خلال المكالمة، اقتراحاً من أربع نقاط، «محدداً جداً ويتناول جوهر القضايا الحالية». ومن جملة الخطوات التي يدعو إليها الاقتراح، ضرورة وقف «الأطراف المشاركة في الصراع، وخاصة إسرائيل، العمليات العسكرية في أقرب وقت ممكن، وتجنب إيذاء المدنيين الأبرياء، ودعم الحل السياسي للقضية النووية الإيرانية بقوة». كما يحث المجتمع الدولي، وخاصة «الدول الكبرى التي لها تأثير خاص على أطراف الصراع»، على بذل الجهود لتهدئة الوضع.
ويأتي هذا في وقت يرى فيه المراقبون الصينيون أنّ «الولايات المتحدة، باعتبارها قوة كبرى تتمتع بنفوذ خاص على إسرائيل، لم تلعب دوراً بناء»، بل عمدت، بدلاً من ذلك، «إلى تأجيج النيران، مشيرةً حتى إلى استعدادها للمشاركة المباشرة» في القتال، وهو «ما يقوض بشكل خطير تطلعات المجتمع الدولي إلى تخفيف ناعم للأزمة».
قدّمت بكين أول «مقترحات وقف التصعيد»
ومع وصول الصراع، حالياً، إلى نقطة «لا يمكن فيها استبعاد أي شيء»، فإن الفرصة المتاحة أصبحت «ضيقة جداً»، طبقاً للصحيفة نفسها، التي حذّرت أيضاً من أنّه «بمجرد خروج الوضع عن نطاق السيطرة، فسيكون من الصعب جداً عكس مساره».
وفي حين تسعى الولايات المتحدة، على ما يبدو، إلى «إقصاء» أي محاولة للوساطة من قبل أطراف أخرى؛ وهو ما انعكس في رفض الرئيس الأميركي توسط نظيره الروسي، فلايديمير بوتين، في الصراع الإسرائيلي – الإيراني، قبل «انتهاء الحرب على أوكرانيا»، في تناقض واضح مع «انفتاحه» السابق على الوساطة الروسية، فإن الصين ما تزال، على ما يبدو، مصممة على تأدية مثل ذلك الدور.
وتستند «الجمهورية الشعبية» في مساعيها تلك، إلى تجاربها السابقة في منطقة الشرق الأوسط، بدءاً من «تعزيز المصالحة بين السعودية وإيران، وصولاً إلى دعم عودة سوريا إلى جامعة الدول العربية»، طبقاً لـ«غلوبال تايمز». وتُضاف إلى ذلك، مواقف بكين في «الدفاع عن القضية العادلة المتمثلة في استعادة الحقوق الوطنية المشروعة للشعب الفلسطيني، وصولاً إلى الدفع نحو السلام في غزة والوحدة داخل فلسطين»، جنباً إلى جنب «الوفاء بواجبات حفظ السلام الإقليمية وتقديم المساعدات الإنسانية».
بالتوازي، يتلمس مراقبون في بكين، تحدثوا إلى وسائل إعلام مختلفة، أنّ التصعيد الأخير مردّه حالة «عدم اليقين التي خلقتها رئاسة ترامب الثانية والطبيعة الفوضوية والانتهازية والمعاملاتية لسياساته في الشرق الأوسط»، مشيرين إلى أنّ «تآكل قيادة واشنطن وصورتها بين حلفائها أضعف قدرتها على تهديد الخصوم الإقليميين وردعهم».
وينسحب التخوف الصيني من مسقبل التصعيد القائم على موسكو أيضاً؛ إذ حذر الكرملين، أمس، الولايات المتحدة من استخدام أسلحة نووية تكتيكية في إيران، معتبراً أنّ ذلك سيكون بمنزلة تطور «كارثي». كما أفادت وكالة «تاس» الروسية للأنباء بأنّ المتحدث باسم الكرملين، ديمتري بيسكوف، نبه إلى أنّ مجرد الحديث عن اغتيال المرشد الأعلى الإيراني، السيد علي الخامنئي، أو تغيير النظام في إيران «أمر غير مقبول»، مؤكداً أن رد موسكو على اغتيال الخامنئي سيكون «سلبياً جداً»، وأن «روسيا لن تقبل مثل هذا الفعل لأنه قد يقود إلى المجهول».
وبحسب المصدر نفسه، ستؤدي مثل تلك الخطوة إلى «رد فعل من داخل إيران وبروز مزاج متطرف داخل البلاد»، وستكون إسرائيل كمن يفتح «صندوق شرور». وكان قد رفض بوتين، الأربعاء، رداً على سؤال في هذا الصدد، «مناقشة مثل ذلك الاحتمال»، في حين حذرت المتحدثة باسم وزارة الخارجية الروسية، ماريا زاخاروفا، في حديث إلى وكالة «رويترز» الأربعاء أيضاً، من «ضرب المنشآت النووية»، متسائلة: «أين هو المجتمع العالمي برمته؟ أين كل دعاة حماية البيئة؟».
وأمس، أكّد الكرملين وجود «قنوات حوار مع إسرائيل واتصالات مستمرة مع واشنطن بشأن التصعيد الإيراني – الإسرائيلي»، مضيفاً أنّ الاتصالات مع إيران أيضاً ما تزال «وثيقة»، ومحذراً، كذلك، من أنّ الشرق الأوسط «ينزلق إلى هاوية من عدم الاستقرار والحرب». وفي وقت سابق، كان الكرملين قد أوضح أنه في حين «لم تطلب طهران أي مساعدات عسكرية من موسكو، فإنّ دعم الأخيرة للأولى موجود بشكل عام».