رأي

مقايضة في الجنوب

كتب طوني فرنسيس في صحيفة نداء الوطن.

القرار 1701 اتخذه مجلس الأمن الدولي في 11 آب 2006. وافقت عليه الحكومة اللبنانية بالإجماع في 12 آب، وفي 13 آب أقرّته الحكومة الإسرائيلية بأغلب 24 صوتاً مقابل 5 صوّتوا ضده.

في مجلس الأمن حاز القرار إجماع الأعضاء الـ15، والصوت العربي في مجلس الأمن كان لقطر.

لا بد من التذكير بهذه المقدمات للدخول في البديهيات. والمقصود بديهيات أوردها القرار ومنها، عدا الانسحاب الإسرائيلي، «التطبيق الكامل لبنود اتفاق الطائف والقرارات 1559 و1680 اللذين يطالبان بنزع أسلحة كل المجموعات المسلحة في لبنان لتصبح الدولة اللبنانية وحدها… تملك أسلحة وتمارس سلطتها في لبنان».

ونصّ القرار في الفقرة الثانية من البند الثامن على «إنشاء منطقة بين الخط الأزرق ونهر الليطاني خالية من أي أفراد مسلحين أو معدات أو أسلحة بخلاف ما يخص حكومة لبنان وقوة الأمم المتحدة».

القرار واضح لكنّه لم ينفذ في أي يوم من الأيام. فإسرائيل واصلت خرقه جواً وبراً وبحراً والقوى الدولية التي اجمعت على القرار لم تلتزم بتنفيذه، وسوريا لم تسهّل تثبيت الحقوق اللبنانية في المزارع والتلال، وإيران التي ورثتها في النفوذ الداخلي أرادت من الجنوب منصة مواجهة مع إسرائيل والغرب… كل ذلك جعل القوات الدولية هيئات تنمية اجتماعية. وقاد لاحقاً إلى جعل حرية حركتها في «المنطقة الخالية» نقطة أساسية في نقاشات مجلس الأمن. لم يعد جوهر القرار اساساً للبحث بقدر ما احتلت شكليات تنفيذه واجهة الاهتمام.

الآن يعود تنفيذ القرار إلى الواجهة، ليس من منطلق اهتمام مجلس الأمن بضرورة الالتزام الحرفي به، والحاجة اللبنانية العميقة إلى ضمان سلامة الأراضي تحت مظلة السيادة فقط، وإنما نتيجة للالحاح الإسرائيلي على ضمان أمن مستوطنات الحدود الشمالية.

وقد جاء الانخراط الأميركي والفرنسي في «معركة» إحياء تنفيذ القرار، وبنده الخاص بـ»المنطقة الخالية» نتيجة لهذا الإلحاح.

بديهي أنّه لا يمكن التعامل مع التطورات الجديدة المتعلقة بالقرار 1701 من موقع المواجهة والرفض الكلي. بل يمكن تحويل المطالبة الغربية بتنفيذه إلى فرصة للمقايضة، فيستعيد لبنان مزارعه وتلاله وغجره، ويتم إنهاء حالة الاستنزاف القائمة على الحدود بما يعيد للدولة وجيشها دورها الحاسم في الجنوب كما في كل الأراضي اللبنانية.

مقايضة كهذه ستكون انجازاً حقيقياً للبنان، فلا تكون الدماء التي بذلت «على طريق القدس» قد ذهبت سدى، بل خدمت القضية التي يقول أصحابها إنهم يحملونها، وهي قضية الدفاع عن لبنان واسترداد ما تبقى من أراضيه تحت الاحتلال.

أخبار مرتبطة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى