أبرزرأي

مقاربة إيران وحزب الله لمستقبل “رؤية ترامب” في المنطقة ولبنان

كتب رئيس المجلس الوطني للاعلام المرئي والمسموع, الأستاذ عبدالهادي محفوظ:

بعد موافقة “حماس المشروطة” على مبادرة الرئيس الأميركي دونالد ترامب، تبرز في المنطقة ملامح مرحلة جديدة يتحكم فيها الفاعل الرئيسي الأميركي، ويتراجع فيها دور القوى الإقليمية الثلاث الأساسية: تركيا، وإسرائيل، وإيران، لصالح الرؤية الأميركية للإقليم والعلاقات مع أطرافه المختلفة. والأرجح أن قطر ومصر وتركيا ستدفع الأمور إلى “تسوية” مع المبعوث الأميركي، ويتكّون ذلك في سياق ضغوطٍ إسرائيلية كبيرة من أهالي الرهائن الإسرائيليين على رئيس الحكومة بنيامين نتنياهو للمضي باتفاق من دون شروط لإطلاق الرهائن. وهذا ما يجعل من موضوع الأسرى الإسرائيليين لدى حماس “ورقة” يستفيد منها ترامب وتُعطيه ثقلًا إضافيًا مهمًا في المجتمع الإسرائيلي المنقسم.

ماذا في هذا الوضع عن لبنان؟

لا يُبالغ الأمين العام لحزب الله الشيخ نعيم قاسم عندما يقول إن “لبنان في قلب العاصفة”. والواضح أن حزب الله يتعامل مع هذه العاصفة بسياسة الاحتواء والاحتماء في نفس الوقت، ويمارس سياسة المرونة والتكيّف والتصلّب في آنٍ معًا، وفقًا لتعامل الآخرين معه في الداخل والخارج على السواء. ومع ذلك، ينفتح حزب الله في الداخل اللبناني على الجميع، حتى على خصومه، باتجاه تبريد “الداخل اللبناني”، ويراهن في هذا السياق على رئيس الجمهورية العماد جوزاف عون المتفهم للأمر، وعلى قائد الجيش العماد رودولف هيكل المتزن والحكيم، وعلى موقع الرئيس نبيه بري الذي تتقاطع فيه كل المكونات.

أما بالنسبة للخارج العربي، فإنه يتطلع إلى علاقة إيجابية مع المملكة العربية السعودية باعتبارها ستكون اللاعب العربي الأساسي في المنطقة. وهو يتوقع تفهّمًا من ولي العهد سمو الأمير محمد بن سلمان، لأن دور اللاعب الأساسي يفترض نوعًا من التعامل الواقعي بعيدًا عن العداء، سيّما وأن إيران تبحث عن تعاون جدي بينها وبين المملكة، آخذةً في الاعتبار حاجة واشنطن للرياض لرسم سياسة المنطقة.

ومع ذلك، تُسرب مصادر دبلوماسية وعسكرية غربية أن الشهر القادم سيكون صعبًا على لبنان، لجهة الضغوط الأميركية السياسية والإسرائيلية العسكرية، وأن البقاع سيكون مستهدفًا. ومثل هذه المعلومات تحتاج إلى تدقيق: هل هي من باب تسريب فبركة الأخبار المضلّلة؟ أم تستند إلى معلومات حقيقية؟ ذلك أن هذه المصادر تبني حساباتها على انتشارٍ أميركيٍ وبريطانيٍ عسكريٍ كبير في قطر، وهو بكلفة مالية باهظة، وهدفه تجميد أي حركة عسكرية إيرانية باتجاه إسرائيل أو دعمًا لحزب الله، أو “تخريبًا” للمبادرة الأميركية.

وفي التقدير، إن واشنطن لا تحتاج إلى عملٍ عسكريٍ كبير يستتبع فوضى كبيرة في المنطقة، بل على العكس، كل الظروف مناسبة لها لفتح حوار مع طهران، يأخذ في الاعتبار، بحدودٍ معينة، الأدوار الممكنة والمساعدة للقوى الإقليمية الثلاث: إيران، وتركيا، وإسرائيل، في كنف الرؤية الأميركية للمنطقة.

والمستغرَب حاليًا أن المصادر الدبلوماسية الغربية تأخذ على السلطة اللبنانية أنه بإمكانها استيعاب ثلاثين ألفًا من مقاتلي حزب الله في الجيش اللبناني، وتجد حلًا للمشكلة. وتتساءل هذه المصادر: لماذا لا تقدم السلطة اللبنانية على مثل هذا الأمر، خصوصًا وأنه لا اعتراضات أميركية وأوروبية وإسرائيلية على هذا “المخرج الواقعي”؟ وما لا تدركه هذه المصادر أن هذا “المخرج” هو ممكن عبر حوارٍ أميركيٍ مع طهران، وليس في حوارٍ بين السلطة اللبنانية وحزب الله، وإن كان مثل هذا الحوار عنصرًا مساعدًا.

أخبار مرتبطة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى