مفتي الجمهورية والرئيس المسيحي والتغيير
كتبت نايلة التويني في “النهار”:
تستحق كلمة مفتي الجمهورية الشيخ عبد اللطيف #دريان في افتتاح اللقاء الذي دعا اليه #النواب السنة السبت، ان تكون افتتاحية “النهار” هذا الصباح، وكل صباح، لا لانه تحدث عن الرئيس المسيحي، بل لانه اكد اهمية التعايش وقبول الاخر وعدم اقصائه كما يروج كثيرون من المسلمين، وايضا كثيرون من المعادين للاسلام. ويكثر الحديث هذه الايام، مع تعثر الاستحقاق الرئاسي، وفي اوساط المسيحيين تحديدا، ان تلك العرقلة تهدف الى نزع الرئاسة من الموارنة، وان التعثر المقصود هدفه الذهاب الى مؤتمر تاسيسي يقوم على المثالثة، وربما اكثر، بما يضعف المشاركة المسيحية الفاعلة في السلطة. وهذا القلق لدى المسيحيين مرده الى تناقض ديموغرافي، والى تنامي الاصوليات الرافضة التعايش والمشاركة، والتي تفتي بقتل كل مختلف في الشكل والرأي والدين والمعتقد.
ان يتحدث البطريرك الماروني او اي بطريرك او مطران اخر، عن الرئيس المسيحي، لامر عادي ويتكرر اسبوعا بعد اخر في ظل تسليم الجميع بالشغور الرئاسي، والانزلاق الى بلد يمضي من دون رئيس، وربما بحكومة منقوصة الصلاحية، لكن ان يخرج مفتي المسلمين في لبنان للحديث عن خصوصية لبنانية تتميز برئيس مسيحي هو الوحيد في دنيا العرب، والتأكيد على اهمية هذا الامر، بعد التحول الكبير الذي رفعت شعاره عائلة الرئيس الشهيد رفيق الحريري تحت عنوان “لبنان اولا”، وتشديد الحريري الاب، ثم الحريري الابن، على وقف العدّ في لبنان، للمحافظة على هذه الخصوصية، انما امور بالغة الاهمية تؤكد ان لبنان هو فعلا “بلد الرسالة” الذي تحدث عنه البابا الراحل القديس يوحنا بولس الثاني.
ومن المفيد، بل من الضروري جدا، ان يقرأ اللبنانيون، وغير اللبنانيين، ابرز ما ورد في كلمة المفتي دريان، وان يحفظوه غيباً، لانه لم يقتصر على التعايش بل ركز على استعادة هيبة الرئاسة، داعيا النواب المجتمعين الى ان يكونوا صناع التغيير.
وهنا بعض مما قال:
“لا يَخفَى عليكُمْ أنّ البَقَاءَ لِلأَوطَانِ وَالدُّوَل ، مَنُوطٌ بِفَعَالِيَّةِ مُؤَسَّسَاتِها الدُّستُورِيَّة ، وَعَلى رَأْسِهَا رِئاسةُ الدَّولة. فالرَّئيسُ هو رَمزُ البِلاد ، وَحَامِي دُستُورِها الذي عليه يُقْسِم؛ وأُشِيرُ هُنَا إلى الأَهَمِّيَّةِ الفَائقَةِ لِمَنْصِبِ رِئاسَةِ الجُمهُورِيَّةِ في لُبنانَ بِالذَّات، فَالرَّئيسُ المَسِيحِيّ، رَمزٌ وَوَاقِعٌ لِلعَيشِ المُشتَرَك، الذي يَقُومُ عليه النِّظَامُ الذي اصْطَلَحَ عَليهِ اللبنانيون. وَيَنظُرُ إليهِ العَرَبُ بِاعترافٍ وَتَقدِيرٍ لِلتَّجْرِبَةِ اللبنانية، لأنَّهُ الرَّئيسُ المَسِيحِيُّ الوَحِيد، في العَالَمِ العَرَبِيّ. إنّ رَئيِسِ الجُمهُورِيَّةِ في النِّظَامِ السِّيَاسِيِّ اللبنانِيّ، هو رَأْسُ المُؤَسَّسَاتِ الدُّسْتُورِيَّةِ القَائمَة. ولا يَنْتَظِمُ عَمَلُهَا وَلا يَتَوَازَنُ إلاّ بِحُضُورِه، مِنْ خِلالِ انْتِخَابِ مَجلِسِ النُّوَّابِ له. ولِضَرُورَاتِ انْتِخَابِ رَئيسٍ جَديد ، ينبغي الحِفاظُ في الفُرصَةِ الأَخِيرَةِ على وُجُودِ النِّظَامِ اللبنانِيّ ، وَسُمعَةِ لُبنانَ لَدَى العَرَبِ وَالدَّولِيِّين . فقد تكاثَرَتِ الأَزَمَات، وَتَكَاثَرَتْ الاستثناءَات ، وَتَكَاثَرَتْ حَالاتُ الغِيَابِ أَوِ الضَّعف ، أو الانْسِدَادِ في سَائرِ المُؤَسَّسَاتِ وَالمَرَافِق، بِحَيثُ دَخَلْنَا في وَضْعِ الدَّولةِ الفَاشِلة، وَنَحنُ سَائرونَ بِسُرعَةٍ بِاتِّجَاهِ اللادَولَة؛ وَيُوشِكُ العَرَبُ وَالعَالَم ، أَنْ يَتَجَاهَلُوا وُجُودَ لبنان، بِسَبَبِ سُوءِ الإِدَارَةِ السِّيَاسِيَّةِ على كُلِّ المُستَوَيَات. لا بُدَّ مِنْ رَئيسٍ جديدٍ لِلجُمْهُورِيَّة، وَأنتُمُ المَسؤولون عن حُضُورِهِ أَو إحضَارِه ، وستكونون في طَلِيعَةِ المَسؤولين عَنْ غِيابِهِ لأيِّ سببٍ كان . لا بُدَّ مِن رئيسٍ جديدٍ يُحافظُ على ثوابتِ الوَطَنِ والدَّولة ، فَيَا أيُّها النُّوَّابُ الكِرام ، ساهِمُوا- وهذه مسؤولِيَّتُكُم – في التغيير، وفي استعادَةِ رِئاسَةِ الجُمهُورِيَّة ، لاحْتِرَامِها وَدَورِها بِالدَّاخِل، وتُجاهَ الخارج”.