رأي

مع التفاهمات الخلاّقة لا الفوضى الخنّاقة..!

كتب صلاح سلام في اللواء:

حلقات الخطابات الشعبوية، وما يتخللها من مزايدات حزبية وطائفية، تبقى من صميم المشاهد الفولكلورية للإنتخابات الرئاسية، خاصة عندما تصبح «الحقوق المسيحية» و«صلاحيات رئيس الجمهورية» هي محور التصعيد المحموم بين القيادات المارونية بالذات، التي تستعيد في المواسم الإنتخابية كل المفردات التعبوية لشحن الأجواء بشتى الحساسيات الطائفية.

لقد تساقط في الإستحقاقات الرئاسية على مدى عهود الإستقلالية المديدة، الكثير من المفاهيم والشعارات، وكان آخرها شعار «الرئيس القوي» في هذا العهد، الذي شهد من الكوارث الإقتصادية، والويلات الإجتماعية، ما لم تشهده العهود السابقة، خاصة تلك التي غابت عن صفات رؤسائها صفات القوة والأكثر تمثيلاً، والتي بقيت أزماتها تحت السيطرة نسبياً، بالمقارنة لما هو حاصل في العهد الحالي.

الحديث عن مواصفات الرئيس العتيد يبقى مجرد كلام في الهواء، طالما بقي التراشق الخطابي بين القوى السياسية هو الأسلوب المعتمد بدل لغة الحوار، والبحث معاً ومباشرة، بكيفية تمرير الإستحقاق الرئاسي الحالي، بشكل سلس، وبأقل قدر من الخسائر السياسية والمعنوية، في زمن الأزمات والإنهيارات المتوالية.

لقد إستطاعت القوى السياسية والأطراف الحزبية في بلد مثل سيريلانكا، أن تخوض معركة التغيير والإنقاذ بإجماع وطني نادر، أدى إلى حسم إسقاط السلطة الفاسدة بالضربة القاضية، وإنجاز إتفاق مالي مع صندوق النقد الدولي بسرعة قياسية، مكّنت السلطة الجديدة من إطلاق الورشة الإصلاحية المنشودة، وحازت على ثقة الدول المانحة والمؤسسات المالية خلال أسابيع معدودة، فيما السلطة اللبنانية ما زالت تتخبط في مشاريع ملتوية ومتعثرة على دروب الإصلاح، وفشلت حتى الآن في التوصل إلى الإتفاق المنشود مع صندوق النقد.

وما يجري في العراق من لملمة سريعة للمواجهات الدموية في الشارع، والعودة إلى طاولة الحوار الوطني، مثلٌ آخر على عجز المنظومة السياسية اللبنانية على مواجهة التحديات المتفاقمة، وإيجاد الحلول المناسبة للأوضاع التي تزداد تعقيداً، فضلاً عن عدم القدرة على الجلوس على طاولة واحدة للخوض في حوار وطني جدّي، قد يُساعد على تخفيف المعاناة المدمرة للأكثرية الساحقة من اللبنانيين.

مآسي البلد تتطلب البحث عن أهل العقل والحكمة، ونبذ أصحاب الشعارات والعضلات، لأن وطن المعادلات لا يستقر إلا بالتفاهمات الخلّاقة، ولا يعيش على نار الكيديات والصراعات، والفوضى الخنّاقة.

أخبار مرتبطة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى