معوقات التنمية
كتب د. خالد محمد بودي في صحيفة القبس.
يلاحظ في السنوات الأخيرة تعدد التشكيلات الوزارية، وان كل حكومة غالبا لا يتعدى عمرها شهورا قليلة، حيث يتم استبدال الوزراء بعد ان خدموا فترة قصيرة في الوزارة ولم يتسن لهم خلالها تحقيق أي إنجازات تذكر. هذه التعديلات الوزارية المتكررة تنعكس آثارها السلبية على العمل الحكومي، حيث تتأخر المشاريع وتتعطل عمليات التنمية والتطوير، وهذا ما حصل خلال السنوات الماضية.
إن جوهر المشكلة لا تكمن في مدى كفاءة الوزراء، فالعديد منهم يحملون مؤهلات عالية وحققوا إنجازات ونقلة نوعية في المؤسسات التي عملوا فيها في السابق، سواء في القطاع الحكومي أو في القطاع الخاص، بل تكمن في آلية العمل والبيروقراطية التي تبطئ الإنجاز وتحول دون إنجاز المشاريع في الوقت المحدد وبالمستوى المطلوب. إنه ما لم يتم تطوير الإجراءات وآلية التنفيذ فإنه سوف تأتي حكومات وتذهب دون تحقيق إنجازات تذكر.
لا بد من إجراء مراجعة شاملة للتخلص من الإجراءات القديمة واستبدالها بنظم وإجراءات حديثة وتسريع الميكنة بالاستعانة بخبراء محليين ودوليين، فضلا عن وضع الحوافز لتشجيع القياديين على الإنجاز وربط الحوافز بالأداء والتجديد للقياديين المتميزين، وفقا للإنجازات المحققة وتكريم المبدعين منهم. ولا بأس من الاطلاع على نظم العمل في الدول التي حققت نقلة نوعية في مجالات العمل للاستفادة من هذه الأنظمة.
إن تبادل الخبرات معمول به في الكثير من دول العالم. ولا بد من التوسع في الاستفادة من التكنولوجيا الحديثة والأنظمة الرقمية لتحل محل الدورة المستندية الورقية التي عفا عليها الزمن. كما ان هنالك حاجة لإعادة النظر في الهياكل الوظيفية واستبدالها بهياكل أحدث، ومن ذلك استبدال مسمى وكيل وزارة بمسمى نائب وزير ومنحه صلاحيات أوسع بحيث يتولى معظم المهام التنفيذية ليتفرغ الوزير للاجتماعات والمهام الرسمية والبروتوكولية ووضع الإستراتيجيات والخطط، وبهذا لا يتأثر انسياب العمل التنفيذي عند غياب الوزير أوانشغاله.
إن مسمى نائب الوزير معمول به في دول عدة، ومن المهم أن تحدد صلاحيات القياديين في مؤسسات الدولة بشكل واضح مع زيادتها بما لا يخل بالعملية الرقابية. لذلك الكويت بحاجة إلى تطوير هياكل وإجراءات العمل التنفيذي ولدينا مؤسسات عامة، وإن كانت محدودة، قد طورت أنظمتها الإدارية ولا تعاني من بطء الإجراءات، ويمكن الاستفادة من أنظمتها لتطوير العمل في الوزارات والمؤسسات الحكومية الأخرى. كما أن تطوير العمل الحكومي يمثل أمرا مهما ومستحقا حتى تتحرك عجلة التنفيذ وبوتيرة أسرع وبمستوى أفضل. وإذا لم يتم التحرك الآن فقد تصبح عملية التطوير مستقبلا أكثر صعوبة مع زيادة أعباء الدولة واتساع نطاق العمل التنفيذي، ما يجعل الوقت المتاح لتنفيذ عمليات التطوير محدودا، وبالله التوفيق.