رأي

معظمنا أخطأ في 10 أشياء حول روسيا وغزوها لأوكرانيا

كتب فينست كيبل في “اندبندنت عربية”:

في أعقاب الغزو الروسي الرهيب لأوكرانيا، ثمة أشياء كثيرة يجب أن يعترف الغرب بأنه قد ارتكب فيها أخطاء أساسية. وقد أخطأنا جميعاً تقريباً في شيء ما، وبشكل كارثي في بعض الحالات.

1- اعتقد بعضنا خطأ أن فلاديمير بوتين ربما كان مخادعاً. في المقابل، أصابت تقديرات وكالة الاستخبارات المركزية الأميركية (سي آي أي) ووكالات الاستخبارات الأخرى والحكومات التي شاطرتها الرأي.

2- كان الاعتقاد بأن التهديد بفرض عقوبات اقتصادية سيردع بوتين اعتقاداً خاطئاً. في المقابل، لم يكن هناك بديل منها بمجرد استبعاد التورط العسكري. وإن لم تكن العقوبات الاقتصادية شاملة وفاعلة الآن في إيقاف بوتين وإطاحته، سيبدو الغرب كأنه نمر من ورق.

3- كان الأمل بأن تثني الدبلوماسية والمفاوضات بوتين عن شن هجوم على أوكرانيا، مفرطاً في التفاؤل. بيد أنه يتوجب على ماكرون خصوصاً، أن يحاول، ولو لمجرد إظهار أن كل شيء ممكن قد جرى اللجوء إليه بهدف تفادي الحرب.

4- تمثل أكثر الحسابات الخاطئة كارثية (بادئ الأمر من قبل جورج دبليو بوش في 2008) في التلويح أمام أوكرانيا باحتمال منحها عضوية حلف شمال الأطلسي (الناتو)، ثم عدم متابعة ذلك الأمر توصلاً إلى حصول أوكرانيا على العضوية الفعلية. وجاءت النتيجة أسوأ مما يمكن حصوله، إذ جرى استفزاز روسيا بينما تركت أوكرانيا من دون حماية.

5- أثبت “نقل التركيز إلى آسيا” أنه عبارة عن إساءة تقدير، إذ أدى إلى صرف الانتباه عن التهديد العسكري المباشر من قبل روسيا، لصالح التركيز على التحدي الاقتصادي والتكنولوجي، وأيضاً العسكري على المدى الطويل، من قبل الصين. وبالنسبة إلى بريطانيا، فقد كان إرسال [قوة] بحرية صغيرة إلى بحر الصين الجنوبي والخليج، بدلاً من البحر الأسود أو بحر البلطيق، أمراً مضحكاً.

6- إن الأيديولوجيين الذين ظنوا أن التخلص من الشيوعية سيؤدي إلى بسط الاستقرار في العالم، كانوا يخدعون أنفسهم. لقد استأصل بوتين وأتباعه المقربون الشيوعية بالكامل من روسيا من خلال سرقة الأصول العامة [ممتلكات القطاع العام وأمواله وشركاته وغيرها] واحتضان المسيحية. وتثبت الدولة المخصخصة والعقيدة القومية المتطرفة أنهما أكثر خطورة من الشيوعية السوفياتية.

7- أخطأ الروس من أعضاء النخبة والطبقات المتوسطة المتعلمة حين وثقوا بحتمية عملية التحرر السياسي، حين صارت روسيا اقتصاداً أكثر حداثة. لقد أصبحت دولة مافيا فاسدة أقوى، وسيكون إسقاطها على الأرجح عنيفاً بدلاً من أن يجري بطرق ديمقراطية.

8- شكّل ترمب، القائد الأميركي لجوقة مشجعي بوتين، كارثة أكبر حتى مما كنا نعتقد. ويشعر بوتين بالارتياح لأنه يعرف أن صديقه قد يعود إلى السلطة في 2024. ويردد ترمب والجمهوريون ووسائل الإعلام كـ”فوكس نيوز” رواية بوتين، على غرار ما يفعل مؤيدوه البريطانيون من اليمينيين واليساريين على حد سواء.

9- يدرك الألمان أنهم لم يولوا اهتماماً كافياً إلى أمن الطاقة. إذ سيستثمرون حاضراً بقوة في منشآت استيراد الغاز الطبيعي السائل، ومصادر الطاقة المتجددة، وسيعيدون النظر غالباً في الطاقة النووية. وسيكون على بريطانيا أيضاً أن تعجل في الدفع نحو مصادر الطاقة المتجددة والهيدروجين، ورفع الفتوى المتعلقة بالرياح البرية [إشارة إلى معارضة نشر توربينات توليد الكهرباء من الرياح، على البر]، والتفكير مرة ثانية في طاقة المد والجزر. وبالترافق مع ذلك، ثمة أهمية حاسمة لتخزين الغاز والنفط في عرض البحر.

10- يتحسر أنصار بقاء بريطانيا في الاتحاد الأوروبي، مشيرين إلى أن العالم الغربي في هذا الوقت متحد بشكل معقول حول العقوبات. في المقابل، أدى صراخ بريطانيين بشكل لا ينتهي بشأن “القيادة” وشكواهم من الألمان والفرنسيين “الضعفاء”، إلى توجيه رسائل قوية إلى موسكو مفادها أن أوروبا منقسمة على نحو عميق. واستطراداً، شكل الـ”بريكست”، على غرار ترمب، نجاحاً لبوتين.

هذا هو الماضي. ومن المؤمل أن تؤدي أخطاء الماضي إلى اتخاذ قرارات أفضل في المستقبل. وهناك بضعة قرارات كبيرة ستتخذ مستقبلاً.

أولاً، حول العقوبات. لا يمكن استثناء قطاع الطاقة، بشكل يضمن استمرار المصداقية، إذ يعني ذلك زيادة أسعار الوقود بالنسبة إلى السائقين الأميركيين ونقص الغاز في أوروبا. إذا لم يكن من الممكن إقناع ناخبينا أن يتعايشوا مع تداعيات العقوبات، فستنتهي اللعبة.

في المقابل، إن تطبيق القيود المتشددة الضرورية بشكل متأخر على المصالح المالية والعقارية الروسية في المملكة المتحدة يجب أن يتعمق ويتسع نطاقه ليصل إلى مناطق ملحقة ومراكز كسويسرا، حيث يجري غسل الكثير من المال المنهوب وإخفاؤه هناك.

وثمة قرار ثانٍ يتمثل في كيفية التعامل مع دول لها علاقات عمل ودية مع روسيا، كالإمارات العربية المتحدة، والهند، وإسرائيل. وستشكل الصين المشكلة الكبرى، إذ دعمت الرواية الروسية حول عدوان حلف “الناتو”، غير أنها كانت حذرة بما فيه الكفاية لئلا تؤيد الغزو. وحتماً، لا تريد الصين أن تكون في تحالف وثيق أطيلت مدته مع بوتين المحتاج وغير الجدير بالثقة. ويجب على الحكومات الغربية أن تنظر في كيفية إضعاف الصلة بين روسيا والصين من خلال استعادة علاقات أكثر جدية مع بكين.

ثالثاً، ثمة قضية تتعلق بشأن طلب أوكرانيا إمدادات عسكرية كي تعزز مقاومتها، وكيفية الاستجابة له. الأرجح أن الوقت قد فات لمساعدة القوات المسلحة الأوكرانية مساعدة كبيرة، لكن ينبغي أن نحاول.

وهناك سؤال أكثر صعوبة يتناول مدى وجوب دعم مقاومة مسلحة غير نظامية. على المستوى العاطفي، سيكون من الصعب تجاهل ذلك، بيد أن ذلك قد يعمق الصراع ويوسعه، فتكون النتيجة هي سوريا في أوروبا [بمعنى أن تصبح أوكرانيا شبيهة بوضع سوريا]. وبالتالي، يمكن أن تنتقم روسيا من خلال نقل الصراع إلى أراضي حلف “الناتو”، أو تصعيد التهديد النووي الذي أصدرته في نهاية الأسبوع. هكذا، ربما تكون الأهوال قد بدأت للتو.

أخبار مرتبطة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى