معطيات انتخابات 2024
كتب د. فلاح محمد فهد الهاجري في صحيفة القبس.
عند تصفحي لإحدى الصحف الكويتية قرأت مقالة لأستاذ العلاقات الدولية أ.د.عبدالله سهر بعنوان: «متى الانتخابات المقبلة؟»، وقد قعّد في مقاله قواعد سياسية، كما أثار تساؤلات حقيقية حول هذا الشأن، فمن القواعد التي استنتجها أنّه: «كلما تعزّزت ممارستنا الديموقراطية يقل عمر الحكومات والمجلس»، ومن الأسئلة التي أثارها: «هل عدم الاستقرار المؤسسي المتصاعد هو بسبب الديموقراطية أم بسبب ممارستنا لها»؟!
الحديث حول المقالة السابقة ذو شجونٌ، وليس هنا مجال لذكرها، ولعل القارئ في نتائج انتخابات مجلس الأمّة 2024م، تتبيَّن له الحالة السياسية الكويتية، والطرق العلاجية، ويجيب عما أثير في تلك المقالة من عمر الحكومات والمجلس من زاوية، وسبب عدم الاستقرار من زاوية أخرى.
في بداية هذه القراءة يجب أن نتكلم بواقعية حول نسبة تغيّر المشهد البرلماني، فالتغيير ضئيلٌ بنسبة %22، وهذا يعني عودة معظم أعضاء المجلس السابق، وبمعنى آخر: أنّ الأغلبية العظمى من الشعب الكويتي راضون عن أداء النواب السابقين.
إنّ هذه النقطة يجب قراءتها بشكلٍ سليمٍ من زاوية سقف المطالب التي ينادون بها، وهي المطالب الشعبوية: مثل، الرفاهية، زيادة الرواتب، معضلات السكن والشوارع وغيرها، وهذه واحدة من جوانب قراءة المشهد.
الجانب الثاني: هي بمنزلة مشورة لسمو رئيس مجلس الوزراء، وذلك بأن يختار فريقا مهنيا سياسيا.. يستطيع أن يفاوض أعضاء البرلمان، استنادًا إلى أن الحكومة لا تستطيع أن تلبي كل طلباتهم، والتوجه إلى الطلبات التي يمكن أن تتم تلبيتها والمستحقة، والتي صوت عليها الشعب الكويتي من خلال المجلس السابق، مثل التصويت على خريطة الطريق والمشاريع التي أتت فيها ومتبنياتهم.
الجانب الثالث: أن الحكومة يجب أن تعي وتتولى القضايا الشبابية، وقضية تولية الكفاءات، وتحديث منظومة التعليم وإبعادها عن التسييس، والحزبية من خلال اختيار كفاءات وقامات علمية بغض النظر عن الحسابات التقليدية (الفئوية أو الطائفية).
الجانب الرابع: المجلس يجب أن يستفيد من المرحلة السابقة.. فليست كل المطالبات يمكن أن تلبيها الحكومة، وهنا تبدأ شعلة التصعيد والتي تنتهي بحل المجلس.. فقد شبعنا من عملية التصعيد وحل المجلس، فما الذي استفاده الشعب من هذا؟!
في هذا الجانب على النواب أن يدركوا بأن هناك نقاط وسط يمكن التفاوض عليها مع الحكومة؛ لاستقرار المؤسستين التشريعية والتنفيذية، فليس كل مطلب يمكن أن تتم تلبيته! عليهم أن يدركوا ذلك بعيداً عن اصطناع بطولات وهمية تنتهي بحل مجلس الأمة أو تأزيم السلطتين.
الجانب الخامس: على النواب التعاون في ما بينهم، بناء على مشاريع وقوانين: مثل خريطة الطريق التي بدأوها في المجلس السابق، فيكون الالتئام وتقييم الأداء الحكومي بناء عليها، خاصة مع وجود اتفاق مسبق بين الحكومة وبين المجلس على كثير من القوانين التي تُتِم خريطة الطريق، لكيلا نبدأ من الصفر، ونعيد اختراع العجلة.
الجانب السادس: في ما يتعلق برئاسة مجلس الأمة.. لا بد من التهدئة وتغيير المعادلة أو التفكير برئاسة جديدة، لكي يخرج الجميع من الاختناق السياسي، وهو الحرب بين فريقين تحت نظرية المعادلة الصفرية، وهي أن الكاسب في جانب لا بد وأن يكون خاسراً في الجانب الآخر.
أخيراً: ننصح بالابتعاد عن التصعيد الفئوي والطائفي، وأي نوع من أنواع التدليس السياسي، أو المزايدات على انتماء الكويتيين لبلادهم وولائهم، وعدم الطعن بعضنا في بعض.. فنحن لحمة واحدة، ولذا يجب أن نلتف حول القيادة السياسية، وأن يكون لدينا هدف واحد، وهو: كيفية انتشال الكويت من هذا الوضع المتردي المتراجع، الذي نتج عن عدم الاستقرار المؤسسي للسلطتين التشريعية والتنفيذية.