معركة ستحدد شكل النظام السياسي في لبنان

بعد تصاعد التوتر الميداني الذي شهده لبنان نهاية الأسبوع، شهدت الجبهة هدوءاً نسبياً وذلك دون الكشف عن هوية مطلقي الصواريخ التي أدت إلى رد هستيري من اسرائيل، تتجه الأنظار الى زيارة رئيس الجمهورية جوزف عون إلى فرنسا وما قد يترتب عليها من نتائج على مستوى الدعم الدولي للبنان، هذا و تترقب الأوساط السياسية الزيارة الثانية لنائبة المبعوث الرئاسي الأمريكي إلى المنطقة، مورغان أورتاغوس، والتي حُددت بعد بعد عيد الفطر.
اما على صعيد المشهد الداخلي، فقد تحوّل المشهد بسرعة من حالة التوتر الأمني إلى الحراك الانتخابي، حيث أثار النائب علي حسن خليل، عضو كتلة “التنمية والتحرير”، جدلًا واسعًا باقتراح تعديل جذري لقانون الانتخابات. ما فتح بابًا لنقاشات سياسية مكثفة، خاصةً حول قضية “حصر السلاح”، التي تعود مجددًا إلى الواجهة مع كل استحقاق انتخابي.
في الأثناء خضع القانون الانتخابي إلى نقاش على طاولة اللجان النيابية المشتركة، التي انعقدت في المجلس النيابي، وكالعادة نتج عنها انقسامًا حادًا في الرؤى والتوجّهات النيابية حيال القانون الذي سيُعتمد في انتخابات العام 2026. وتوزّعت الآراء بين متمسك بالقانون الحالي، وهو ما تؤيده “القوات اللبنانية”، وبين من يسعى إلى تعديله، مثل كتلة “التنمية والتحرير” التي يرأسها رئيس مجلس النواب نبيه بري، والتي قدّمت اقتراح قانون جديد عبر النائب علي حسن خليل، وهو الاقتراح نفسه الذي سبق للكتلة أن تبنّته قبل ست سنوات. في المقابل، قدّم “تكتل لبنان القوي” اقتراحًا جديدًا يستند إلى القانون الأرثوذكسي.
في هذا السياق، رفض نواب “الكتائب” طرح الدائرة الواحدة باعتباره متعارضًا مع “اتفاق الطائف” ومخالفًا للمبادئ التمثيلية، فيما شنّ نواب “القوات اللبنانية” هجومًا حادًا على اقتراح النائب خليل، معتبرين أنه يضرب الميثاقية ولا يساعد على تحقيق التضامن الوطني. كما أشار بعض النواب إلى أن هناك محاولة “تهريبة” لتمرير تعديلات قانون الانتخاب.
نتيجةً لهذا الانقسام الحاد، تقرّر تأجيل البحث في الموضوع إلى حين ورود جميع الاقتراحات إلى اللجان، ليتم تشكيل لجنة فرعية لدراسة مختلف الطروحات وبناء قرار مناسب حولها.
ولا شك أن النقاشات بين النواب عكست واقع البلد بكل خلافاته وتناقضاته، وأكدت استحالة قبول بعض الأطراف السياسية المستفيدة من القانون الحالي بأي تعديلات، فيما ترى أطراف أخرى أنه لا بد من تغييره لضمان صحة التمثيل.
اذاً ستشهد الفترة المقبلة مرشحة لأن تشهد تجاذبات حادة بين القوى السياسية، في ظل تطورات إقليمية قد تؤثر على المشهد الداخلي. ومع اعتبار انتخابات 2026 مفصلية لمستقبل لبنان السياسي، فإن الصراع على قانون الانتخابات لن يكون سوى محطة ضمن معركة أشمل تهدف إلى تحديد شكل النظام السياسي ومراكز القوى في البلاد خلال السنوات المقبلة.
*رأي سياسي*