صدى المجتمع

معرض يدعو إلى حماية التراث السوداني من آثار الحرب

تتسارع الخطى والتحركات المحلية والدولية لحماية التراث الثقافي السوداني الغني والمتنوع، لا سيما بعد أن حلت أضرار بالغة بمواقع التراث والإرث الحضاري المختلفة في البلاد جراء حرب الخرطوم.

ضمن تلك الجهود الوطنية والإقليمية لصون التراث القومي من تهديدات وأخطار الصراع المسلح، دشن الأحد الماضي بمدينة ود مدني بولاية الجزيرة جنوب الخرطوم معرض التراث الثقافي السوداني بدعم من المجلس الثقافي البريطاني وتنظيم الهيئة العامة للآثار والمتاحف ووزارة الثقافة والإعلام.

أنشطة نوعية

شملت فعاليات معرض التراث الثقافي عروض الفنون الأدائية والتراثية ومعرضاً للأعمال اليدوية، والأكسسوارات والعطور والأزياء السودانية إلى جانب الخيمة البدوية (خيمة الحاردلو)، إضافة إلى أعمال غنائية بآلة الربابة وأنماط متنوعة من الشعر الشعبي وفن “الدوبيت”، والفنون التشكيلية بمشاركة محترفين وهواة وعروض درامية وجلسات أغنيات الدلوكة والقهوة، وفعاليات خاصة بالأطفال والمنتجات والمأكولات السودانية المتنوعة.

واعتبرت مديرة العلاقات الدولية والمنظمات بالهيئة العامة للآثار والمتاحف السودانية أماني نور الدائم قشي أن “الحرب أثرت بصورة سلبية في التراث الثقافي، وأسهم وجود معظم متاحف العاصمة قرب المناطق العسكرية والحكومية في تعرضها للأخطار، وفي مثل هذه الظروف تنشط عصابات النهب والسلب في سرقة الآثار، من ثم ينبغي تكثيف الجهود لحمايتها، ولم يتسن لنا حتى الآن حصر الأضرار على وجه الدقة”.

وأضافت قشي أن “معرض التراث الثقافي يهدف إلى إحياء التراث الحي من خلال العرض والتعريف والممارسة حتى لا تندثر المظاهر الثقافية للمجتمع، فضلاً عن تأهيل متحف ولاية الجزيرة من أجل استضافة الأنشطة والفعاليات التي ربما تستمر ثلاثة أشهر”.

ونوهت مدير العلاقات الدولية والمنظمات بالهيئة العامة للآثار والمتاحف بأن “التراث الثقافي ينقسم إلى مادي، وهي مخلفات الحضارات القديمة من مواقع صروحية ومواد منقولة توجد في المتاحف، أما التراث الحي فهي الممارسات الثقافية التي يقوم بها الإنسان في حياته وتعد محددة لثقافة المجتمع وهويته”.

وأشارت قشي إلى أن “التحديات التي تواجه التراث في السودان منها البشري مثل الحروب والنزاعات المسلحة والهجرات، والتغيرات المناخية، وكلها قد تؤدي إلى زوال التراث الحي”.

أضرار وتدمير

وبحسب منظمة “التراث من أجل السلام”، وهي منظمة غير حكومية للتراث الثقافي، تم استهداف ما لا يقل عن 28 موقعاً ثقافياً وأثرياً بأنحاء السودان، أو تعرضت لأضرار جانبية، من بينها مركز محمد عمر بشير في جامعة أم درمان الأهلية والسرايا التاريخية للشريف حسين الهندي في منطقة بري بالخرطوم، ومتحف بيت الخليفة في أم درمان ودار الوثائق القومية ومتحف القصر الجمهوري، وألحقت الاضطرابات في إقليم دارفور بغرب البلاد أضراراً بأربعة متاحف في الأقل، منها سطح المتحف في نيالا، ثاني أكبر مدينة سودانية وعاصمة ولاية جنوب دارفور.

في هذا الخصوص أوضح المتخصص في منظمة الأمم المتحدة للتربية والعلم والثقافة الـ(يونيسكو) عبدالرحمن علي أن “الحرب أثرت في التراث الثقافي المادي وحامليه، لذلك يهدف المعرض إلى حمايته من تداعيات الصراع المسلح، بخاصة بعد تأثر التراث السوداني بهجرة المواطنين من مناطق الاشتباكات إلى المدن الآمنة، وخلال رحلة النزوح يتأثر التراث أيضاً سلباً وإيجاباً بالمناطق الحاضنة”.

وأضاف علي أن “المعرض يلفت نظر المسؤولين والمهتمين بقيمة التراث باعتباره أحد مكونات ركائز هوية الشعب السوداني، من ثم يجب المحافظة عليه وتوظيفه لعائد مادي حتى يلعب أدواراً مهمة في المستقبل”.

وأشار إلى أنه “انطلاقاً من أن السودان عضواً في منظمة (اليونيسكو)، ومن أوائل الدول الموقعة على اتفاق حماية التراث، كان لا بد من دور متعاظم في الحفاظ والحماية وذلك من خلال تقديم الدعم الفني من أجل الترميم والصيانة والصون، والدراسات الفنية لتقييم الأضرار التي تنشأ من أثر الحرب على التراث الثقافي”.

تجربة فنية

شكلت المعارض التشكيلية تجربة فنية تستلهم التراث الشعبي السوداني، وتعكس لوحاتها مشاهد متنوعة وتوليفة تحمل طابعاً من طبيعة الحياة الشعبية والأصالة والحداثة، معتمدة على ألوان مشرقة.

الفنان التشكيلي هيثم سليمان قال إن “دور الفنانين في مثل هذه الفعاليات يتمثل في نشر ثقافتهم وهويتهم من خلال أعمال متفردة تخلق ذاكرة بصرية للتراث والهوية حتى يكون هناك حضور للفن التشكيلي المستوحى من التراث”.

وأضاف سليمان أن “تجربته في المعرض اعتمدت على التراث الثقافي السوداني عبر أعمال مستوحاة من المباني المعمارية ذات القيمة الفنية والمواقع الأثرية والتحف الفنية والمخطوطات التاريخية والأثرية، إضافة إلى التاريخ الطبيعي، وغيرها”. وتابع المتحدث “أستلهم التراث من الذاكرة التي تعيش في مخيلتي منذ الطفولة، لذلك أحاول أن تعكس لوحاتي التنوع الثقافي قديماً، والتاريخ الزاخر والعناصر التي أشعر أنها في طريقها إلى النسيان، والمناظر الطبيعية المتنوعة التي تعكس تنوع وجمال البيئة السودانية”.

أخبار مرتبطة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى