معدلات الانتحار في أمريكا تصل لمستوى تاريخي
خلص تقرير أصدره الباحثون في مراكز السيطرة على الأمراض والوقاية منها بالولايات المتحدة إلى أن ارتفاع معدلات الانتحار بين البالغين الأكبر سنا أدى لارتفاع حالات الانتحار في البلاد لمستوى تاريخي العام الماضي، حتى في ظل تراجعها بين الشباب.
وذكرت صحيفة لوس انجليس تايمز أن أكثر من 49 ألف شخص أقدموا على الانتحار خلال عام 2022 في أنحاء البلاد، فيما تعد أعلى حصيلة يتم تسجيلها في البلاد، وفقا للاحصاءات الاتحادية. وتعد هذه البيانات أحدث دليل على التوجه المقلق في الولايات المتحدة، التي تشهد ارتفاعا في حالات الانتحار خلال فترة كبيرة للغاية من القرن الحادي والعشرين.
وحذر مسؤولو قطاع الصحة من أن معدلات الانتحار تراجعت نوعا ما بين 2018 و 2020، ولكنها عاودت الارتفاع مؤخرا. وبعد تعديل الارقام لمراعاة التوزيع العمري للأمريكيين، وتوصل باحثو مراكز السيطرة على الأمراض والوقاية منها إلى أن معدل الانتحار العام الماضي بلغ 3ر14 لكل 100 ألف شخص، وهو مستوى لم يتم تسجيله منذ عام 1941.
ويستند المعدل على الأرقام الأولية لحالات الوفاة الناجمة عن الانتحار، المتوقع أن ترتفع في ظل استمرار تقييم حالات الوفاة ، وتصنيف الكثير منها على أنها حالات وفاة خلال عام 2022.
ويرجع تزايد حالات الانتحار إلى ارتفاع حالات الانتحار بين من يبلغون من العمر 35 عاما وأكثر، بحسب الاحصاءات الاتحادية. وأظهر تقرير مراكز السيطرة على الأمراض أن ما بين 2021 و 2022، تراجعت المعدلات بين من أهم أصغر من 25 عاما، ولكنها ارتفعت بصورة كبيرة بين الفئات الأكبر سنا.
وقالت سالي سي كورتين، الاخصائية في مركز الدراسات الصحية بمراكز السيطرة على الأمراض، وأحد واضعي التقرير الجديد ” الأمر مختلف نوعا ما على ما رأيناه خلال الأعوام الماضية”. وقد ارتفعت معدلات الانتحار في الكثير من المجموعات الديموجرافية، ولكن” إذا كان هناك أمر إيجابي في التقرير، فهو التراجع الذي تم تسجيله بين المجموعات الأصغر سنا، بعدما كان المعدل يرتفع باستمرار”.
قد استمر اتساع الفجوة بين الجنسين خلال عام 2022، بعد تسجيل 1ر23 حالة وفاة لكل 100 ألف رجل و 9ر5 لكل 100 ألف امرأة . ويواجه الأكبر سنا خطورة مرتفعة بصورة خاصة: ومن بين الرجال الذين يبلغون من العمر 75 فأكثر، بلغ معدل الانتحار (7ر43 وفاة لكل 100 ألف) وهو نحو ضعف المعدل بين الأصغر سنا الذين تتراوح أعمارهم من 15 إلى 24 (6ر21 وفاة لكل 100 ألف ). ومن بين النساء، كانت الفئة العمرية من 45 حتى 54 عاما الأكثر خطورة بواقع 9ر8 حالة وفاة لكل 100 ألف.
وعلى الرغم من أن حالات الانتحار كانت أقل شيوعا بين النساء مقارنة بالرجال، فإن المعدل بعد حساب متغير السن بالنسبة للنساء ارتفع بنسبة 4% ما بين 2021 و 2022، مقارنة بـ 1% بين الرجال.
كما تم رصد اختلافات في حالات الانتحار بسبب العرق ، حيث أن الهنود الأمريكيين ومواطني ألاسكا الاصليين يواجهون خطورة أعلى (7ر26 وفاة لكل 100 ألف )يليهم أصحاب البشرة البيضاء من غير اللاتنيين (6ر17 حالة وفاة لكل 100 ألف ).
وكانت حالات الانتحار أقل بصورة كبيرة بين الفئات العرقية الأخرى في أمريكا، وتتضمن أصحاب البشرة السوداء، الذين بلغ المعدل بينهم 9 حالات وفاة لكل 100 ألف. ولكن الدراسات الأخرى تشكك في ما إذا كان سوء التصنيف بين أصحاب البشرة السوداء ربما أثر على دقة هذه الاحصاءات.
وقد ارتفعت حالات الانتحار في أمريكا حتى في ظل انخفاضها في دول أخرى بأنحاء العالم. وأشار الخبراء إلى عدة عوامل ربما تكون قد ساهمت في ذلك، وتشمل وباء الأفيون والغموض الاقتصادي وسهولة الحصول على الاسلحة.
وأظهر تحليل لمنظمة كاسير فاملي غير الربحية أن حالات الانتحار ذات الصلة بالأسلحة مستمرة في الزيادة في أمريكا، حيث مثلت 55% من إجمالي حالات الوفاة خلال عامي 2021 و 2022. ويشار إلى أن تقييد الوصول لهذه الأسلحة أصبح أحد محاور منع الانتحار.
وكان الجراح العام الأمريكي قد دعا للتحرك خلال عام 2021، قائلا إن الوقاية من الانتحار” تتطلب توجها شاملا يجمع عدة استراتيجيات للحد من الخطورة وتعزيز عوامل الحماية على مستوى الفرد والعلاقات والمجتمع”. وأضاف “هذا يتضمن مواجهة العوامل الاساسية التي تؤثر على الانتحار،و زيادة استخدام فرق الازمات المتنقلة”.