«معبر رفح»… وساطة واشنطن تختبر «عمق» الأزمة المصرية – الإسرائيلية
أنباء عن اجتماع ثلاثي في القاهرة لبحث ترتيبات إدارته
وصلت أزمة معبر رفح الحدودي بين مصر وإسرائيل إلى محطة الوساطة الأميركية، في محاولة من واشنطن لاختبار «عمق» الأزمة المتصاعدة بين البلدين، وبحث ترتيبات إدارة المعبر وتأمينه، وسط رفض مصري لسيطرة تل أبيب على جانبه الفلسطيني.
وتحدثت وسائل إعلام أميركية، الجمعة، عن اجتماع وشيك بين ممثلي مصر وإسرائيل برعاية واشنطن بشأن المعبر. ونقل موقع «أكسيوس» الأميركي عن 3 مسؤولين أميركيين وإسرائيليين، لم يكشف أسماءهم، أن البيت الأبيض «يعمل على ترتيب اجتماع ثلاثي بين مسؤولين من مصر وإسرائيل، في القاهرة، قريباً، لبحث تأمين معبر رفح، وتأمين الحدود بين مصر وقطاع غزة، وبحث إمكانية توصيل المساعدات الإنسانية عبر المعبر».
ووفق الموقع، سيكون الوفد الأميركي برئاسة كبير مديري إدارة الشرق الأوسط في مجلس الأمن القومي، تيري وولف، وستتركز المباحثات على «وضع خطة لإعادة فتح معبر رفح من دون وجود عسكري إسرائيلي على الجانب الفلسطيني، ومناقشة الخطط المصرية لإعادة فتح المعبر بإشراف الأمم المتحدة وممثلين فلسطينيين من غزة غير مرتبطين بـ(حماس)».
وسبق ذلك، ما زعمته «هيئة البث الإسرائيلية» مساء الخميس، أن «إسرائيل ومصر قررتا إعادة فتح معبر رفح لإدخال المساعدات الإنسانية إلى قطاع غزة بعد ضغوط أميركية»، لكن مصدراً مصرياً نفى عبر قناة «القاهرة الإخبارية» الفضائية، تلك الأنباء، مؤكداً «تمسك بلاده بالانسحاب الإسرائيلي الكامل من معبر رفح، شرطاً لاستئناف العمل به».
ورأى مساعد وزير الخارجية المصري الأسبق، السفير محمد حجازي، أن «التوترات في العلاقات المصرية – الإسرائيلية واضحة، خصوصاً بعد حديث إسرائيل عن احتلال (محور فيلادلفيا)، والسيطرة على الجانب الفلسطيني من معبر رفح، وتمسُّك مصر بشكل صارم بعدم شرعنة ذلك الاحتلال، ورفض تقبُّل الأمر الواقع».
وأضاف حجازي لـ«الشرق الأوسط» أن «الولايات المتحدة تدرك أهمية العلاقات المصرية – الإسرائيلية، وأهمية أن تلعب دوراً مؤثراً للحفاظ عليها، والبحث عن مسار لا تعترض عليه مصر، ويرضي مطالبها»، مرجحاً أنه «لو كانت نتائج هذا الاجتماع المحتمل الوصولَ لصيغة تسمح بإدارة فلسطينية دولية لمعبر رفح خصوصاً صيغة 2005 التي تشمل وجود ممثلين فلسطينيين في إدارة المعبر وإشراف أوروبي، لَقَبِلَتْ مصر ذلك»، لافتاً إلى أن الاجتماع المحتمل سيرسم «مسار إنهاء أعمق أزمة بين إسرائيل ومصر منذ معاهدة السلام عام 1979».
أما أستاذ العلوم السياسية في جامعة القاهرة، ورئيس «وحدة الدراسات الفلسطينية والإسرائيلية في المركز القومي لدراسات الشرق الأوسط»، الدكتور طارق فهمي، فقد قرأ تلك التسريبات الإعلامية الجديدة بأنها «تأتي في سياق تحركات أميركية لتقريب وجهات النظر، ومحاولة إعادة الاتصالات والمفاوضات المتوقفة»، وأضاف لـ«الشرق الأوسط»: «بعيداً عن مصداقية تلك التسريبات، ستظل مصر رافضةً إجراءات إسرائيل بخصوص معبر رفح، ومن دون وضع أي ضوابط أو معايير في الاجتماع المحتمل لن نصل لحل».
تابع فهمي قائلاً: «القاهرة غير ملزمة بأن تساير واشنطن التي تحاول ترضيتها والقبول بمفاوضات غير جدية أو مقترحات غير متفقة مع مطالبها، بينما رئيس حكومة إسرائيل، بنيامين نتنياهو مستمر في نظرية شراء الوقت وتمديده لإتمام عمليته العسكرية في رفح».
ووفق فهمي فإن «السيناريوهات متعددة بشأن إدارة معبر رفح، ومن بينها سيناريو أميركي يبحث عن إدارة المعبر عبر شركة أميركية، أو إدارة مشتركة مصرية – إسرائيلية – أوروبية، لكن مصر واضحة في حتمية وجود السلطة الفلسطينية، أو العودة لاتفاق المعابر، ولن تقبل بأي وجود إسرائيلي، أو ترتيبات أمنية تنحاز لتل أبيب».
واتفق الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي في اتصال هاتفي مع نظيره الأميركي جو بايدن، قبل عدة أيام، على إرسال المساعدات الإنسانية عبر معبر كرم أبو سالم الإسرائيلي بشكل مؤقت، وبحث آلية لإعادة فتح معبر رفح.
ومن جهة أخرى، يعتقد المستشار بالأكاديمية العسكرية للدراسات العليا والاستراتيجية في مصر، اللواء عادل العمدة، أن «الاجتماع المحتمل يأتي في سياق معاهدة السلام التي تعد واشنطن وسيطاً وضامناً لتنفيذها، وعند أي تجاوز تجتمع بطرفيها لبحث الحل».
ويتوقع أن «تنجح الوساطة الأميركية في إيجاد حل، لا سيما أن واشنطن الوحيدة القادرة على الضغط على تل أبيب»، مؤكداً لـ«الشرق الأوسط» أن «الحل الوحيد لإدارة المعبر هو المطروح من الجانب المصري بانسحاب إسرائيل من الجانب الفلسطيني، وأي بديل آخر يعني مزيداً من التوتر في العلاقات، وعدم حل الأزمة».