ملفات

“فرساي”.. المعاهدة التي مهدت للحرب العالمية الثانية

لطالما كانت المعاهدات منذ قديم الزمان أداة جوهرية في فن الحكم وممارسة الدبلوماسية، ولما كانت المعاهدات في تعريفها اتفاقيات تُبرم بين الدول عند نهاية أي صراع في أغلب الأحيان، فإنها تعيد بشكل كبير رسم الحدود وصياغة الاقتصاد والتحالفات والعلاقات الدولية من جديد.

ضمن ملفنا الخاص من “رأي سياسي” نستعرض بعض التفاصيل عن معاهدة فرساي التي غيرت وجه العالم الى الأبد.

معاهدة فرساي 1919:

وُقعت معاهدة فرساي -التي أسدلت الستار على الحرب العالمية الأولى- بين الحلفاء الغربيين وألمانيا، في قصر فرساي بباريس عام 1919، وإلى جانب هذه المعاهدة، أُبرمت معاهدات منفصلة مع الدول الخاسرة وهي النمسا والمجر وبلغاريا وما تبقى من الإمبراطورية العثمانية.

وتحملت ألمانيا الوزر الأكبر الناجم عن معاهدة فرساي، فعوقبت بفقدان أراضٍ وفرض عقوبات شديدة.

وقد أسفرت النقاط الـ14 التي أصدرها الرئيس الأميركي وودرو ويلسون وتضمنت مبادئه من أجل السلام في عام 1918، عن إنشاء العديد من الدول الضعيفة والصغيرة التي بالكاد تستطيع الدفاع عن نفسها على المدى الطويل ضد أطماع دول مفترسة من شاكلة الاتحاد السوفياتي.

وكان أن هيأ التدخل في البنى السياسية الداخلية للقوى الخاسرة -مثل ألمانيا- الظروف الملائمة لإندلاع الاضطرابات التي أدت في نهاية المطاف إلى إشعال الحرب العالمية الثانية.

أما الإمبراطورية العثمانية فقد وقّع الحلفاء المنتصرون معها معاهدتي سيفر ولوزان اللتين تمخضتا عن تقسيمها، وهو ما انطوى على تداعيات على منطقة الشرق الأوسط.

فكان أن جنى الأرمن والأكراد الحصرم، ووجدت أغلب الدول العربية نفسها ترزح تحت نير الاستعمارين الفرنسي والبريطاني، ولا تزال تبعات تلك الحقبة ماثلة للعيان في تلك الدول حتى اليوم.

نتائج معاهدة فرساي:

جرّدت معاهدة فرساي، ألمانيا من مستعمراتها التي ما لبثت أن تقاسمها الحلفاء بصيغة “انتداب” هذه الصيغة التي تم اعتمادها في عصبة الأمم حينها، فكان أن حصلت فرنسا على الكاميرون ونصف دولة توغو، وحصلت بريطانيا على بروندي ورواندا وتنغانيقا والنصف الآخر لدولة توغو وجنوب غربي أفريقيا الألمانية، وتم إعطاء جزر الهادي الألمانية وهي جزر مارشال ومارينا وكارولينا لليابانيين، وأُعطيت غينيا الجديدة للأستراليين، وظل هذا الوضع الاستعماري قائماً حتى نهاية الحرب العالمية الثانية.

حملتْ معاهدة “فرساي” في رحمها جنين الحرب العالمية الثانية، إذ إنّ المعاهدة، نصاً، صِيغتْ للحيلولة دون قيام ألمانيا بتكرار عدوانها العسكري، لكنّها نتيجةً، تسببت في أزمة اقتصادية وسياسية في ألمانيا، تلك الأزمة التي مهّدت الطريق لصعود الزعيم النازي أودلف هتلر منصّة السلطة وإشعاله فتيل الحرب العالمية الثانية.

تأسيس عصبة الأمم

وهي منظمةٌ دولية  قامت إثر الحرب العالمية الاولى، كواحدة من بنود معاهدة فيرساي، والعصبة كانت أول منظمة تتشكل بهدف حلّ النزاعات والخلافات بين الدول بالطرق السلمية، وعلى الرغم من أن الرئيس الأمريكي توماس وودرو ويلسون كان المهندس الرئيس لفرساي من خلال نقاطه “الأربعة عشر”، إلا أن الولايات المتحدة لم تنضم قط إلى العصبة التي بقيت غير فعالة إلى أن تم إزاحتها لصالح إنشاء هيئة الأمم المتحدة.

أخبار مرتبطة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى