شؤون دولية

معارك طاحنة بالمسيرات والدخان يغطي سماء الخرطوم وأم درمان.

تواصلت حرب المسيرات العنيفة في المعارك الضارية بين الجيش السوداني وقوات الدعم السريع لليوم الـ14 على التوالي، إذ شهدت منطقة السوق الشعبية في أم درمان وضاحية الأزهري جنوب غربي الخرطوم انفجارات قوية نتيجة القصف الجوي المتبادل بين الطرفين باستخدام المسيرات، فضلاً عن المدفعية الثقيلة، مما أدى إلى تصاعد أعمدة الدخان السوداء في سماء المدينتين.

ووفقاً لمصادر عسكرية فإن الجيش السوداني نفذ قصفاً مدفعياً مكثفاً، مستهدفاً عدداً من مواقع قوات الدعم السريع بمدن العاصمة الثلاث الخرطوم وأم درمان وبحري، فيما ردت الأخيرة بضربات مدفعية على موقع القيادة العامة للجيش بوسط العاصمة، كما قصفت بالطائرات المسيرة تمركزات الجيش بمنطقة كرري شمال مدينة أم درمان.

وأشارت المصادر نفسها إلى أن مسيرة تابعة للجيش السوداني نفذت ضربات استباقية على تجمعات لـ”الدعم السريع” بمناطق الرياض وأركويت والمعمورة والجريف غرب والمجاهدين والمدينة الرياضية وحي الصحافة جنوب وغرب الخرطوم، كما قصف الجيش، بالمدفعية الثقيلة، أحياء جنوب وشرق العاصمة حيث تنتشر قوات الدعم السريع بشكل كبير.

وذكر شهود أن مدفعية الجيش الثقيلة المتمركزة شمال أم درمان قصفت مواقع لقوات الدعم السريع في جنوب أم درمان ومحيط السوق الشعبي غرب أم درمان وجسر ود البشير، كما قصفت مدفعية الجيش، من قاعدة وادي سيدنا العسكرية شمال أم درمان، تمركزات “الدعم السريع” بمزارع شمبات والحلفايا ببحري.

ولفت الشهود إلى توسع عمليات التمشيط التي يقوم بها الجيش في سوق أم درمان بوصوله غرباً حتى استاد الهلال، وجنوباً حتى شارع كرري الذي شهد اشتباكات عنيفة بين الطرفين استخدمت فيها الأسلحة الخفيفة والثقيلة، وصد الجيش محاولة قام بها “الدعم السريع” للوصول لحارات الثورة الواقعة بأم درمان.

هجوم مسلح

وفي دارفور، هاجمت قوة مجهولة مسلحة، في منطقة أم الحسين التي تبعد 80 كيلومتراً من الفاشر عاصمة ولاية شمال دارفور، قافلة من الشاحنات والباصات تقوم قوة مشتركة لحركات الكفاح المسلح بتأمينها، مما أدى إلى مقتل أربعة أشخاص من المجموعة المهاجمة، وإصابة اثنين من قوات التأمين، وبحسب المتحدث باسم القوة المشتركة لحركات الكفاح المسلح أحمد حسين، فإن القافلة مكونة من أكثر من 1400 شاحنة وباص تحركت من مدينة كوستي بوسط السودان تحت حماية هذه القوة قاصدة إقليمي دارفور وكردفان، وتتبع الشاحنات للمنظمات الإنسانية، وتستهدف مساعدة نازحي الحرب في الإقليمين إضافة إلى شاحنات محملة بالوقود وبذور التحصين الزراعي.

خلية تنفيذية

وفي شأن السجال الدائر حول مآلات تشكيل حكومة جديدة في السودان من قبل قائد الجيش عبدالفتاح البرهان، قال أستاذ العلوم السياسية في “الجامعات السودانية” عبده مختار “في تقديري لا أرى أن هناك داعياً لتشكيل حكومة مدنية جديدة في الوقت الراهن، باعتبار أن الوضع الأمني في البلاد غير مستقر، وليست هناك جهة من الطرفين المتصارعين تسيطر بالكامل على الدولة، فالمواطن هو من يدفع الثمن بتعرضه للموت بسبب القصف المدفعي والجوي العشوائي من قبل القوتين، فضلاً عن ازدياد المعاناة اليومية جراء نقص الغذاء والدواء والانقطاع المتواصل لخدمات الكهرباء والمياه والاتصالات”. وتابع مختار “من المهم في ظل هذه الظروف الاستثنائية والأوضاع الصعبة أن يتم تشكيل خلية تنفيذية من العسكريين لتصريف الأعمال وإيصال الإغاثة للمواطنين في العاصمة ومناطق النزوح في الأقاليم المختلفة حتى لا تتسرب للأسواق، لكن في حال شكل البرهان حكومة مدنية فستكون هناك أزمتان تتمثلان في قيام قوات الدعم السريع بتشكيل حكومة موازية في مناطق سيطرتها، مما يعني تقسيم السودان لدولتين كالنموذجين الليبي واليمني، وأن يستعين قائد الجيش بالإسلاميين كحاضنة سياسية لحكومته مما يعقد الأزمة الحالية”.

أضاف أستاذ العلوم السياسية “بلا شك أن استمرار العمليات العسكرية بين الجانبين بهذه الوتيرة العنيفة سيؤدي إلى مزيد من المعاناة وتعقيد الأمور نحو الأسوأ، بخاصة أن المدنيين يتعرضون أكثر مما مضى إلى عمليات القصف العشوائي المتبادلة بين الجيش والدعم السريع، فضلاً عن سوء الخدمات الصحية وانتشار الأمراض ونقص الغذاء والدواء، إضافة إلى الخشية من أن يستدعي تواصل هذه العمليات إلى تدخل دولي من أجل العمل الإنساني”.

طرف ثالث

وحول فرض عقوبات أميركية على جهات سودانية قال القيادي في قوى الحرية والتغيير (المجلس المركزي) خالد عمر يوسف إن هذه العقوبات شملت، للمرة الأولى، طرفاً ثالثاً غير الطرفين المتقاتلين، ألا وهو الحركة الإسلامية ممثلة في شخص زعيمها الحالي علي كرتي، وأكد يوسف، في بيان، أن هذا الاختلاف النوعي يؤكد بقوة ضلوع عناصر النظام السابق في الكارثة التي حلت بالبلاد، منوهاً بأن النقطة الأهم التي وردت في بيان وزارة الخزانة الأميركية هي الإشارة إلى دور الإسلاميين في الوقوف بوجه محاولات التوصل إلى اتفاق للتهدئة بين القوات المسلحة و”الدعم السريع”، ولفت إلى أن العقوبات الأميركية عبرت عن حقيقة مفادها بأن استمرار الحرب الحالية لا يصب في مصلحة أي جهة في السودان سوى عناصر نظام الرئيس السابق عمر البشير، موضحاً أن أنصار النظام السابق يريدون عسكرة الحياة في البلاد، لأن هذا هو المناخ الذي يجيدون العيش فيه.

ونوه القيادي في قوى الحرية والتغيير بأنهم يريدون الانتقام من الثورة وتصفيتها، لذا ينشطون في نشر الأكاذيب التي تجعل من هذه الحرب حرباً للقضاء على كل ما له صلة بالثورة والتحول المدني الديمقراطي.

حصار المدنيين

في الأثناء، أشارت مجموعة محامي الطوارئ في السودان إلى تلقيها عدداً من البلاغات من مواطنين تفيد بأن القوات المسلحة تحاول، منذ فترة، فرض حصار على محلية أمبدة بنشر عدد من الارتكازات داخل محلية كرري وفي مناطق التماس لتقييد وتجفيف حركة مرور السلع والمواد الغذائية من محلية كرري إلى محلية أمبدة التي تقع تحت سيطرة قوات الدعم السريع، وبينت أنه من خلال التقصي وسماع إفادات عدد من الشهود ثبت أن القوات المسلحة تنشر عدداً من الارتكازات في سوق صابرين ومحطة ود البشرى ومحطة حميدان ومحطة الرومي بالمحلية، وتصادر هذه الارتكازات بضائع التجار من السلع التموينية المتوجهة إلى محلية أمبدة كلياً أو جزئياً، ولفتت إلى أنها استمعت إلى إفادات عدد من التجار أكدوا أن بعض ضباط القوات المسلحة يطلبون من بعض التجار مبالغ مالية مقابل السماح لمرور البضائع، منوهة بأن القانون الدولي الإنساني يحظر تجويع المدنيين وحرمانهم من الغذاء كأحد أساليب الحرب المحرمة دولياً، واستنكرت المجموعة هذا السلوك المجرم دولياً والذي ظل ينتهجه طرفا النزاع (الجيش والدعم السريع) منذ اندلاع الصراع المسلح في 15 أبريل (نيسان).

أوامر قبض

من جانبه، أوضح المدعي العام السوداني رئيس لجنة التحقيق في جرائم الحرب وانتهاكات قوات الدعم السريع خليفة أحمد خليفة أنه أمر بإلقاء القبض على 250 شخصاً من السياسيين والصحافيين والناشطين السودانيين بتهمة تعاونهم مع قوات الدعم السريع، وأشار إلى أن اللجنة تعمل على الإجراءات المتعلقة باسترداد قادة “الدعم السريع” والمتعاونين معها والموجودين خارج البلاد بالتنسيق مع الإنتربول، مبيناً أنه تم تسجيل 45 حالة انتهاك جنسي و500 حالة اختفاء قسري، وأفاد خليفة بأنه تم تحويل عدد من الشهود للجان التحقيق والتحري وأدلوا بشهاداتهم، مؤكداً أنه تلقى نحو 1078 بلاغاً كإحصائية أولية تتصل بالاختفاء القسري والاغتصاب والنهب والسرقة والتطهير العرقي.

أخبار مرتبطة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى