مصير القطاع المصرفي حُسم؟ والإخراج للقضاء…
كتب ميشال نصر في “الديار”:
في مسار الانهيار اليومي للدولة اللبنانية وكيانها، تتكاثر المحطات وتتناسل الملفات، فيفتح الواحد قبل ان يغلق الآخر، في عز جهنم الباقية على لهيبها رغم البرد القارس، كوى بغلاء «مازوته» جيوب اللبنانيين خاصة في مناطق الاطراف، في سباقه مع الحرب القضائية – المصرفية التي يبدو انها ستتكفل بما تبقى من ودائع في الطريق نحو الانفجار الكبير، سواء الغيت الانتخابات النيابية او اجّلت ام لم تسقط، لا فرق طالما ان النتيجة واحدة، ما لم يحسم الخارج قراره، ليس فقط على طاولة فيينا، انما ابعد من ميدان المعارك في شوارع كييف.
فما بدأته مدعي عام جبل لبنان القاضية غادة عون من اجراءات ضد المصارف، بغطاء رئاسي ام من دونه، وكاد يتحوّل الى ازمة قضائية – امنية، يبدو انه اتخذ مساره التصاعدي مع انتقال «عدوى» القرارات الى قضاة آخرين، قد تقود اجراءاتهم التي يراد بها حق الى باطل «ما رح يخلي حجر على حجر»، خصوصا اذا ما استخدمت تلك القرارات كسوابق واعراف واتسع مسار اعتمادها، ما قد يضع الامن الوطني بكامله على المحك في لحظة لا تتحمل اي «خربطة»، الا اذا كان المطلوب اعداد الساحة وتمهيدها للحظة الصفر.
وفي هذا الاطار، تكشف مصادر مصرفية ان ثمة عملية خلط اوراق بين البنوك، وفي «جمعية المصارف»، قد تسببت في قلب بعض المعادلات لصالح «خط بعبدا» ومصالحها، والذي تظهر في الحركة القضائية التي استعادت زخمها خلال الساعات الماضية، والتي في حال استمرارها ستكون لها عواقب كارثية داخلية وخارجية، وفقا لما تبلغه عدد من المسؤولين اللبنانيين، متخوفة من ان يكون ما يحصل غطاء متعمدا وزوبعة مقصودة للتهرب من الاجراءات والخطوات التي طالب بها وفد الخزانة الاميركية في بيروت والتي تنتهي مدتها نهاية الشهر الحالي.
وتتابع المصادر، بان المخاوف تزداد يوما بعد يوم من خروج الاوضاع عن السيطرة، مع تحول المصارف الى حلبات مصارعة ومواجهة قد تتخذ طابعا دمويا، وهو ما المح اليه بيان «جمعية المصارف»، التي بحسب مصادرها، باتت على قناعة تامة بان قرار «قطش راس المصارف» قد اتخذ، والتنفيذ بدأ في اطار طبخة محاصصة جديدة بين افرقاء السلطة لاعادة توزيع المغانم في بينها، بحجة اعادة الهيكلة والاصلاح.
وتشير المصادر الى ان ثمة اعتقادا لدى الكثيرين من اهل الاختصاص، بان ما يجري يدار بواسطة «ريموت كونترول» مبرمجة وفقا لاجندة غير داخلية، فسلسلة القرارات سواء المصرفية منها او القضائية، المتخذة في الفترة الاخيرة، تؤكد وجود مؤامرة هدفها تحريك الشارع لتطيير الانتخابات معيشيا لا امنيا،والا كيف يمكن تفسير حرمان موظفو القطاع العام وغيرهم من المودعين، من رواتبهم ومدخراتهم نتيجة لقرارات متسرعة وغير قانونية، وفقا لما تنص عليه الانظمة المرعية؟ وماذا لو شهد النيابات العامة والمحاكم «هجمة» مودعين» داخليين وخارجيين تطالب بحقوقها، وفقا لما حصل في «فرانسبنك»؟ من سيتحمل عندها الكارثة، القضاء، الامن، المصارف، ام السياسة؟
اوساط مقربة من «جمعية المصارف» كشفت عن توجّه إلى اتخاذ خطوات تصعيدية اعتباراً من الأسبوع المقبل، بما فيها إعلان الإضراب العام، ما لم تتخذ السلطات السياسية التدابير الآيلة إلى الكف عن المخالفات القانونية في حق المصارف، ووقف التمادي الفاضح لبعض الجهات في مخالفة القوانين، والاستمرار في الممارسات التعسفية والغوغائية التي لن تؤدي الا إلى الفوضى.
لعل اخطر ما ستحمله الايام المقبلة من تطورات، هو في تنفيذ «جمعية المصارف» لتهديدها المبطن على قاعدة «ان عدتم عدنا»، بعدما قالت كلمتها العالية النبرة واللهجة «مشهدة اللبنانيين انها ابلغتهم»، فإن هي اعلنت الاضراب تضامنا مع المستهدفين ستتوقف التعاملات المصرفية كافة، تفقد العملة، ترتفع الاسعار تلقائيا في غياب ضخ الدولار، ما سيؤدي حكما الى فوضى اجتماعية قد تشكل بابا واسعا لتطيير الانتخابات… وعلى الارجح هنا بيت القصيد.