مصر تستغر عدم انعقاد مجلس الوزراء…والبيطار يستعيد نشاطه بمذكرة توقيف لوزير سابق
باختصار، لم يخرج اجتماع قصر بعبدا بأي جديد أمس، إنما اقتصر على مجرد “دردشة” رئاسية لا تقدّم ولا تؤخّر في مشهدية المراوحة الطاغية على البلد، رغم إقرار رئيسي الجمهورية والحكومة بالتأثيرات “السلبية لعدم انعقاد مجلس الوزراء على العمل الحكومي وأداء الوزراء والإدارات العامة ومصالح المواطنين وأوضاع موظفي القطاع العام في مواجهة الظروف المعيشية الراهنة”!
بمعنى آخر، يتجلى العجز الرئاسي أكثر فأكثر أمام الحظر المفروض من الثنائي الشيعي على مجلس الوزراء، ليترسّخ معه أكثر فأكثر الانطباع العربي والخليجي بسطوة “حزب الله” على الحكم والحكومة في لبنان بشكل يجهض مفاعيل “اتصال جدة” الفرنسي – السعودي بالرئيس نجيب ميقاتي، ربطاً بالإخفاق على محك الاختبار في ترجمة مضامينه الإصلاحية والسيادية والتي لاقت إجماعاً خليجياً على وجوب تحققها كمدخل أساس لتجاوز الأزمة اللبنانية.
وفي القاهرة أيضاً، سمع ميقاتي موقفاً مصرياً متقاطعاً مع الموقف الخليجي حيال لبنان، لا سيما وأنّ المسؤولين المصريين “أبدوا استغراباً شديداً إزاء الشلل الحكومي الحاصل في خضم كل ما يتخبط به البلد وأبناؤه من أزمات”، وفق ما نقل مصدر ديبلوماسي مصري لـ”نداء الوطن”، مضيفاً أنّ الرسالة كانت واضحة للحكومة اللبنانية: “إعملوا أيّ حاجة” لإثبات جديتكم وعزمكم على الخروج من الأزمة، فليس من الجائز والمقبول إبقاء الوضع على ما هو عليه من شلل ومراوحة.
وإذ أوضح أنّ النصيحة المصرية تتلخص “بضرورة أن يبادر لبنان إلى القيام بواجباته، أولاً تجاه شعبه، وأن ينفذ تالياً تعهداته الإصلاحية تجاه المجتمعين العربي والدولي”، أكد المصدر الديبلوماسي في الوقت عينه “إبداء القاهرة استعدادها للمساعدة حيث يمكنها تقديم المساعدة، وقد أبدت تجاوبها التام مع طلب رئيس الحكومة تقديم مساعدات طبية وغذائية عاجلة، فضلاً عن مطالبته بتقديم دعم تجاري للبنان عبر فتح الأسواق المصرية أمام البضائع اللبنانية في ظل وقف الأسواق الخليجية استقبال أي صادرات من لبنان”.
وعما تم تداوله عن إمكانية أن تلعب مصر دوراً في عملية تقريب وجهات النظر بين لبنان ودول الخليج، اكتفى المصدر بالقول: “الموقف المصري ليس بعيداً أساساً عن وجهة النظر الخليجية حيال سبل الخروج من الأزمة اللبنانية”، مع الإشارة إلى أنّ “تحديد موعد زيارة الرئيس ميقاتي إلى القاهرة تم بعد اتصال جدّة وليس قبله”.
وعلى وقع تعثّر الحكومة على طريق الإصلاح وعجزها الفاضح أمام الداخل والخارج حتى عن الاجتماع، يصل مطلع الأسبوع المقبل السفير الفرنسي المكلف تنسيق المساعدات الدولية للبنان بيار دوكان إلى بيروت لإجراء محادثات مع المسؤولين اللبنانيين حول مصير ومسار الإصلاحات المطلوبة من الحكومة. في حين ضمّت البحرين والكويت، بعد الإمارات وقطر، صوتها إلى الموقف السعودي حيال لبنان، والداعي إلى “إجراء إصلاحات شاملة” بما يشمل ضرورة “حصر السلاح في مؤسسات الدولة الشرعية وألا يكون لبنان منطلقاً لأي أعمال إرهابية ومصدّراً للمخدرات”، كما جاء في البيان السعودي – البحريني المشترك عقب المحادثات التي أجراها وليّ العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان في المنامة، والتي أعاد السفير السعودي وليد بخاري نشر الفقرة اللبنانية من مقرراته على صفحته عبر موقع “تويتر”، في دلالة معبّرة عن خريطة الطريق الوحيدة التي تراها المملكة سالكة أمام لبنان في سبيل استعادة عافيته.
قضائياً، عودٌ على بدء… فبمجرد استئناف المحقق العدلي في جريمة انفجار المرفأ القاضي طارق البيطار مهامه بعد رد دعاوى الرد المقدمة ضده من مختلف المدعى عليهم، أعطى “حزب الله” الضوء الأخضر لإطلاق صلية جديدة من الدعاوى التي تستهدف إعادة كف يده عن ملف التحقيق، غير أنّ الطعن بمصداقية التحقيق العدلي أتى هذه المرة على شكل “طعنة من الخلف” حسبما رأت أوساط قضائية في تقديم والد أحد ضحايا انفجار 4 آب دعوى ضد البيطار أمام محكمة التمييز الجزائية طالباً نقل ملف التحقيق من يده “بسبب الارتياب المشروع”، معربةً عن الأسف “لزجّ بعض من أهالي الضحايا (من المجموعة الموالية لـ”حزب الله” والتي سبق أن انشقّت طائفياً عن سائر أهالي شهداء وضحايا الانفجار) في المعركة التي تخوضها السلطة لإجهاض التحقيق العدلي في الجريمة”.
وتوازياً، أعلن أهالي الموقوفين في القضية أنّ “قرار المواجهة اتُّخذ” مع المحقق العدلي، كما صرّحت زوجة المدير السابق للجمارك الموقوف على ذمة التحقيق بدري ضاهر، تعقيباً على الشكوى التي قدمها كل من ضاهر وشفيق مرعي وحسن قريطم وحنا فارس إلى فريق الأمم المتحدة المعني بدراسة ملفات “الاحتجاز التعسفي” في باريس، على اعتبار أنهم “معتقلون من قبل الحكومة اللبنانية بشكل تعسفي وغير قانوني” كما جاء في موضوع الشكوى.
في المقابل، أبدى القاضي البيطار أمس إصراره على تنفيذ مذكرة توقيف الوزير السابق، المدعى عليه، علي حسن خليل “فوراً وعاجلاً”، وذلك رداً على إحالة النيابة العامة التمييزية إليه “رأي” المدير العام لقوى الأمن الداخلي اللواء عماد عثمان بمذكرة توقيف خليل، الأمر الذي يضع عثمان مجدداً امام امتحان تنفيذ مذكرة التوقيف القضائية دون مزيد من الإبطاء، وسط تردد معطيات مغايرة مساءً تفيد بأنّ الأخير قد يلجأ إلى طلب “التريث” في تنفيذ المذكرة لأسباب تتعلق بـ”السلم الأهلي”… ولعلّ أبلغ تعبير عن الواقع اللبناني ما ختمت به “فرانس برس” تقريرها القضائي عن مستجدات التحقيق العدلي في جريمة المرفأ أمس: “… ويُشكك كثر في إمكانية تنفيذ مذكرة التوقيف في حق (علي حسن) خليل في بلد تطغى عليه ثقافة “الإفلات من العقاب” التي لطالما طبعت المشهد العام في بلد يحفل تاريخه باغتيالات وانفجارات وملفات فساد، لم تتم يوماً محاسبة أي من المتورطين فيها”.