اقتصاد ومال

مصر: الأموال الساخنة تزيد مخاطر التضخم

حذر اقتصاديون من اعتماد الحكومة على جذب تدفقات كبيرة للأموال الساخنة، واعتبارها عنصرا رئيسيا في زيادة الاستثمار الأجنبي، مؤكدين أن الأموال الساخنة لن تؤدي إلى زيادة معدلات نمو الناتج المحلي أو تحقيق الاستدامة بالأسواق.
قال الخبير الاقتصادي ومستشار المركز المصري للدراسات الاقتصادية عمر الشنيطي، أثناء عرضه للتقرير الشهري حول الأسواق العالمية بالربع الثاني من العام الجاري، إن السوق المحلية شهدت تدفقات كبيرة للأموال الساخنة خلال الفترة من إبريل/ نيسان إلى يونيو/ حزيران 2024، متأثرة بالتعويم الأخير للجنيه ورفع سعر الفائدة بنحو 8% خلال الربع الأول من العام الجاري، وهو ما أدى إلى ارتفاع كلفة الديون بشدة، حيث وصلت الفائدة إلى نحو 32% عقب التعويم، ما رفع الطلب من المستثمرين الأجانب على أدوات الدين، مشيرا إلى أنه رغم انخفاض العائد إلى نحو 26% و25%، فإن السوق ما زالت جاذبة للأموال الساخنة.
أشار الشنيطي إلى أن تراجع الدين الخارجي بقيمة عشرة مليارات دولار، نزولا من مستوى 160 مليار دولار، جاء متأثرا بعدد من الصفقات، من بينها مشروع رأس الحكمة، وتعويم الجنيه ورفع الفائدة.

أكد الشنيطي، في الندوة التي عقدت مساء أمس الأول الأربعاء لمناقشة التقرير، أنه رغم تراجع معدلات التضخم من مستويات 35% إلى 30% خلال الربع الثاني من العام الجاري، فإنه ما زال مرتفعا، مبينا أنه قد لا يتراجع في الفترة المقبلة في ظل الإجراءات المتوقعة بزيادة أسعار الكهرباء والمحروقات.
بين الخبير الاقتصادي أنه رغم التزام البنك المركزي بتقليل المعروض النقدي وسحب السيولة بشكل كبير من السوق، فإن زيادة المعروض النقدي وطباعة النقود بمعدلات عالية كانت من الأسباب الهيكلية لارتفاع معدلات التضخم.
كشف الشنيطي عن صعوبة حدوث قفزة في صافي الأصول الأجنبية بالجهاز المصرفي من مصادر مستدامة، مبينا أن تحول صافي الأصول بالبنوك من عجز بقيمة 27 مليار دولار في الربع الأول إلى فائض بلغ 14 مليار دولار بالربع الثاني من 2024، حدث نتيجة تأثير تدفقات رأس الحكمة وصندوق النقد والأموال الساخنة.



صعوبة خفض الفائدة


أيد نائب رئيس البنك الأهلي يحيى أبو الفتوح ما ورد في التقرير حول صعوبة خفض الفائدة حاليا بسبب استمرار معدلات التضخم المرتفعة، مبينا أن سحب البنك المركزي للسيولة من السوق بقيمة ثلاثة تريليونات جنيه في الأسابيع الثلاثة الأخيرة، أمر مهم لمواجهة التضخم، ولكنه ليس الحل الوحيد، حيث يجب رفع سعر الفائدة كأداة مهمة لتقليل الائتمان.
دعا أبو الفتوح إلى دعم صناعة السياحة واستغلال منطقة الساحل الشمالي في جذب شرائح سياحية مختلفة، معتبرا أن قطاع السياحة هو الأهم في جذب تدفقات العملة الصعبة بشكل أكبر من الصناعة التي تعتمد على نحو 60% إلى 70% من مدخلات الإنتاج على مستلزمات مستوردة من الخارج، في حين أن المدخل المستورد لقطاع السياحة لا يتخطى 10% فقط.
قالت المديرة التنفيذية ومديرة البحوث بالمركز عبلة عبد اللطيف إن سعر الفائدة المرتفع “يفسد” الاستثمار، مؤكدة أن سعر العملة المتراجع سببه السياسات الاقتصادية، فإذا لم نقم بإصلاحات مؤسسية هيكلية جذرية وخفض المعروض النقدي وطباعة النقود للحد من التضخم، لن يكون هناك تغيير قادر على مواجهة الأزمات الاقتصادية.
دعت عبد اللطيف إلى ضرورة اهتمام الدولة بالقطاعات الإنتاجية، مبينة أن الصناعة والزراعة هما عمودا أي اقتصاد، ولا بد من مواجهة مشكلات التعثر وتذليل العقبات أمام هذه القطاعات لزيادة الإنتاجية والتصدير.



تراجع أداء البورصة رغم الأموال الساخنة


أشار رئيس مجلس إدارة “المستثمرون الدوليون” هاني توفيق إلى تراجع أداء البورصة مع ندرة الطروحات الجديدة وعدم اعتماد المتعاملين عليها في تنمية مدخراتهم، مؤكدا أن البورصة المصرية ارتفعت بنسبة 170% خلال أربع سنوات، في حين ارتفع سعر الدولار بقيمة 300%، خلال الفترة نفسها، بما ينفي كونها مخزنا للقيمة.
وأوضح أن تراجع العائد على الاستثمار في البورصة دفع المتعاملين إلى اقتناء الدولار والذهب، مذكرا بأن ارتفاع أسعار الذهب لأعلى معدلاتها أمر طبيعي ناتج عن توقعات تراجع أسعار الفائدة عالميا وليس فقط نتيجة التحوط، حيث إن هناك علاقة عكسية بين سعر الذهب والفائدة. وأشار توفيق إلى أن بورصة “ناسداك” بنيويورك تعيش أفضل حالاتها تاريخيا بسبب ارتفاع أسهم شركات التكنولوجيا والذكاء الاصطناعي.
قال رئيس هيئة الرقابة المالية سابقا شريف سامي إن هناك أداة دين غائبة عن الحكومة، وهي أدوات الدين المتغيرة، وهي طويلة الأجل يختلف العائد عليها وفق معدلات التضخم، ولا يضار منها أي من الطرفين سواء الحكومة أو المستثمر، ولفت إلى قيام وزارة المالية بتغيير نظام المتعاملين الرئيسيين مع البنوك، وأصبح هناك إلزام للبنوك بشراء كل الكميات المطروحة، بعكس رأي اتحاد البنوك، وهو يتعارض مع التوجه لسوق أكثر ديناميكية.
وأشار سامي إلى أن البورصات العالمية تعاني جميعا، حيث إن الكثير من الشركات تتجه للشطب من بورصة لندن التي تعد إحدى أهم البورصات، كما انخفضت أعداد الشركات في البورصة الأميركية إلى الثلث، لافتا إلى أن البورصة المصرية تستحق منا الاهتمام وتنويع الأنشطة، خاصة الزراعية واللوجستية، التي لا توجد بشكل كاف.

أخبار مرتبطة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى