أبرزرأي

مشكلة الدعم الخارجي حيث تتبدل الحسابات

كتب رفيق خوري في “إندبندنت عربية” : من الصعب إقامة نظام إقليمي من دون الدور الجيوسياسي لسوريا.

لا أحد يجهل أن من الصعب إقامة نظام إقليمي من دون الدور الجيوسياسي لسوريا، ولا شيء يوحي أن استعادة الدور مسألة جاهزة، فما فعلته الحرب حتى الآن هو إضعاف كل الأطراف في بلد لجأ إلى الخارج ونزح نصف شعبه داخلياً، وصار 90 في المئة منه تحت خط الفقر وتقاسمته خمسة جيوش أجنبية.

المعارضون ضعفوا كثيراً وبعضهم صار خارج اللعبة، النظام ضعف وإن بقي وبقيت الأزمة التي قادت إلى الحرب، والأطراف الخارجية ضعفت أدوارها، أميركا مصرة على “عدم تشجيع” الانفتاح العربي على دمشق، لكنها عاجزة عن إقناع أصدقائها بالتوقف عن زيارة العاصمة السورية ومقابلة بشار الأسد.

والموفد الأميركي غير بيدرسون يعترف أمام مجلس الأمن بـ”أننا بعيدون للغاية من تطبيق القرار 2254 بسبب حقائق دبلوماسية وأرضية صعبة تجعل التقدم نحو حل شامل صعباً، والعملية السياسية لم تحقق شيئاً للشعب السوري، وحتى مع الجمود الاستراتيجي، فإن النزاع لا يزال ناشطاً للغاية في كل أنحاء سوريا”، لكنه مصر على تجاهل تجارب الموفدين الذين سبقوه واضطروا إلى التخلي عن المهمة، كل ما بات يقترحه هو “خطوة مقابل خطوة”، أي ترتيبات جزئية في غياب التسوية الشاملة من دون نجاح.

ولم يكن من المفاجآت أن تفشل اللجنة الدستورية التي تضم ممثلي النظام والمعارضة والمجتمع المدني في التقدم خطوة واحدة، ذلك أن المعادلة واضحة في “ستاتيكو الأزمة والحرب”، الاستمرار فيه مكلف والتغيير صعب، والأخطر هو بروز مشكلة الاتكال على الدعم الخارجي حين تتبدل حسابات القوى الإقليمية والدولية.

الرئيس التركي رجب طيب أردوغان لعب دوراً كبيراً في تسليح المعارضين وتمويلهم، لا سيما منهم جماعة الإخوان المسلمين وبقية تيارات الإسلام السياسي وصولاً إلى “داعش” و”القاعدة”، وهؤلاء اليوم في محنة لأن الرئيس التركي يريد بالتفاهم مع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين الانفتاح على دمشق والاستعداد لقمة مع الأسد، كذلك الأمر بالنسبة إلى الإخوان المسلمين الذين احتضنهم بعد إسقاط حكمهم في مصر، هو يريد الانفتاح على القاهرة، وهم يبحثون عن أمكنة أخرى لاستمرار نشاطهم ضد النظام المصري.

ثم ماذا لو قررت أميركا سحب عسكرها من منطقة شرق الفرات، حيث ترفع مظلة فوق “قوات سوريا الديمقراطية”؟، وماذا يفعل النظام إذا قررت روسيا وإيران الانسحاب من سوريا والدور الداعم له؟

الأجوبة مكتوبة على الجدار، لكن مطالب مصر من تركيا أكبر من قصة الإخوان المسلمين، ومطالب أردوغان من دمشق يستحيل قبولها لأنها تصل إلى محاربة النظام للكرد من شعبه السوري، و”انقلابات” أردوغان في المواقف بنسبة 180 درجة هي مسألة يبدو التراجع عنها ممكناً دوماً.

ألم ينتقل في بدايات الحرب من قمة العلاقات الجيدة مع دمشق حتى على المستوى الشخصي مع الأسد إلى دعم كل المعارضين والوعد بالصلاة في المسجد الأموي حتى ينتصر الإخوان المسلمون؟ هل يتخلى أردوغان عن الأراضي التي احتلها في شمال سوريا وهي جزء من مطامعه وأحلامه العثمانية؟

مهما يكن، فإن مشكلة سوريا أشد تعقيداً من أية حركة يقوم بها أردوغان أو تقوم بها أميركا وروسيا وإيران ومعها الأمم المتحدة، ولو توقف بيدرسون عن مهمته الفاشلة لما تبدل شيء ولما زاد الخطر.

المسألة هي أن تستعيد سوريا دورها المهم في ممارسة استقلالية القرار، ومن دون التسوية السياسية عبر تطبيق القرار 2254، فإن استعادة الدور مهمة مستحيلة.

أخبار مرتبطة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى