رأي

مستقبلٌ قوي للديمقراطية الأميركية

كتبت جينفر روبن في صحيفة “الإتحاد”: كان من الممكن أن تسير انتخابات التجديد النصفي الأميركية على نحو سيئ للغاية. فقد كانت هناك مخاوف جدية من أن الجماعات اليمينية قد تلجأ إلى ترهيب الناخبين أو العنف أو غيرها من التصرفات التي تحدث في مراكز الاقتراع. لكن أياً من ذلك لم يؤت ثماره.
والواقع أنه بينما لا تزال التهديدات ضد الديمقراطية قائمة، فقد يُنظر إلى عام 2022 على أنه النقطة التي توقف عندها تآكل القيم الديمقراطية وتراجع المؤسسات الحيوية. وهناك سبعة أسباب تجعلنا متفائلين بشأن المضي قدماً.
أولاً: أثبتت المحاكم أنها بارعة في تجنب الألاعيب المتعلقة بالانتخابات. فمثلاً نجح المدافعون عن الديمقراطية في ولاية أريزونا في الحصول على أمر قضائي ضد الجماعات اليمينية التي تهدد مواقع صناديق البريد. وأصدرت محاكم أخرى سلسلةً من القرارات لتعزيز حقوق التصويت وإجراء انتخابات حرة ونزيهة قبل يوم الاقتراع. وقد أحيط محامي الانتخابات «الديمقراطي»، مارك إلياس، علماً بأربعة من تلك القرارات يوم الثالث من نوفمبر الجاري، فكتب يقول: «لم تحتل أي من هذه الحالات العناوين الرئيسية. وقد تلقى معظمها بالكاد إشارة محلية. وما جعل هذا اليوم ملحوظاً هو أنه يوم مألوف. ولم تكن أي من هذه الحالات استثنائية. في الواقع، هذا هو الهدف. وبينما تركز العناوين الرئيسية على كيفية تعامل المحاكم مع الهجمات الأكثر إثارة على ديمقراطيتنا، فإن العمل اليومي لمحاكم الولايات والمحاكم الفيدرالية هو ضمان حماية حقوق التصويت».
وباختصار، تظل المحاكم حصناً ضد التخريب الانتخابي وقمع الناخبين. وقد جرت الانتخابات بكفاءة، مع وجود بعض مواضع الخلل.
ثانياً: أظهر التصويتُ الهائل المبكر قدرةَ الناخبين على التكيف مع قواعد الانتخابات الجديدة. وفي النهاية، أدلى ما يقرب من 47 مليون ناخب بأصواتهم في وقت مبكر هذا العام. كما اعتادت وسائل الإعلام والمرشحون والناخبون على العملية الموسعة لفرز الأصوات، الأمر الذي أدى إلى إضعاف الادعاءات بأن التأخير يعادل تزوير التصويت. حسناً، لقد أقر «الجمهوريون» إلى حد كبير بالسباقات التي خسروها، دون ضجة، كما يفترض أن يفعلوا.
ثالثاً: لم تعد نسبة المشاركة المنخفضة في سباقات التجديد النصفي التنافسية هي القاعدة. وقد جاء في صحيفة «واشنطن بوست» أن الإقبال «كان مرتفعاً بشكل خاص في سباق منتصف المدة في العديد من الولايات المتصارعة، حيث يبدو أن التوقعات بمنافسة متقاربة تعزز مشاركة الناخبين»، وأن «إقبال الناخبين في ولاية بنسلفانيا كان في سبيله لتجاوز النسبة المسجلة في انتخابات 2018 بأربع نقاط مئوية»، وأن «ما يقرب من 6 من كل 10 ناخبين مؤهلين في ولايتي ويسكونسن وميتشيجان أدلوا بأصواتهم». في حين أن إجمالي الأصوات على مستوى البلاد قد لا يتجاوز إجمالي العدد المسجل في 2018، إلا أنه يظل مرتفعاً نسبياً.
رابعاً: تعلّم الناخبون الأصغر سناً المشاركةَ في الانتخابات النصفية، مما يبشر بالخير فيما يتعلق بصحة الديمقراطية والقيم التقدمية. وقد وجد تقريرٌ أعدّه مركزُ المعلومات والأبحاث حول التعلم والمشاركة المدنية في جامعة تافتس أن «27% من الشباب (الذين تتراوح أعمارهم بين 18 و29 عاماً) قد شاركوا في التصويت في انتخابات التجديد النصفي لعام 2022 وساعدوا في حسم السباقات المهمة، بوصفهم يمثلون جيلاً كاملاً يشارك بشكل متزايد حتى مع استمرار خيبة أمل الكثيرين بشأن السياسة الأميركية». ومرة أخرى، لم يتطابق هذا مع أرقام عام 2018، عندما صوت 31% من الشباب، لكنه «من المرجح أن يكون ثاني أعلى معدل إقبال للشباب في انتخابات التجديد النصفي في الثلاثين عاماً الماضية». ونظر التقرير أيضاً إلى الولايات المتأرجحة، مثل فلوريدا وجورجيا وميشيجان ونورث كارولينا ونيو هامبشاير ونيفادا وأوهايو وبنسلفانيا وويسكونسن، ووجد أن نسبةَ إقبال الشباب بشكل إجمالي كانت 31%. وإذا كنت تبحث عن تفسير لسبب تحول الموجة الحمراء إلى قطرة حمراء، ففكر في أن الناخبين الشباب دعموا «الديمقراطيين» في انتخابات مجلس النواب بهامش يتراوح بين 63 إلى 35%.. فهل كان قرار الرئيس بايدن بإعفاء الطلاب من الديون سياسة ذكية لاستقطابهم؟
خامساً: كان هناك عدد من «الأمور التي تحدث لأول مرة» في يوم الانتخابات. ويشمل ذلك انتخاب أول حاكم أميركي من أصل أفريقي لميريلاند (ويس مور). كما ستشهد البلاد رقماً قياسياً في عدد الحاكمات. وعلى الرغم من الحركة الرجعية التي تسعى لإعادة البلاد إلى خمسينيات القرن الماضي، تواصل الولايات المتحدة توسيع تعريف «نحن» في «نحن الشعب». بينما تبدأ مؤسساتنا وهيئاتنا المنتخبةُ في الظهور كما يجب أن تكون المؤسسات والهيئات الأميركية، ستتمتع بمزيد من الشرعية في أعين العديد من الأميركيين.
سادساً: يمكن القول إن الحركة من أجل استقلالية المرأة لم تكن يوماً أكثر نشاطاً من أي وقت مضى. فقد أسفرت جميع إجراءات الاقتراع الخمسة بشأن الإجهاض خلال انتخابات منتصف المدة عن خسائر لحشد الولادة بالإجبار (هؤلاء الذين يجرمون الإجهاض). لا ينبغي الاستهانة بقوة الناخبات. قد تكون لذلك عواقب بعيدة المدى لسنوات قادمة مع استمرار «الجمهوريين» في الدفاع عن حظر الإجهاض الذي لا يحظى بشعبية كبيرة.
وأخيراً، قد يسأم الحزب الجمهوري أخيراً من دونالد ترامب، لأن المرشحين الأساسيين الذين اختارهم خسروا، وقد بدأ البعض يعترف بأنه أضر بالجمهوريين في السباقات الصعبة. لكنه خطأ الجمهوريين، لأنهم لم يقطعوا علاقتهم بترامب قبل الآن. وبينما قد يستمر الرئيس السابق في التعلق بسباق 2024 الرئاسي، فقد أصبح ذلك أكثر صعوبة بالنسبة له، خاصة في ظل التحقيقات الجنائية الفيدرالية والولائية الجارية بشأنه. 
وباختصار، تبدو الديمقراطية الأميركية حالياً أقوى مما كانت عليه قبل فترة وجيزة من الآن. 

أخبار مرتبطة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى