مساعٍ دولية مكثفة جارية على قدم وساق ومرحلة غربلة الأسماء انطلقت
استرعت الانتباه تحذيرات كبار المسؤولين الدوليين والأمميين من حدوث فوضى اجتماعية على الساحة اللبنانية ربطاً بالانهيارات الاقتصادية والمالية المتمادية، وذلك ما حذّرت منه مساعدة وزير الخارجية الأميركي لشؤون الشرق الأدنى بربارا ليف، مستندة إلى الوقائع الحالية من تفكك الدولة ومؤسّساتها، ما دفعها الى إطلاق هذا التحذير، حيث دعت الى انتخاب رئيس للجمهورية قبل فوات الأوان.
فيما تقرير مساعد الأمين العام للأمم المتحدة لشؤون حقوق الإنسان أوليفييه دو شوتر حول ما يجري في لبنان من ارتكابات وفساد وسرقات ماضياً وحاضراً وصولاً الى دهشته لمآل الوضع في هذا البلد، حرّك المياه الراكدة من خلال التقرير الذي سيرفعه للأمين العام أنطونيو غوتيريس، ما يدل في المحصّلة، بفعل ما يُفضي به بعض السفراء العرب والغربيين في مجالسهم، على أن البلد سيغرق في وقت ليس ببعيد في فوضى اجتماعية عارمة نتيجة الشغور الرئاسي وعدم قدرة المجلس النيابي على انتخاب الرئيس، والمساعدات لن تأتي من الخارج إلا بعد الانتخاب وتشكيل حكومة إصلاحية، مع الإشارة وفق المتابعين الى أن وقف المساعدات النقدية للنازحين السوريين من الأمم المتحدة سيشكّل عبئاً إضافياً على لبنان اقتصادياً واجتماعياً وأمنياً.
في السياق، وعلى خط الاستحقاق الرئاسي والوضع الداخلي عموماً، فإن التعليق المحتمل لرئيس المجلس النيابي نبيه برّي لجلسات انتخاب الرئيس إذا حصل، مردّه الى ما يملكه بري من معطيات ومعلومات عن مساعٍ دولية مكثفة جارية على قدم وساق من أجل التوافق على مرشّح يصل الى بعبدا، فضلاً عن استيائه من هزالة الجلسات التي بدأت تخرج عن مسارها والنقاش المتعارف عليه.
وتشير مصادر سياسية عليمة بحسب “النهار” الى أن اتصالات جرت نهاية الأسبوع على خط واشنطن – الفاتيكان، وكانت متقدّمة وأكثر من إيجابية على اعتبار أن الولايات المتحدة ممرّ إلزامي أساسي للاستحقاق الرئاسي وإن كان هناك تفويض أميركي لفرنسا في الملف اللبناني على أن يكون رباعي الدفع من واشنطن الى باريس والفاتيكان والرياض، منطلقاً لإنهاء الشغور الرئاسي، ولكن من خلال ضغوط هائلة ستمارس على المعطّلين والمعرقلين.
وهذا ما أفضى به وزير سابق عائد من عاصمة الكثلكة إذ لمس استياءً وحزناً من دوائر الفاتيكان حيال ما آلت إليه الأوضاع في لبنان وعدم قدرة النواب على انتخاب رئيس لبلدهم، فيما التدهور الاقتصادي بلغ حالة هي الأخطر في تاريخ هذا الوطن. ولذلك فالاتصالات التي ستتواصل ضمن هذا الرباعي يُفترض أن تنتج مناخاً ضاغطاً لانتخاب رئيس مع اعتراف كل القوى بأنّ برّي سيكون لولب الحركة والقادر على إخراج أرانبه في أي توقيت ليجمع النواب وينتخب الرئيس العتيد. ويؤكد الوزير السابق العائد من الفاتيكان أيضاً أن الفرنسيين والأميركيين وسائر الدول المعنية بالملف المحلي يتحدثون بلغة واحدة، بمعنى غياب الثقة بالطبقة السياسية الحاكمة ونظرتهم تغيّرت بشكل دراماتيكي حول تعاطيهم مع هؤلاء المسؤولين، أي إن ثمة تعاملاً مغايراً عن المراحل السابقة بدأت معالمه تظهر أكان على المستوى السياسي أم المساعدات، بينما اللافت أن العقوبات التي ستُفرض على معطّلي الانتخابات الرئاسية ستكون فرنسية ولا تقتصر على واشنطن، وهذا ما أكّده أحد مستشاري الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون للمصدر نفسه.
وتشير المعطيات، الى أن مرحلة غربلة الأسماء والتصفيات انطلقت في العواصم المعنية دون إغفال أن ثمة مرشحين ما زالا يتصدران واجهة هذا الاستحقاق وهما رئيس تيار المردة النائب السابق سليمان فرنجية وقائد الجيش العماد جوزف عون، ولكن تداول اسم فرنجية يجري من ضمن سلة اشتراطات متكاملة أي عدم تكرار تجربة الرئيس السابق ميشال عون خصوصاً ما جرى عبر سلخ البلد عن محيطه العربي وما واكب ذلك من حملات وإساءات تجاه المملكة العربية السعودية ودول الخليج، أي أن يكون هناك رئيس حكومة متفق عليه والشروع في الإصلاحات والتعيينات وتحديداً حاكمية مصرف لبنان وقائد الجيش والقضاء. فهذه المسائل تُدرس على خط التسوية لقطع الطريق على “حزب الله” من خلال المحاولات التي يقوم بها لفرض شروطه وسطوته على سائر الاستحقاقات. ويؤكد أحد المطلعين على بواطن الأمور أن حملة القيادي في “حزب الله” الشيخ نبيل قاووق “المتخصّص” في الهجوم على السعودية، إنما هي قرار كبير من الأمين العام للحزب السيد حسن نصرالله، دون إخفاء بصمات إيران، ومردّها محاولة التشويش على دور الرياض المتنامي في لبنان إذ لا يمكن لمثل هذه الحملات وبهذا الشكل أن تأتي من قيادي لأهواء شخصية دون أن يكون ثمّة قرار متخذ في هذا السياق.
من هنا يبقى أخيراً، أن قطار التسوية يفترض أن ينطلق ومرحلة تصفيات المجموعات في مونديال قطر تتزامن مع بدء تصفية المرشحين الرئاسيين وصولاً الى الـ”FINAL”، الذي قد يأتي في أيّ توقيت دولي وإقليمي مؤاتٍ