مرحلة جديدة لدول الخليج العربي

كتب سلطان مساعد الجزاف في صحيفة القبس.
لم يعد الخليج كما كان ينظر إليه مجرد منطقة تعتمد على تصدير النفط، وتمتلك ثروات مالية، بل أصبح قوة سياسية واقتصادية مؤثرة في الساحة الدولية، وأخذ يكتب فصلا جديداً في مسيرته.
على مدى السنوات الخمس الماضية، شهدت دول الخليج تغييرا جذريا في سياساتها وعلاقاتها الدولية، التي كانت تتسم بالمحافظة والتركيز على المحور المحلي والعربي، واليوم نراها تتفاعل بشكل أكبر مع القضايا العالمية، حيث أصبح لها دور فاعل في صياغة السياسات الدولية، هذا التحول يعكس رؤية استراتيجية، تهدف إلى تعزيز الاستقرار السياسي والاقتصادي في المنطقة، من خلال ربط علاقات مع قوى دولية، مما جعل الخليج وجهة للاستثمارات وصنع السلام، ومركزاً للشراكات الدولية.
فمثلاً، شهدت القمة الخليجية الأمريكية، التي عقدت الشهر الماضي، اهتماماً عالمياً واسعاً، حيث أظهرت هذه القمة التحول الكبير في دور دول مجلس التعاون الخليجي على الساحتين الإقليمية والدولية. وتمت مناقشة قضايا حيوية كثيرة، أهمها الأمن الإقليمي، الطاقة المستدامة، والتعاون الاقتصادي، كما أكدت أهمية تعزيز العلاقات الاستراتيجية الاقتصادية بين دول الخليج والولايات المتحدة، مع التركيز على مواجهة التحديات المشتركة، مثل التغير المناخي والذكاء الاصطناعي والأمن السيبراني. ولم تقتصر هذه القمة مع الولايات المتحدة فقط، بل قبلها كانت قمم مع قوى عالمية أخرى، مثل الاتحاد الأوروبي، الصين، ودول الاتحاد الآسيوي، مما يعكس نهجاً خليجياً جديداً منفتحاً، يسعى إلى ربط سياساته مع المجتمع الدولي.
أما من الناحية السياسية، فدول الخليج أصبح لها دور بارز كشريك دولي مؤثر في تعزيز السلام والاستقرار على المستويين الإقليمي والدولي. بفضل قيادتها الحكيمة أصبحت هذه الدول مركزاً مهماً للوساطات والمفاوضات، التي تهدف إلى حل النزاعات وتقليل التوترات في العالم وتحقيق السلام. يبرز دور دول الخليج في العديد من القضايا العالمية، التي تتطلب جهوداً كبيرة، وثقة المجتمع الدولي لتحقيق السلام، في ضوء الأزمة الروسية الأوكرانية، والوساطة الأمريكية – الأفغانية، ودعم واستقرار سوريا ورفع الحصار عنها، بالإضافة إلى قضيتها الرئيسية القضية الفلسطينية. ومن خلال هذه المواقف تبيّن قدرتها على التأثير السلمي وتبرز أهميتها كشريك دولي مهم في صنع السلام.
يظهر هذا التطور السياسي قدرة دول الخليج على التكيف مع المتغيرات العالمية والتصعيد العسكري الراهن، حيث أصبحت هذه الدول نموذجاً للاستقرار في ظل عالم مضطرب.
إن الخليج اليوم يكتب تاريخاً جديداً، ليس فقط لنفسه، بل للعالم أجمع.