رأي

مراسيم الضبّاط “تولّع” عون وباسيل

كتبت ملاك عقيل في “اساس ميديا” انه “يكاد عنوان المواجهة الكبرى التي يخوضها ميشال عون، ومعه جبران باسيل، مع بدء العدّ العكسي لنهاية الولاية الرئاسية، يُختصر بكلمتين: نبيه برّي.

في شخص نائب الزهراني المتربّع على عرش الرئاسة الثانية منذ 30 عاماً يرى عون وجه رياض سلامة ووليد جنبلاط ورفيق الحريري ثمّ سعد الحريري ومنظومة متكاملة من “أباطرة” المصارف ورجال الأعمال وكبار مقاولي الجمهورية منذ التسعينيّات حتى اليوم…

منذ انتخاب ميشال عون رئيساً للجمهورية في 31 تشرين الأول 2016 فَهِم “الجنرال” الرسالة جيّداً. ساعات من حرق الأعصاب عاشها عون وهو يواكب بقلقٍ، غلّفه الغضب الشديد، بعض النواب وهم يتسلّون في التلاعب بالأصوات واستحضار ترشيح ميريام كلينك وجيلبيرت زوين والتصويت بـ36 ورقة بيضاء مع خمس أوراق ملغاة وإعادة مكرّرة للتصويت قبل أن يتوّج في الدورة الثانية رئيساً للجمهورية.

الاستعدادات لطاولة الحوار في قصر بعبدا لم تبدأ بعد بشكل جدّي، خصوصاً أنّ عون يرغب بأن تشمل الأقطاب

يروي صديق مقرّب جدّاً من ميشال عون أنّ الأخير شعر يومئذٍ بالإهانة والإحراج، وقرأ بين السطور نوايا مبيّتة للوقوف بوجهه في كلّ ما سيفعله، وأنّ رئيس مجلس النواب ليس بعيداً عن هذا “السيناريو” الهزليّ، خصوصاً أنّ الأخير أعلن بحجب أصوات كتلته النيابية عن التصويت لمصلحة عون.

هكذا بدأت الرحلة الرئاسية بين الرجلين، مع اعتراف “نيابي” رسميّ من برّي برفضه وصول عون إلى قصر بعبدا. وفي محطّات هذه الرحلة على مدى أكثر من خمس سنوات جولاتٌ من المعارك المُتقطّعة التي بقيت تحت السيطرة “شكليّاً” بهمّة الحليف الأكبر للطرفين حزب الله. لكنّ ما حدث قبل أيام أخرج رئيس الجمهورية عن طوره، وهو ما مهّد الطريق لخطاب هو الأعلى سقفاً من جبران باسيل ضدّ رئيس مجلس النواب.

فقد صارح عون قريبين منه بأنّ “برّي تجاوز كلّ الحدود حين أوعز إلى وزير المال يوسف خليل بتوقيع كلّ مراسيم الضبّاط من رتبة عقيد إلى عميد بمن فيهم الضباط في أسلاك قوى الأمن الداخلي والأمن العام (من دورة 94 و95) باستثناء ضبّاط الجيش من دورة 94”.

واعتبر عون أنّ “الاستفزاز بلغ مداه الأقصى حين وصلت مراسيم ضبّاط إلى قصر بعبدا لتوقيعها تتجاوز حقوق ضباط لهم حقّ بالترقية قبل هؤلاء، فقط لأنّ رئيس الجمهورية قرّر قبل عامين منح أقدميّات لضبّاط دورة 94 لرفع الغبن عنهم، وأكثريّتهم الساحقة من المسيحيين، مع العلم أنّ التوازن الطائفي اُستُعيد بعد استحقاق ترقيات ضبّاط دورة 95”.

إنّ “المَشكل” العالق منذ سنتين بين عون وبرّي حول ترقية عشرات الضبّاط من رتبة عقيد إلى عميد، والذي حوّلهم إلى ضحايا النكايات وتصفية الحسابات، يتوِّج مساراً من الحرب الساخنة منذ عودة عون من المنفى عام 2005.

وفيما كان يفَصِّل جبران باسيل يوم الأحد لائحة الاتّهامات ضدّ خصمه الأوّل في الجمهورية بموازاة جردة الحساب مع حزب الله، حليفه الأول في الجمهورية، واتّهامه بالمشاركة في “ضرب عهد رئيس الجمهورية وصلاحيّاته”، فقد قفزت ذاكرة جبران باسيل من فوق إعلانه أكثر من مرّة في السابق عن رغبته بنسج تحالفٍ سياسيٍّ مع “حركة أمل” شبيه بتحالف مار مخايل، فإذا به ينتهي بنعي ورقة التفاهم مع الحزب وتكريس الحرب الكبرى مع نبيه برّي و”منظومته”.

وقد ارتكب الخطأ نفسه حين جاهر قبل سنوات بخطئه “بعدم ترجمة التفاهم و”الكيمياء” والتخطيط لبناء الدولة بينه وبين سعد الحريري على مستوى قواعد الجمهوريْن”، مؤكّداً أنّ “هذا خطأ لا بدّ من استدراكه وسأعمل على ذلك”.

ردّ علي حسن خليل

جاء المؤتمر الصحافي أمس للنائب علي حسن خليل ليضع خطّاً فاصلاً في علاقة الخصمين اللدودين مما يجعل من الفترة المتبقّية من عمر العهد ليس ساحةً للتوتّرات السياسية فحسب، بل ومدخلاً إلى إعادة تموضع متوقّعة، خصوصاً على مستوى العلاقة بين باسيل وحزب الله، مع تأكيد نائب حركة أمل أنّ “الكلام التحريضي لن يعرِّض الثنائي الشيعي للاهتزاز”. لكن وسط هذه المناخات “الانقلابية” ما مصير الدعوة “العاجلة” التي وجّهها الرئيس عون لانعقاد طاولة حوار تتعلّق بثلاثة عناوين هي اللامركزية الإدارية والماليّة الموسّعة والاستراتيجية الدفاعية وخطة التعافي المالي والاقتصادي “بما فيها الإصلاحات اللازمة والتوزيع العادل للخسائر”؟

الردّ الأوّل على الدعوة أتى من رئيس الحكومة نجيب ميقاتي عبر تأكيده أنّ خطة التعافي الاقتصادي “هي من مسؤولية الحكومة، وهي تُعِدّ المشاريع المطلوب التعاون بشأنها مع مجلس النواب إذا لزم الأمر”، واقتراحه إضافة بندٍ يتعلّق بالسياسة الخارجية ووقف التدخّل في شؤون الخارج وتطبيق سياسة النأي بالنفس.

أمّا النائب خليل فقد نعى باكراً الحوار المتّصل بالبند الأول الذي طرحه رئيس الجمهورية بالقول إنّ “الخطير هو الحديث المتكرّر عن اللامركزية الماليّة الموسّعة التي تنسف الدولة الموحّدة وتترافق مع تحريض اللبنانيين بعضهم على بعض”، معتبراً أنّ “المسؤولية الوطنية تقتضي البحث في بندٍ وحيد هو الدولة المدنية وتطوير النظام من داخل الطائف”.

أمّا في قصر بعبدا فتشير المعطيات إلى أنّ الاستعدادات لطاولة الحوار لم تبدأ بعد بشكل جدّي، خصوصاً أنّ عون يرغب بأن تشمل الأقطاب وأن يتمّ الالتزام بالحضور وبجدول أعمال الحوار.

أخبار مرتبطة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى