“مدينة الشمس” …مشرفة على المغيب!
كتبت لين المصري لـ”رأي سياسي”
لا تزال منطقة بعلبك-الهرمل مرادفاً للحرمان المدقع وغياب الانماء منذ سنين الانتداب المشؤومة الى اليوم, ناهيك عن المواطنين الذين تعرضوا للذل على جوانب السفوح والسهول المنسية منذ زمن الاستقلال، حيث اضطر أكثريتهم للنزوح نحو العاصمة ليبحثوا عبثاً عن دولة تصونهم وتحضنهم بعد ان اصبحت منطقتهم منسية وكأنها منبوذة خارج خارطة البلاد, اما الذين بقوا فقد لجؤوا إلى زراعة الحشيشة، انتقاماً من دولة أخذت القلعة وأغرقت باقي المنطقة بمشاكل اجتماعية واقتصادية صعبة، ولم تعمل جدياً على تأمين زراعات بديلة تحقق دخلاً معيشياً كريماً يخفف عن أهلها وطأة المعاناة.
تقول منظمة ال «إسكوا» في تقرير لها عن الفقر المتعدّد الأبعاد في لبنان، إن 92% من الأسر المقيمة في عكار والنبطية وبعلبك الهرمل تعاني من هذا الفقر مما يظهر مدى سوء الأحوال المعيشية في مناطق الأطراف المهملة تاريخياً والتي تعاني منذ أيام «العز» من نقص هائل في الخدمات، أما الأسر القاطنة هناك فهي متروكة منذ عقود لمصيرها بلا أي مساعدةٍ فعلية.
أنشئ اتحاد بلديات بعلبك سنة 2005 بموجب المرسوم رقم 15695 وهو يتألف من البلديات التالية: بعلبك، دورس، مقنة، يونين، ايعات، حوش تل صفية، نحلة ومجدلون.
وفي حديث ل “رأي سياسي” مع رئيس الاتحاد، الأستاذ علي فياض ياغي حول واقع البلديات في منطقة بعلبك في ظل الوضع المذري الذي يمر به لبنان على كافة الأصعدة، قال ياغي ان البلديات اليوم تعاني من مشكلة أساسية تتمثل بعدم القدرة على القيام بمشاريع تنموية نتيجة عجزها المادي إضافة الى غياب الهبات والمساعدات المقدمة من قبل الهيئات الدولية المانحة والمنظمات غير الحكومية ولفت ياغي الى أن في منطقة بعلبك-الهرمل تحديدا تبقى العلاقات الأخوية والمساعدات الفردية والخاصة ذات قيمة ف “الجار يساعد جاره والأخ يعيل أخيه”
مشددا على أن البلدية ليس لها الحق في مساعدة العائلات المحتاجة في ظل غياب أي قانون ينص على ذلك، فالبلديات منوطة بالمصالح العامة فقط.
أما فيما يخص الواقع التنموي والتمويلي الذي يعتبر أحد أبرز التحديات التي تواجه البلديات في لبنان، أشار ياغي الى ان الدولة اللبنانية مديونة للعديد من البلديات التي ليس بيدها أي حيلة في تحصيل دينها نتيجة استفحال الوضع الاقتصادي الذي يمر به لبنان ونظراً إلى عدم وجود منهجية واضحة ومحددة تمكّن البلديات من تحصيل إيراداتها العادية، سواء من ضرائبها المباشرة أو من تحويلات الصندوق البلدي المستقل والمؤسسات العامة الأخرى.
لافتاً الى ان الدولة تؤمن أقل من 50% فقط من مستحقات البلدية لضمان بقائها ومزاولة عملها.
وأشار ياغي الى ان بلدية حورتعلا انحلّت بسبب عوائق عديدة واجهتها مما دفع أكثر من نصف أعضائها الى الاستقالة.
اما عن احتياجات البلديات الأساسية والتحديات التي تواجهها نتيجة أزمة اللاجئين التي تعد واحدة من أسوأ الازمات الإنسانية في وقتنا هذا (تقرير تقييم جوانب الضعف لدى اللاجئين السوريين للعام 2020) والتي تستنفذ خدمات البلد وموارده، قال ياغي “إنّ ما تملكه البلديات من قدرات وموارد يبقى محدوداً في تقديم الخدمات الأساسية على صعيد التنمية الاقتصادية المحلية وضمان استقرار المجتمع وسلامته.”
وفي ختام الحديث، وفي إطار المبادرات والإجراءات العملية التي يتم تنفيذها في ظل تفشي جائحة كورونا، قال رئيس اتحاد بلديات بعلبك علي ياغي أنه في ظل ازمة انقطاع الادوية في لبنان نتيجة وقف دعمها، قام أصحاب الأيادي البيضاء في المنطقة بتأمين الأدوية والحاجات الطبية اللازمة للمرضى، وعلق ضاحكاً: “عندما اتصلت بصديقي وهو سفير في إيطاليا لاتطالعه على سوء أحوال البلديات وغياب مساعدات الجهات المانحة وضرورة ايجاد حلول، قال لي: أقسى ما أستطيع فعله هو ارسال الكمامات.”
في ختام القول نأمل أن تبقى قلعتنا شامخة لتخبر الأجيال القادمة عن جميع أساليب الظلم والحرمان التي واجهتها دون استسلام وأن تعترف دولتنا الأم بأبنائها وتعيدهم الى حضنها وألا تبقى منطقة بعلبك-الهرمل “المنسيَّة” محمّلةً بالأخطاء والذنوب ومصدرا لل “تخويف” كما تنقلها بعض وسائل الاعلام.