مخيم “لوياك لبنان” يتوج بخمسة أفلام قصيرة لامست هواجس الشباب وتطلعاتهم
احتفلت جمعية “لوياك لبنان” بتخريج ثلاثين شابا وشابة، من أصل خمسين، شاركوا في برنامج “مخيم لوياك لصناعة الأفلام (Loyac Film Camp 2022)” بدورته الخامسة، والذي نفذته بالتعاون مع “بيروت فيلم إنستتيوت (Beirut Film Institute)” وبالشراكة مع “بلاتفورم استديو للإنتاج (Platform Studios)”، بهدف دعم الطاقات الشبابية في لبنان، على اختلاف جنسياتهم وخلفياتهم، من طلاب السينما إلى الشباب الشغوفين بعالم السينما والطامحين إلى إنتاج أفلامهم القصيرة بمهنية واحترافية.
وقد توج الحفل الختامي بإطلاق العروض السينمائية الأولى لخمسة أفلام سينمائية قصيرة في “غراند سينما (Grand Cinemas)”، ABC – فردان، عقب تأهلها للمرحلة النهائية من البرنامج، وذلك بعد عام كامل من الورش التدريبية المجانية التي ساهمت في تمكين المشاركين وتعزيز مهاراتهم التقنية والإبداعية في مجال صناعة الأفلام، كتابة السيناريو، الديكور والتصميم الفني، التصوير، الإخراج، الإنتاج والمونتاج.
بعد استقبال الفائزين وعدد من صناع الأفلام والممثلين والفنانين اللبنانيين على السجاد الأحمر، استهل الحفل بلوحة فنية من شوارع بيروت تحت عنوان “كن”، جسدت أسماء ضحايا انفجار المرفأ، وأتت بمثابة وقفة تقديرية لأراوحهم، وذلك استكمالا لحملة “لوياك” التي أطلقتها بعد 4 آب/أغسطس 2020، تحت شعار “انهضي يا بيروت”، دعما للعائلات المتضررة.
وعلى وقع قصيدة للأديب والشاعر الكويتي الراحل أحمد السقاف، بعنوان “لبنان يا بلد الإبداع” ألقتها المشاركة الشاعرة زنوبيا ظاهر، انطلقت عروض الأفلام، بحيث حاكى كل فيلم بغضون 10 إلى 15 دقيقة، مواضيع وقضايا جريئة، عبرت عن هموم الشباب اللبناني والمقيم، وجسدت طاقاته ومواهبه في مجال التمثيل والسينما. وقد تنوعت الأفلام الفائزة بين ثلاثة أفلام روائية شملت “حني” للمشارك ألكس ساسين، “يلا تنام” للمشاركة أسيل أبو أحوش و”خليل” للمشاركة سارة صفي الدين، وفيلمين وثائقيين بعنوان “My Body Eats Me” للمشاركتين مارينا فرحات (إنتاج) وستيفاني تادروس (إخراج) و”المكان” للمشاركتين فاطمة رزاعي (إنتاج) وحنين حيدر (إخراج). أما عناوينها فتطرقت إلى مسألة الإجهاض، مرورا بحقوق المرأة والقضايا الجندرية، وصولا إلى الاحتياجات الخاصة وعلم نفس الأطفال.
واختتم الحفل بتكريم خاص للممثلة القديرة تقلا شمعون لمشاركتها في أداء دور رئيسي في فيلم “حني” الذي فاز بجائزة “بيروت فيلم إنستتيوت” لأفضل إنجاز سينمائي. كما أعلن فوز المشاركة مارينا فرحات بجائزة أفضل فيلم بتصويت الحاضرين (Audience Choice Award)، حيث يروي الفيلم قصة حياتها، وهي التي تعاني من مرض نادر يعرف بتصلب الجلد “السكليروديرما (scleroderma)”. وقد تسلمت للمناسبة، جائزة مادية ودرعا تقديرية. كما شهد الحفل الرسمي تكريم المشاركة سارة صفي الدين كأفضل مخرجة، نغم درويش وحسن زبيب عن جائزة أفضل مصور، رنا حايك وألكس ساسين كأفضل كاتبي سيناريو، جنيفر هران وألكس ساسين كأفضل منتجين ومايا خيرالله كأفضل ممنتجة “مونتير”. وجرى توزيع الشهادات على جميع المشاركين.
وفي معرض تعليقها، لفتت المديرة العامة لـ”لوياك لبنان” ومؤسسة المخيم، نادية أحمد، إلى أن “لوياك ساهمت منذ تأسيسها عام 2002 في دولة الكويت، في توفير فرص متميزة للشباب للتعبير عن أنفسهم بطريقة بناءة. وأثبت الزمن أن السينما فن مهم وفعال في تحريك الشعوب وإحداث التأثير والتغيير وتحقيق التطوير المجتمعي، ومن أجمل مميزات فن السينما أنه فن جماعي، وهذا ما يصب ضمن رؤيتنا لخلق أجيال واعية، متمكنة وفعالة”.
وأضافت: “انطلق مخيم لوياك لصناعة الأفلام عام 2015، وقد أتاح للمتدربين في دورته الخامسة، حضور ندوات ومهرجانات سينمائية واكتساب مهارات إبداعية من كبار السينمائيين اللبنانيين المخضرمين، بينهم المخرج والممثل منير معاصري، المخرج وسام شرف، المخرج أسد فولادكار، المنتج بيار صراف ومديرة التصوير راشيل عون، إلى جانب ستيفاني خوري التي ساهمت في تدريب المشاركين حول كيفية كتابة الأفلام، وسهى شقير التي تولت تعزيز قدراتهم في المونتاج وإرشادات ما بعد الإنتاج”.
وإذ أعربت أحمد عن فخرها بـ”الأفلام الخمسة المنتجة والتي تميزت بحرفية وفرادة استثنائية فتحت الآفاق أمام المشاركين لدخول عالم السينما من بابه العريض والانطلاق بمسيرتهم الحقيقية”. قالت: “نحتفل اليوم بإنجاز جميل وبأصوات سينمائية شابة واعدة. كما نحتفي بخمسة أفلام هي حصيلة سنة كاملة من الجهد والاجتهاد والتدريب والمتابعة، وأي إنجاز في ظل التحديات الراهنة في لبنان، يعتبر معجزة”، مشيرة إلى أنه “وعلى مدى السنوات الماضية، أنتج البرنامج أكثر من 25 فيلما قصيرا بين لبنان والكويت، وساهم في تمكين أكثر من 120 موهبة جديدة في مجال السينما، بتخصصاته العديدة”.
وكشفت أن “لوياك” بصدد طرح هذه الأفلام كي يتم عرضها ضمن مهرجانات محلية وإقليمية وعالمية، كونها تخاطب قضايا مهمة وحيوية. كما أن إحدى شركات التوزيع عرضت توزيع بعض الأفلام على أهم المنصات العربية والعالمية”. وأشارت أحمد إلى أن “كل فيلم هو ثمرة جهود طاقم عمل متكامل، مؤلف من عشرة مشاركين تقريبا، تنوعوا بين لبنانيين وفلسطينيين وسوريين وعراقيين ويمنيين، سردوا همومهم وهواجسهم وتطلعاتهم، أضف إلى مشاركة من السنغال وأخرى من أفغانستان علقت في لبنان بعد سقوط العاصمة كابول تحت سيطرة حركة “طالبان”، فأطلقت على فيلمها اسم “المكان”، آملة “الانطلاق بدورة سادسة من البرنامج بحلول السنة المقبلة”.
وتعقيبا على فوز فيلمها، أعربت مارينا فرحات، خريجة إدارة الأعمال والإعلام، والتي تتقن كذلك اللغة التركية، عن أهمية التجربة الرائعة التي أُتيحت لها عبر مخيم “لوياك” والتي منحتها ثقة عالية بالنفس وعززت مهارات التواصل لديها، قائلة :”قررتُ خوض مجال السينما، واخترتُ تحديدا كتابة السيناريو ومن ثم الكتابة عن حياتي ومرضي النادر”.
وتابعت ابنة الـ 32 عاما: “أردت رفع الوعي حول مرض “السكليروديرما” وضرورة اكتشافه مبكرا، خصوصا أنني لم أكتشفه إلا بعد ثلاث سنوات. وقد لاقى الفيلم أصداء إيجابية وسط الحاضرين الذين التمسوا معاناتي وتمسكي بالحياة والسفر والتعلم رغم كل شيء. فنجحت عبر السينما والصورة في إظهار الإنسان الموجود بداخلي وفي ملامسة قلوب المشاهدين وإضحاكهم، حيث تشابهت معاناتنا في نواح معينة، عوض الاكتفاء بكسب تعاطفهم”. وختمت فرحات بالإعراب عن فخرها وسعادتها، كون فيلمها “My Body Eats Me” فاز إلى جانب جائزة Audience Choice Award، “وهي الجائزة الأغلى على قلبي”، بثلاث جوائز أخرى بين كتابة السيناريو والتصوير والمونتاج.