صدى المجتمع

مخيم البداوي: شائعات مغرضة من نسج خيال أصحابها

كتب خضر السبعين

مخيم البداوي للاجئين الفلسطينيين الذي أنشأته الاونروا  سنة ١٩٥٥ على مشارف مدينة طرابلس لم يعد كما كان في السنوات الأولى التي تلت انشائه، إذ انه صار لاحقا  مأوى لبعض اللاجئين من مخيم النبطية الذي دمرته إسرائيل سنة ١٩٧٤، و لنازحي مخيم تل الزعتر الذي دمرته الحرب اللبنانية سنة ١٩٧٦، و لعشرات آلاف النازحين من مخيم نهر البارد  الذي دمرته الحرب سنة ٢٠٠٧، كما لجأت  اليه عشرات العائلات التي نزحت من سوريا، و أيضا تسكن المخيم عشرات العائلات اللبنانية الفقيرة التي وجدت فيه خير ملجأ لها بعد ان استحالت الحياة في بعض المناطق المجاورة.

و هكذا تحول مخيم البداوي الواقع في قلب أحزمة البؤس الممتدة من التبانة الى جبل محسن و القبة و المنكوبين و وادي النحلة و العيرونية ليشكل معها لوحة موزاييك مميزة، الا ان هذا التنوع لم يشفع للمخيم الغارق بهمومه و مشكلاته الاجتماعية و الإنسانية، فهو يتعرض للكثير من الشائعات و الفبركات التي ينسجها بعض الإعلاميين و الناشطين على مواقع التواصل الاجتماعي لأهداف و دوافع مشبوهة، معتقدين ان بامكانهم استضعاف المخيمات و الباسها اثواب التطرف و الارهاب و الخروج على القوانين.

للوقوف على أوضاع المخيم التقت “رأي سياسي” مسؤول الجبهة الديمقراطية لتحرير فلسطين عاطف خليل فاوضح ” أن المخيم يقطنه حوالي ٤٠ الف نسمة من فلسطينيين و لبنانيين و سوريين في بقعة لا تتعدى مساحتها كيلومتر مربع واحد، ما يعني انه يعاني من الاكتظاظ السكاني و البناء العامودي، مما ادى إلى افتقاره لابسط قواعد الصحة العامة اللائقة بالانسان”.

  اضاف:” هذا المخيم يتم التصويب عليه بين فترة و أخرى عبر بعض وسائل الإعلام و التواصل الاجتماعي و “تنبؤات المنجمين” و أصحاب الأقلام السوداء، علما انه يقع بمحاذاة المناطق اللبنانية التي شهدت ٢٢ جولة قتال بين عامي ٢٠٠٨ و ٢٠١٤، و لم يدخل المخيم في اتون تلك المعارك و التجاذبات، و لم يكن مساندا لأي طرف من المتقاتلين، بل كان قرار فصائله و أبنائه  الحياد التام و النأي بالنفس، رغم ما تعرض له من قذائف و رصاص ادى الى وقوع ضحايا من المخيم”.

و أكد  خليل “أن كل ما يشاع حول المخيم هدفه حرف البوصلة الفلسطينية. و من يسلطون الضوء على المسائل الأمنية و العسكرية في المخيم يتجاهلون حجم معاناة أبنائه الناجمة عن الإهمال المتعمد للحكومات اللبنانية المتعاقبة، و حرمان اللاجئين الفلسطينيين  من أبسط الحقوق الإنسانية و في مقدمها حقي العمل و التملك، و كذلك سياسة الاونروا  التي تعتمد تقليص الخدمات و خاصة الطبابة و الإغاثة”.

و أكد خليل”ان كل استهدافات المخيم لن تحول دون مواصلة أبنائه نضالهم من أجل العودة إلى وطنهم فلسطين تطبيقا للقرار الدولي رقم ١٩٤، داعيا”كل من يحاول زج المخيمات الفلسطينية في الخلافات اللبنانية الى تركها بحالها، لأن ابناءها أصحاب قضية عادلة و فيهم ما يكفيهم و سوف يبقون بيئة نضالية و ليست أمنية، فالمخيمات كانت و ستبقى جسر العبور و العودة إلى فلسطين”.

و ختم قائلا:” كل ما يتم تداوله عن احتمال حصول اقتتال او معارك في المخيم لا يمت للواقع بشيئ، لأن ما يميز مخيم البداوي هو العمل الفلسطيني المشترك بين جميع الفصائل الموجودة على الخارطة الفلسطينية، عدا عن صلات المصاهرة و العلاقات الوثيقة مع المحيط اللبناني، و كذلك العلاقة و التنسيق مع الأجهزة الأمنية  و العسكرية اللبنانية، مما يعزز من مكانة و أمن  و استقرار المخيم في سياق أمن  و استقرار  الجوار اللبناني”.

أخبار مرتبطة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى