صدى المجتمع

مخلوطة!

مساء أحد الأيّام، زارني صديقٌ حميمٌ لا تخلو جَعبته أَبَدًا من جديد الأخبار وغريبها، فتجاذبنا أطراف الحديث من دون كلل، أو ملل، حتّى ساعة متأخِّرة مِنَ اللّيل، وكان أكثر ما لفتني في حديثه تلك المرّة قوله:

  • المخلوطةُ طبخةٌ رائعةُ المذاق، لذيذةُ الطّعم، تحتوي على: عدس+ حمّص+ فول+ فاصولياء+ برغل+ لوبياء+ أرزّ+ صويا+ ذرة+ قمح+ بصل+ بهار+ قرفة+ كمّون+ ملح+ زيت+ كزبرة+ ثوم. وتُعَدُّ، كما تعلم، “مسامير الرُّكب” في قائمة أطعمتنا الّتي نتغنّى بها نحن اللّبنانيّين.

البارحة أعددناها في المنزل طعام غداء، فطاردتني الرّوائح الفوّاحة في أثناء إعدادها إلى كلّ ركن من أركان البيت، مثيرة شهيّتي، بينما الخلطة تتفاعل مكوِّناتها، وتنصهر خصائصها، وتمتزج منافعها، في قدر واحدة تضمّها جميعًا. ولا أغالي لو قلت إنَّني، في انتظار نضوجها، رفعت غطاء القدر أربع، أو خمس مرّات، لأشمَّ طيِّبات الرّوائح عن قرب، ولأراقب الحبوب تتراقص و”تتباوس”، فرحةً بتبادلِ النّكهات، سعيدةً في العطاء، سعادتها في الأخذ. عجيب أمر المخلوطة يا صديقي! فاللّقمة منها تجرّك إلى التّالية لا إراديًّا لما لها من طيب رائحة، وروعة مذاق، ولذيذ طعم! فكيف أمكنها، هي المكوَّنة من ثمانية عشر نوعًا من الحبوبِ، وغيرها، أن تمتزج وتنصهر لتنتجَ خليطًا رائعًا كهذا؟! أمر مدهش فعلًا!… واحزر ماذا اكتشفت؟!

  • ماذا؟!
  • اكتشفتُ أَنَّ تركيبة المخلوطة تُشبه، من حيث فرادة نكهتها، وعديد مكوّناتها، تركيبة لبنان الرّسالة!

الكاتب: د. مطانيوس ناعسي

أخبار مرتبطة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى