مخاطر ارتفاع أسعار الفائدة وانخفاض قيمة العملات «2 من 2»
كتبا جوتام ناير وفيديريكو ستورزينيجر في “الجريدة الإقتصادية العربية”: إثنتان من أكبر الدول الحاملة لسندات الخزانة الأمريكية طويلة الأجل هما اليابان “1.2 تريليون دولار” والصين “862 مليار دولار”، وقد دفعا معا نحو ثلث المكاسب للولايات المتحدة. فضلا عن الصين والدول الحائزة مبالغ نقدية ضخمة مثل الأرجنتين “التي تخسر مبلغا يعادل 3 في المائة من ناتجها المحلي الإجمالي، بسبب انخفاض قيمة الدولارات النقدية التي يحتفظ بها سكانها”، ومعظم دافعي ضرائب التضخم الأكبر في الخارج من الدول المتقدمة.
لكن أمريكا ليست الرابح الوحيد. إذ تستفيد أيضا عديد من الأسواق الناشئة، لأن قسما كبيرا من ديونها صادر بالدولار. ولأن المستثمرين الأجانب أبدوا عدم استعدادهم لتحمل المخاطرة المتمثلة في أن تحاول الحكومات تخفيف القيمة الحقيقية لالتزاماتها، عن طريق طباعة النقود وإشعال شرارة التضخم، فقد قيدت عديد من الحكومات أيديها بإصدار ديون مقومة بالدولار.
وهكذا، تمكن حاملو السندات من طمأنة أنفسهم إلى أن تضخم العملة المحلية لن يؤثر سلبا في قيمة ممتلكاتهم ـ أو هكذا تصوروا. تنبئنا نظرية تعادل القوة الشرائية النسبية بأن الناتج المحلي الإجمالي الاسمي في كل الدول، عندما يقاس بالدولار، سينمو في النهاية وفقا لمعدل التضخم في الولايات المتحدة. وعلى هذا فإن التضخم المرتفع في الولايات المتحدة يعني أن العبء الحقيقي الذي تفرضه الديون المقومة بالدولار سينخفض، ما يحقق مكاسب كبيرة لحكومات دول أخرى.
باستثناء الولايات المتحدة، بلغ إجمالي الديون طويلة الأجل ذات الفائدة الثابتة المقومة بالدولار في 2021 نحو 1.3 تريليون دولار، وفقا لبنك التسويات الدولية. وبالتالي، لكي نتوصل إلى تقدير متحفظ لحجم المكاسب التي حققتها حكومات غير الولايات المتحدة، “تقدير متحفظ لأن التضخم في الولايات المتحدة قد يتجاوز التوقعات أو يستمر إلى ما بعد هذا العام”، يمكننا تطبيق 7.7 في المائة من التضخم غير المتوقع على مبلغ الـ1.3 تريليون دولار، ما يعني ضمنا توفير نحو 100 مليار دولار. نظرا إلى تخفيف ديونها، تحصل كل من تركيا، وإندونيسيا، والمكسيك، والبرازيل فعليا على تحويل لمرة واحدة يتجاوز أربعة مليارات دولار على حساب دائنيها. وبين الفائزين الكبار أيضا “بالحسابات النسبية” دول نامية مثل لبنان، وفنزويلا، وجامايكا، ومنغوليا، التي تستفيد حكوماتها على نحو مماثل بما يعادل 2 في المائة من ناتجها المحلي الإجمالي أو أكثر.
من المؤكد أن هذه المبالغ الفلكية ستجعل الدائنين يطالبون بأسعار فائدة أعلى على إصدارات الديون الجديدة. لكن أسعار الفائدة الأعلى لا تؤثر في القيمة الحقيقية المتدهورة للمخزون الحالي من الديون طويلة الأجل. بالنسبة إلى بعض الدول، قد يستغرق الشعور بتأثير هذه التحويلات أيضا بعض الوقت، لأن الدولار ازداد قوة أخيرا مقابل العملات الأخرى. لكن صدمة التضخم الأخيرة في الولايات المتحدة صدمة نقدية، وهذا يعني ضمنا أن أسعار الصرف الاسمية ستتحرك في النهاية مع فارق التضخم عبر الدول، “بما يتفق مع نظرية تعادل القوة الشرائية النسبية”. وبمجرد أن يحدث هذا، سينمو أيضا الناتج المحلي الإجمالي في دول أخرى، عند قياسه بالدولار، وفقا لمعدل التضخم في الولايات المتحدة، ما يضمن انخفاض العبء الحقيقي الذي تفرضه الديون السيادية.
تميل التعليقات على المخاطر التي تواجه الدول النامية إلى التركيز على المخاطر التي يفرضها ارتفاع أسعار الفائدة وانخفاض قيمة العملات. لكن من منظور الحكومات، يأتي التضخم في الولايات المتحدة مصحوبا أيضا بجانب إيجابي، يدفع حاملو السندات الثمن في حين يعمل التضخم على التقليل من مخزون متزايد الضخامة من الديون السيادية.