مخاطر أمنية واقتصادية.. ما الخسائر الإسرائيلية من تقارب السعودية وإيران؟
لم يعد خفيًا بأن خطوة التقارب السعودي مع إيران وإعلان إعادة العلاقات أزعجت إسرائيل، على المستوى الشعبي والحكومي وقوى المعارضة، حيث أفشلت خطط تل أبيب بالنسبة للرياض.
وليس من السهل القول بأن الاتفاق يمثل ضربة قاسمة لكل الخطط التي رسمتها الحكومة الحالية والتي سبقتها لضم السعودية لاتفاقيات أبراهام، حيث يقول المراقبون إن هذه الخطوة طرحت كل المشاريع الإسرائيلية الأمنية والاقتصادية أرضًا، حيث لم يعد يمكنها بيع الأسلحة لدول الخليج تحت حجة حمايتها من تمدد النفوذ الإيراني.
ونقلت القناة 24 الإسرائيلية عن مسؤول بارز قوله إن نتنياهو لم يتفاجأ من خطوة تطبيع العلاقات بين الرياض وطهران، فيما اعتبر رئيس الوزراء الإسرائيلي السابق نفتالي بينيت أن الخطوة “انتصار سياسي” لطهران، و”ضربة قاتلة” لجهود بناء تحالف إقليمي ضد الجمهورية الإسلامية.
أزمات إسرائيلية
اعتبر الدكتور أحمد فؤاد أنور، الأكاديمي المصري، والخبير في الشؤون الإسرائيلية، أن اتفاق استئناف العلاقات الإيرانية السعودية يعد تحولا نوعيا وتاريخيا يزعج إسرائيل، بل قوبل بموجة انتقادات كبيرة من المعارضة في تل أبيب، والتي اتهمت رئيس الحكومة لديها بنيامين نتنياهو بأنه انشغل بخطته ضد القضاء، وأنه المسؤول عن عودة هذه العلاقات، فيما يزعم نتنياهو بأن الحكومة التي سبقته برئاسة يائير لابيد هي من تسببت في تلك الخطوة.
وبحسب حديثه لـ “سبوتنيك”، هناك الكثير من الخسائر التي ستتكبدها إسرائيل من وراء هذا الاتفاق، وهي أمنية واقتصادية، إضافة إلى الصورة العامة للرأي العام الإسرائيلي الذي كان يروج له منذ فترة بقرب الانفتاح الإسرائيلي على الرياض، والتعاون الاقتصادي القادم بينهما، وإمكانية أن تشملها اتفاقيات أبراهام، ضمن تنسيق أمني لمواجهة طهران.
وتابع: “نتنياهو قال إنه يخطط لتدشين قطار من حيفا إلى الرياض، وعلى النقيض تبخرت واختفت كل هذه الوعود، ولم يتم تمهيد الرأي العام الإسرائيلي لهذه الخطوة، وبأن هناك معلومات تشير إلى تقارب إيراني سعودي، ووجدت إسرائيل نفسها من الناحية الأمنية مهددة، ومحاطة بنفوذ إيران وأذرعها، فهناك علاقات طيبة الآن مع الرياض التي تطل على خليج العقبة، وحزب الله في شمال إسرائيل، وفي الجنوب قطاع غزة وحركة حماس والجهاد التي تجمعهما علاقات مباشرة مع طهران”.
وأكد أن نفوذ إيران ووجودها في سوريا والعراق بات واضحًا، حيث يمكنها أن تمد الضرر إلى إسرائيل وتزعجها، يضاف إلى تنسيق إيران الاقتصادي والأمني برعاية روسية وصينية، حيث يزعج إسرائيل تمدد النفوذ الروسي بعد أن كانت تعتقد أنه انشغل في أوكرانيا، فتجده يمد طهران بصفقة أسلحة، وبعدها تعود العلاقات مع السعودية برعاية صينية.
ولفت إلى أن الاتفاق لا يصب في صالح إسرائيل، ولا سيما وأن السعودية تحتل موقعًا متميزًا ومساحة كبيرة، ولديها إمكانيات اقتصادية هائلة، كما أنها تراجع مواقفها السابقة وتعيد تموضعها وتشتبك مع العالم اقتصاديا وثقافيا وحضاريًا، وهو أمر كانت تعول تل أبيب على الاستفادة منه في المدى القريب، فيما وجدت أن الجانب الآخر هو المستفيد ويعيد علاقاته معها.
تهديد المشاريع
بدوره اعتبر الدكتور أيمن الرقب، الخبير في الشأن الإسرائيلي، أن نجاح الجمهورية الصينية الشعبية في تحقيق التصالح بين المملكة العربية السعودية والجمهورية الإسلامية الإيرانية خطوة مهمة لجلب الهدوء في منطقة الخليج أولا، والمنطقة بشكل عام، مشيرًا إلى أن الاتفاق أزعج إسرائيلي بسبب عدة أمور؛ منها أنه سيقطع على إسرائيل مشروعها التطبيعي في المنطقة.
وبحسب حديثه لـ “سبوتنيك” فإن الاتفاق سيوقف بيع الأسلحة الإسرائيلية لدول الخليج بحجة مواجهة التهديد الإيراني، وسيوقف كذلك تجارة المعلومات الأمنية التي تبيعها إسرائيل لدول في الخليج العربية، مؤكدًا على أن الاتفاق قد يتبعه انفتاحا إيرانيا على دول خليجية أخرى، وبالتالي لن يكون لإسرائيل مجال للعمل بهدوء ضد إيران في المنطقة.
ويتوقع الرقب أن يتبع هذا الاتفاق وضع حلول للأزمة اليمنية والسورية والعراقية، وسيوقف كذلك استغلال إسرائيل لهذه المناطق للتحريض في الخليج، لافتًا إلى إمكانية إبرام – وفقا للمصالحة- اتفاقيات اقتصادية كبيرة في المنطقة، وهو ما يعطي قوة لإيران بشكل عام.
وأوضح أن حكومة نتنياهو التي تتبنى فكر زئيف جابوتنسكي ترى أن هذا الاتفاق سيوقف نهجها في المنطقة المتمثل في التطبيع مع دول الجوار، مشيرًا إلى أن انشغال نتنياهو بأزماته الداخلية وبرود العلاقات الأمريكية الإسرائيلية قد يؤجل أي دور للحكومة الإسرائيلية الحالية لإفساد هذا الاتفاق في الوقت الحالي.
ولم يستبعد الرقب إمكانية استمرار الحكومة الإسرائيلية وأجهزتها الأمنية في تنفيذ عملياتها بالعمق الإيراني وحتى الخليجي، من أجل إعادة التوتر في المنطقة بشكل عام، معتبرًا أن نجاح ذلك يعتمد على الدعم الأمريكي للحراك الإسرائيلي، خاصة أن واشنطن تعد في قائمة الخاسرين من هذا الاتفاق.
والجمعة الماضية، أصدرت كل من السعودية وإيران والصين بيانا مشتركا، أعلنت فيه الدول الثلاث قيام طهران والرياض بتوقيع اتفاقية لاستئناف العلاقات بين البلدين، برعاية من الرئيس الصيني شي جين بينغ.
وقال البيان: “تعلن الدول الثلاث توصل المملكة العربية السعودية والجمهورية الإسلامية الإيرانية إلى اتفاق يتضمن الموافقة على استئناف العلاقات الدبلوماسية بينهما وإعادة فتح سفارتيهما وممثليتاهما خلال مدة أقصاها شهران”.
وأضاف: “يتضمن (الاتفاق) تأكيدهما (البلدين) على احترام سيادة الدول وعدم التدخل في شؤونها الداخلية”.
وقطعت السعودية وإيران علاقاتها في يناير/كانون الثاني 2016، بعد تعرض سفارة الرياض لدى طهران وكذلك وقنصليتها في مدينة مشهد إلى اعتداءات احتجاجا على إعدام المملكة رجل الدين الشيعي السعودي نمر النمر، لإدانته بتهم منها الإرهاب.
إن الآراء المذكورة في هذه المقالة لا تعبر بالضرورة عن “رأي سياسي” وإنما تعبر عن رأي صاحبها حصرا