كتب محمد مفتي في صحيفة عكاظ.
قبل أسابيع من بدء الانتخابات الأمريكية كان المرشح الجمهوري دونالد ترمب حريصاً كل الحرص على انتقاء تصريحاته بعناية خلال كافة اللقاءات والتجمعات الانتخابية؛ كون هذه التصريحات لا تمثل شخصه فحسب بل تمثل حزبه الجمهوري الذي يقف من خلفه، وتأتي هذه الانتخابات الرئاسية الأمريكية في وقت حرج للغاية، حيث تعصف بالمجتمع الدولي العديد من الصراعات، بخلاف كونها تمثل تحدياً خاصاً للحزب الجمهوري الذي يعيد ترشيح رئيس أسبق تعرض لحملات شرسة من مناوئيه، غير أن تمسكهم به كان له العديد من الأسباب لعل أبرزها خبرته في التعامل مع الكثير من قادة وزعماء العالم.
من المؤكد أن منطقة الشرق الأوسط تمثل تحدياً مهماً حيث تفرض نفسها على أجندة كل رئيس أمريكي، لكونها أحد أهم النقاط الساخنة في ساحة السياسة الدولية، وخلال كافة الحوارات التي دارت مع الرئيس ترمب خلال فترة حملته الانتخابية ظهر الرئيس ترمب كعادته حازماً صارماً ولم يَسْعَ بأي صورة من الصور لتملّق أي شخص أو طرف، فهذه ليست طبيعته وهو ليس بحاجة للمجاملة أو التملّق، ولعل هذا الأمر تحديداً هو أحد العوامل المهمة التي أدّت لنجاحه في الانتخابات الأخيرة، فالرجل اكتسب شعبية جارفة بسبب صراحته التامة وقدرته على معرفة ما يريده بالضبط، ومن ثم تحديد سياساته وتنفيذها بغاية الدقة والصرامة.
قبيل بدء الانتخابات الرئاسية وفي أحد لقاءاته صرح الرئيس ترمب برأيه في الأمير محمد بن سلمان قائلاً إن الأمير الشاب يقود بلاده محققاً إنجازات هائلة يخوض خلالها تحديات عديدة بشجاعة ملموسة، محققاً نجاحات غير مسبوقة، ثم أعلنها صراحة بأن ولي العهد «رجل رائع» ولذا فهو يسعى للتعاون معه، ورأي الرئيس ترمب المتعلق بسياسات الأمير الشاب الداخلية والخارجية ليس الوحيد من نوعه، فالأمير الشاب تمكن من أن يظهر للعالم المكانة الحقيقية للمملكة العربية السعودية وجعلها في مصاف الدول على نحو يتكافأ مع وزنها وثقلها الديني والسياسي والاقتصادي.
وعلى الرغم من أننا كمواطنين سعوديين لسنا بحاجة إلى تصريحات الرئيس المنتخب ترمب بشأن الإنجازات التي تحققها المملكة، فنحن نعيش هذه الإنجازات يوماً بعد يوم ونعلم تماماً حجمها ونتائجها الإيجابية، غير أن شهادة رئيس دولة عظمى مثل الولايات المتحدة، يتميز بكونه شخصية حادة وحازمة لا تعرف المراوغة لأي طرف آخر تعطينا المزيد من الثقة في أن المملكة أصبحت محل اهتمام الكثير من زعماء العالم، كما يؤكد لنا أن ما تم تحقيقه من إنجازات بلغ صداه غالبية دول العالم.
لم تكن شهادة الرئيس ترمب الأولى من نوعها في ما يتعلق بالإشادة بإنجازات المملكة وقيادتها الحكيمة، فقد سبق أن أظهر الرئيس الروسي بوتين في العديد من المناسبات المختلفة إعجابه بولي العهد، مصرحاً بأن الأمير محمد يعلم جيداً ماذا يريد ويعرف تمام المعرفة كيف يحقق أهدافه وكيف يقود بلاده إلى مصاف الدول المتقدمة ويجعلها تحتل المكانة الحقيقية التي تستحقها، وقبل أيام فقط أشاد الرئيس الروسي بوتين بقوة نفوذ المملكة في مجال الطاقة التي يُعد إسهامها فيه ضخماً بكل المقاييس، مؤكداً على أن كلمة واحدة من ولي العهد قادرة على التأثير في سوق النفط تأثيراً ملموساً.
من الملاحظ أن علاقة المملكة بالدول العظمى تمر بأفضل حالاتها في الوقت الراهن، فعلى سبيل المثال عندما زار الرئيس بوتين المملكة العربية السعودية أعلن صراحة دعم بلاده لجهود المملكة الحثيثة في إقرار السلام إقليمياً ودولياً، كما أثنى على دور الأمير محمد بن سلمان في إنجاز صفقة تبادل السجناء التي تمت بين روسيا والولايات المتحدة، وهو ما يؤكد على المكانة المتزايدة التي باتت تحتلها المملكة كوسيط دولي موثوق، يتميز بالرصانة والقدرة على تحقيق التوازن ويحوز ثقة كافة الأطراف التي تثق تمام الثقة في قدرته على الحكم بموضوعية والتصرف وفقاً لذلك بحكمة ملحوظة.
لا شك أن شهادتَي الرئيس الأمريكي ترمب والرئيس الروسي بوتين ليستا الوحيدتين من نوعهما في ما يتعلق بالإشادة والثناء على الإنجازات التي قام بتحقيقها ولي العهد، فولي العهد تربطه علاقات وثيقة بالعديد من زعماء ورؤساء العالم شرقاً وغرباً، ولعل نهجه في إقرار السلام والاستقرار في ربوع المنطقة وترسيخ العلاقات مع جميع الدول قد وجد ترحيباً إقليمياً ودولياً، كما أن جهود الأمير الشاب على الصعيد الداخلي في ما يتعلق بمكافحة الفساد وتطوير البنى التحتية تتكامل مع جهودة الخارجية لتُمكّن المملكة من أن تحتل مكانتها التي تستحقها.