محمد الصباح ما زال جديداً… ولا مجاعة حتى نشد على البطون

كتب حسن علي كرم في صحيفة السياسة.
لم يسخن حتى هذا اليوم سمو رئيس مجلس الوزراء الشيخ الدكتور محمد صباح السالم مقعده في مجلس الوزراء، لكن يبدو أن الناس، أو بعضهم يرون ما إن يجلس المسؤول على مقعده حتى تفتحت أمامه كل الطاقات، وما عليه إلا ليأمر فيطاع، صارفين النظر عن أن المسؤول إن كبر منصبه او صغر يبقى مسؤولا خاضعاً للقوانين واللوائح والمراسيم وغير ذلك من المعطيات، الميزانيات مثالاً.
لقد انتهى زمن يا غلام اصرف مئة الف درهم لفلان، او اذهب الى بيت المال وخذ ما تشاء، يا سادة الكويت دولة تخضع لدستور وقوانين وحكومة وبرلمان ووزارات وميزانيات سنوية ودوائر محاسبية، هذا بخلاف مجلس تخطيط وديوان محاسبة ومجلس بلدي ولجنة مناقصات، اي دولة ذات دوائر متعددة ومعقدة وشديدة الحذر من الوقوع في ما لا يتمناه المسؤول.
من هنا لا ينبغي ان يغيب عن بالنا ان رئيس مجلس الوزراء في نهاية المطاف موظف عام، بل لعل مسؤوليات رئيس مجلس الوزراء ينطبق عليه المثل القائل لا تكن رأساً فتتعب، وأشهد ان كل رؤساء الوزراء منذ بدء النظام البرلماني والرقابة والمحاسبة الشعبية، لو يعود اليهم الامر لما قبلوا بالمنصب ولا خضعوا للفاضي والرعاع يهاجمونهم، ويسمعونهم كلمات مسمومة لا تليق بالشخص العادي، فما بال من كان مسؤولا!
الهجوم المباغت وفي غير توقيته عبر وسائل التواصل الاجتماعي الذي انهال متضمناً تعليقات جاهلة ومستفزة لا تليق لا برئيس مجلس الوزراء، ولا حتى بشخص عادي، يعني انه وصل الامر بالسفهاء وقلة الادب حتى يفرغوا ما بجوفهم من القذارة على مسؤول قبل بمنصب لم يرغب به آخرون، وهو غير راغب.
لعلي وبصراحة لا افهم ماذا دهى هؤلاء الخفافيش كي يوجهوا سمومهم لمسؤول لا يزال لم يتعرف على مواقع الوزارات والمباني الحكومية، وعناوينها، بل لم يتعرف حتى على موظفي مجلس الوزراء بذريعة قرار تأجيل علاوة غلاء المعيشة، هل هذا مبرر كاف حتى تمطر عليه وابلا من السموم المدفوعة الثمن؟
فهل مغردو السموم حقاً صادقون في تغريداتهم ام لكل تغريدة ثمن، او هل الكويتيون قد أهلكهم الجوع كونهم عاجزين عن شراء احتياجاتهم جراء ارتفاع الاسعار ونفاد الراتب؟
الكويت بخير وسوف تبقى بخير، ما بقيت هذه الارض المباركة، انظر الى بلدان قريبة وبعيدة يعيشون على الكفاف، بل الى حد المجاعة، ولم نسمع منهم أنات ولا آهات، ولا دعوات على حكوماتهم، فهل نحن اكثر جوعاً من هؤلاء؟
الرواتب والمعاشات عندنا أعلى بالمقارنة عن كل البلدان المجاورة، رغم وجود التضخم، لكنه لا يشكل حملاً على كاهل المواطن، واسعار السلع الضرورية في حدود المعقول، هذا مع العلم تكفل الحكومة تأمين السلع الضرورية، وغير الضرورية، وبأسعار رخيصة، لكن المشكلة ان هؤلاء لا يجيدون تنظيم حياتهم المعيشية او يحتاجون الى ضخ الاموال والزيادات للسفر والبذخ والسهرات في المقاهي، والمطاعم، والملاهي في الخارج.
مواطن يقبض ألفي دينار راتبا شهريا، لكنه يشكو من عدم كفاية الراتب، ما هذه الافواه الواسعة التي تشكو المجاعة وتطلب من الحكومة التعويض؟
إن مسألة غلاء المعيشة مناسبة جيدة لفرز المجتمع، وتحديد الغني من محدودي الدخل، فالضريبة على الاغنياء باتت مطلوبة، ومفهوم المساواة لدينا بحاجة إلى إعادة نظر، وينبغي على الاغنياء دفع ضرائب على مداخيلهم، فهم يجمعون ملايينهم من جيوب الفقراء، وحان فرض الجباية على الطبقة الغنية واصحاب الدخول العالية والشركات المتعددة الجنسيات.
خلاصة القول إن مجلس وزراء د.محمد صباح السالم لم يرفض تحسين المعيشة، لكنه يحتاج الى دراسة تشبع الفقير، ولا تظلم الغني، ينبغي ان ينظر كلٌ الى ما تحت قدمه، هناك اغنياء ثرواتهم تملأ بلداً، وهناك اخرون بالكاد تغطي رواتبهم حاجاتهم الاساسية، فهل من العدالة مساواة الاغنياء بالفقراء، ام ينبغي مراجعة المداخيل وايلاء الاحتياجات المعيشية وفقاً لمنظور العدالة الاجتماعية خاصة النظر الى فئات محدودي الدخل وذوي الرواتب المتدنية، وحصر المواد التموينية عليهم حصراً، لا تولولوا ولا تضربوا كفاً بكف، ولا تشدوا شعركم، او تهيلوا التراب على رؤوسكم، فالكويت بخير وخيرها يغطي العالم.