محاولة هجرة جماعية تعيد فتح ملف البطالة في المغرب
أعادت محاولة مراهقين وشباب مغاربة الهجرة جماعياً بطريقة غير شرعية لأوروبا، إلى الواجهة تقارير تدقّ بياناتها ناقوس الخطر حول وضعية تلك الفئة من السكان التي تعاني من صعوبات في الحصول على فرص عمل في سياق متسم بضعف النمو الاقتصادي.
ويرفع ما حدث في نهاية الأسبوع الأخير الضغط على الحكومة التي أعلنت عن سعيها إلى جعل مسألة محاصرة البطالة وتوفير فرص العمل أولوية أساسية في خططها في النصف الثاني من ولايتها.
وراهنت الحكومة عند توليها تدبير الشأن العام بالمغرب على توفير مليون فرصة عمل على مدى خمسة أعوام بمعدل ألف فرصة عمل في العام، إلا أن النمو الاقتصادي الضعيف والهش، دفعها إلى السعي لخلق فرص مؤقتة عبر برنامجي “فرصة” و”أوراش”.
ولم يفلح المغرب في الأعوام الأخيرة في بلوغ معدل نمو اقتصادي قوي يوفر فرص عمل، تستوعب جزءاً كبيراً من الشباب المقبل على سوق الشغل، حيث لم يتجاوز في المتوسط 3%، في الوقت الذي أوصى النموذج التنموي بنقله إلى 6%.
ويؤكد الاقتصادي المغربي علي بوطيبة، في حديثه لـ”العربي الجديد” ضرورة أن يشكل الشباب، بشكل عام، أولوية في السياسات العمومية، بما يفضي إلى منحهم آفاقاً تجعلهم يسعون إلى تحقيق آمالهم في المستقبل، بعيداً عن المخاطر التي يمكن أن تنجم عن الهجرة بطريقة غير مشروعة.
ويشير إلى أنه يفترض إعادة مساءلة السياسات العمومية التي تسترشد بها الحكومة ومدى استجابتها لاحتياجات الشباب، الذي يجد صعوبة كبيرة في الحصول على فرص عمل، أو التوفر على تدريب يتيح له الانخراط في سوق العمل، الذي ينشطه، بشكل خاص، القطاع غير الرسمي.
وتستحضر مؤسسات محلية ودولية وزن الشباب المتراوحة أعمارهم بين 15 و24 عاماً، فهم يمثلون 16% من السكان القانونيين بالمغرب، أي ما يناهز 6.1 ملايين فرد، حسب الإحصاء العام الذي أجري قبل عشرة أعوام، علماً أن المندوبية السامية للتخطيط الحكومية تتوقع أن يرتفع عددهم إلى 6.3 ملايين فرد في 2023.
بطالة المغرب
ويقترن ضعف المشاركة في سوق الشغل من قبل الشباب، بمعدل التوظيف الذي يقتصر على 16.1%، ومعدل بطالة مرتفع يصل إلى 31.2% بين تلك الفئة، أي بنحو 2.5 مرة المعدل الوطني للبطالة البالغ 13.1%.
ويؤجج اتساع البطالة قلق الأسر التي تترقب 82.8% منها في بحث مؤشر ثقة الأسر الذي تصدره المندوبية السامية للتخطيط، أن يرتفع معدل البطالة في الاثني عشر شهراً المقبلة في المغرب.
وقد لاحظ محافظ بنك المغرب، عبد اللطيف الجواهري، في التقرير السنوي، الذي نشر في نهاية يوليو/ تموز الماضي، عند تناول التشغيل برسم العام الماضي، أنه أمام انعدام فرص العمل، انسحب جزء من السكان النشيطين من سوق العمل، مما أفضى إلى تراجع جديد في معدل النشاط إلى 43.6%.
وسجل أن ربع الشباب المتراوحة أعمارهم بين 15 و24 عاماً لا يعملون ولا يدرسون ولا يتابعون أي تكوين، ملاحظاً في الوقت نفسه أن بعض الكفاءات المغربية معرضة للاستقطاب من قبل بلدان متقدمة.
ويعيد ما حدث في نهاية الأسبوع الماضي، طرح وضعية الشباب الذين لا يمارسون عملاً ولا يتابعون تدريباً فنياً ولا يدرسون، حيث إن هؤلاء الشباب الذين لا تتوافر لديهم خبرة مهنية ولا ينخرطون في برنامج دراسي، يشكلون هدراً لإمكانيات اقتصادية، بل إن تلك الوضعية تؤثر بأولئك الشباب الذين يصبح آفاق إدماجهم في سوق العمل أكثر صعوبة.