مجلس التعاون الخليجي: 44 عاماً من وحدة الهدف والمصير المشترك

أقامت الأمانة العامة لمجلس التعاون لدول الخليج العربية، الليلة قبل الماضية بمقرها في مدينة الرياض، حفلاً بمناسبة الذكرى الرابعة والأربعين لتأسيس المجلس، حضره الأمير فيصل بن بندر بن عبدالعزيز أمير منطقة الرياض، وجاسم محمد البديوي الأمين العام لمجلس التعاون لدول الخليج العربية، وعدد من منسوبي الأمانة.
وفي مستهل الحفل، ألقى عبدالرحمن بداح المطيري وزير الإعلام والثقافة ووزير الدولة لشؤون الشباب بدولة الكويت ممثل دولة الرئاسة، كلمة بهذه المناسبة قدم فيها التهاني والتبريكات إلى أصحاب الجلالة والسمو قادة دول مجلس التعاون لدول الخليج العربية «حفظهم الله» بمناسبة مرور 44 عاماً على إنشاء مجلس التعاون الخليجي، وقال «نستحضر من خلال هذه المناسبة ما تحمله مسيرة المجلس من تاريخ ثري وتعاون استراتيجي وتطور متواصل، هذه المسيرة الزاخرة بالرؤى الطموحة والإنجازات الإستراتيجية التي رسخت مكانة المجلس كمنظومة إقليمية رائدة تسعى إلى المستقبل بروح الوحدة والتكامل، وتستند إلى إرث من التلاحم والتعاون المشترك». وأضاف أن تأسيس مجلس التعاون يعد تتويجاً لرؤية استراتيجية تبناها قادة دولنا، قوامها وحدة الهدف والمصير المشترك والإيمان التكامل لمواجهة التحديات وتعزيز المكتسبات التنموية.
وقال جاسم محمد البديوي الأمين العام لمجلس التعاون لدول الخليج العربية، في كلمته، «إن احتفالنا بمرور 44 عاماً على انطلاق مسيرة مجلس التعاون المباركة، نستحضر من خلالها وبكل فخر ووفاء الرؤية الثاقبة للقادة المؤسسين»رحمهم الله«الذين وضعوا الأساس المتين لهذا الكيان الشامخ، مستندين به على عمق الروابط الأخوية، ووحدة المصير، والتاريخ المشترك بين شعوبهم، وواصل القادة الحاليون «حفظهم الله ورعاهم» هذه المسيرة بعزم لا يلين، واضعين نصب أعينهم، تعزيز أواصر الأخوّة التي تربط بين شعوبهم، وترسيخ دعائم العمل الخليجي المشترك، بما يعود بالخير والنماء على دولهم وشعوبهم. وأكد البديوي أنه رغم كل التحديات والمتغيرات الإقليمية والدولية، ظلت مسيرة مجلس التعاون مثالاً يُحتذى به في وحدة الصف، والتكامل الفاعل، والتعاون البنّاء، حتى غدت نموذجاً رائداً على المستويين الإقليمي والدولي، وعلى جميع الصعد ومختلف المجالات.
يذكر أن أبوظبي، كانت مهد التأسيس، حيث عقد على أرضها مهد القمم وانبثق فجر الوحدة الخليجية. وليست هذه المناسبة مجرد تاريخ يُحتفى به، بل هي شاهد على مسيرة استثنائية من التلاحم والتكامل، انطلقت شرارتها الأولى في الخامس والعشرين من مايو 1981، حين أعلنت أبوظبي رسمياً ميلاد هذا الصرح الإقليمي، واضعة اللبنة الأولى في بنيان يهدف إلى تحقيق التنسيق والتكامل والترابط، وصولاً إلى الوحدة المنشودة. ولم يكن تأسيس المجلس مجرد استجابة لظروف راهنة، بل كان تجسيداً لإدراك عميق من قادة دول الخليج «رحمهم الله وأمدّ في أعمار الحاضرين منهم» بما يجمع شعوبهم من روابط الدين والتاريخ والمصير المشترك، ورغبة صادقة في تحويل حلم الأجيال إلى واقع ملموس، وتشييد حصن منيع يعزز الهوية الخليجية ويواكب تطلعات المستقبل. على مدار أربعة وأربعين عاماً، وبفضل حكمة وتوجيهات أصحاب الجلالة والسمو قادة دول المجلس، تحول الحلم إلى مؤسسة شامخة، ضاربة جذورها في عمق التاريخ والجغرافيا، تستلهم من إرث الأخوّة وقوة الروابط، لتصبح نموذجاً يُحتذى به للتكامل الإقليمي، مسيرة حافلة بالإنجازات، من السوق الخليجية المشتركة والاتحاد الجمركي، مروراً بالربط الكهربائي وتنسيق الإستراتيجيات الدفاعية والبترولية، وصولاً إلى تعزيز حرية تنقل المواطنين وتنمية التجارة البينية التي تجاوزت 131 مليار دولار في عام 2023، فيما ناهز حجم التجارة الخارجية 1.5 تريليون دولار، مما يعكس الدور المحوري لدول المجلس كقوة اقتصادية عالمية مؤثرة تمتلك نحو 4.4 تريليون دولار كأصول في صناديقها السيادية. واليوم، إذ يحتفي المجلس بعامه الرابع والأربعين، فإنه يقف كأنجح تجربة تكاملية في المنطقة، وركيزة أساسية للأمن والاستقرار، وصوت للحكمة والاتزان. (وام)